المعارضة السورية: جنيف أساس الحوار

64
شككت قوى المعارضة السورية في إمكانية التزام نظام الأسد بتنفيذ اتفاق تجميد القتال في حلب وفقا لخطة المبعوث الأممي لسوريا ستيفان دي ميستورا، مشيرة إلى أن النظام السوري مستمر في قصف المدنيين بالبراميل المتفجرة، وأن وعوده بتجميد القتال لمدة 6 أسابيع هي أقوال مضللة. وحسم «الجيش الحر» موقفه الرافض من الخطة، فيما لا يزال الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة بانتظار الحصول على تفاصيل الخطة، مكتوبة، مع تأكيده أن النظام السوري لا يمكن يقدم كشريك في أي حل سياسي.
وأعربت قوى المعارضة السورية عن مخاوفها من عدم التزام الأسد باتفاق تجميد القتال وأشارت أن الحكم على التزام الحكومة السورية بالاتفاق يتوقف على الإجراءات والأفعال وليس الكلمات والوعود. وأبدى عدد من نشطاء المعارضة السورية مخاوف من أن تستغل حكومة الرئيس بشار الأسد تجميد القتال لإعادة نشر قوات الجيش في أماكن متفرقة في حلب وخارجها، وتساءل ممثلو المعارضة عن موقف حكومة الأسد من مسلحي تنظيم داعش التي تسيطر على أنحاء متفرقة من حلب.
وقال نجيب الغضبان عضو الائتلاف السوري المعارض، إن «التزام نظام الأسد مع أي مقترحات من هذا القبيل سيتم الحكم عليها من خلال الأفعال وليس العبارات، وحتى الآن فإن أفعال النظام السوري لم تكن سوى أفعال وحشية وإرهابية».
كان مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا ستيفان دي ميستورا قد ألقى بإفادته حول محادثاته مع النظام السوري مساء الثلاثاء الماضي للدول الأعضاء في مجلس الأمن. وأكد موافقة الأسد على خطة تجميد القتال في مدينة حلب لمدة 6 أسابيع، لكنه لم يستطع توضيح الوقت المحدد ليصبح اتفاق وقف القتال نافذا. وأكد دي ميستورا على إمكانية التوصل لحل سياسي للأزمة في سوريا المستمرة منذ 4 سنوات.
وجاء تأكيد دي ميستورا حول مواقف الأسد وموافقته لوقت القتال ليعطي بصيصا من الأمل لوقف القتال بما يسمح لمنظمات الإغاثة بتوصيل المساعدات الإنسانية للسوريين في أنحاء مختلفة من سوريا، كما يمهد لخطوات تالية لخلق مناخ سياسي موات لإقناع طرفي الصراع في سوريا بالحوار والتوصل إلى حل سلمي للأزمة.
وقال دي ميستورا للصحافيين عقب الجلسة: «أوضحت لأعضاء مجلس الأمن أن السلطات السورية قد أشارت لي باستعدادها لوقف كافة عمليات القصف الجوي والقصف المدفعي لفترة 6 أسابيع في كل مكان في مدينة حلب، ويبدأ من التاريخ الذي سوف نعلنه خلال زيارتي القادمة لدمشق»، مشيرا إلى أنه سيعود إلى سوريا في فترة قريبة، من دون أن يحدد الموعد.
وأضاف: «دعونا نكون صرحاء ليس لدي أي أوهام لأنه بناء على التجارب السابقة فإن تحقيق هذا (تجميد القتال) سيكون مهمة صعبة وفي كل مرة كان هناك اقتراح لوقف إطلاق النار في الماضي كان هناك نوع من تصاعد أعمال العنف، وأنا قلق من إمكانية أن يكون هذا هو الحال، لكن الحقائق تشير إلى أنه إذا استطعنا تنفيذ تجميد القتال فإننا يمكننا تكراره في أماكن أخرى».
وفي إجاباته لأسئلة أعضاء مجلس الأمن، أشار دي ميستورا إلى أنه يتوقع أيضا أن تلتزم قوى المعارضة بتجميد القتال ووقف إطلاق قذائف الموتر والصواريخ.
ولفت دي ميستورا إلى أنه طلب من النظام السوري أيضا «تسهيل وصول بعثة للأمم المتحدة»، مهمتها اختيار «قطاع في حلب» ليكون اختبارا لوقف القتال.
وفي هذا الإطار، قال نائب رئيس الائتلاف هشام مروة: «ننظر بإيجابية لأي محاولة لحل سياسي في سوريا لوقف القتل وإنهاء الأزمة، لكن المشكلة تكمن في عدم مصداقية النظام في الالتزام بمبادرات كهذه». وأوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لو كان النظام جديا لكان تم اختيار مناطق محاصرة أخرى غير حلب، في حمص أو الغوطة أو في قلب دمشق مثل مخيم اليرموك».
وأشار مروة إلى أن المعارضة، لم تتلق لغاية الآن أي خطة مكتوبة من قبل المبعوث الدولي رغم أنها كانت قد طالبت بها مرات عدة، مضيفا: «لا يتصرف بطريقة مهنية ويبدو أنه يبحث عمن يقبل بطرحه وإحداث خرق ما ليرمي الكرة في ملعب الطرف الآخر». ولفت مروة إلى أن بنود الخطة المتداولة تنص بشكل أساسي على وقف القتال بين الطرفين وإخلاء المرضى والمصابين وإيصال المساعدات على أن يحافظ كل طرف على مواقعه، على أن تنسحب على مناطق أخرى إذا حققت نجاحا، وهو ما يفسر وفق مروة شن النظام معركة حلب الأخيرة، في محاولة منه لتحقيق المزيد من المكاسب في حال بدأ تنفيذ الخطة.
ونفى مروة إمكانية تدخل قوات محايدة، معتبرا أن أمرا كهذا سيؤدي إلى تكريس أمر واقع وليس تطبيق لقرارات دولية.
من جهته، ذكر رامي دالاتي، عضو المجلس الأعلى للقيادة العسكرية في الجيش الحر، بقرار مجلس قيادة الثورة الذي أعلن عنه قبل أيام وقرر بفصائله مجتمعة رفض اللقاء مع المبعوث الأممي لمواقفه غير النزيهة تجاه ثورة الشعب السوري»، وفق ما جاء في بيان عنه. وقال الدالاتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا معنيين بأي خطة جزئية لوقف إطلاق النار، ولن نتفاوض مع المبعوث الدولي الذي لا نعتبره وسيطا محايدا». وأوضح: «حل جزئي كهذا، يمكننا القيام به كما حصل قبل ذلك أكثر من مرة مع النظام، ولا يتطلب تدخل وسيط دولي». وأضاف: «يذهب دي ميستورا إلى النظام ويتفاوض معه بخطة مكتوبة ومفصلة فيما يأتي إلينا ليقدم حلا نظريا، بعيدا عن أية ضمانات لتنفيذ هذه الاقتراحات».
كذلك، قال الناطق الرسمي باسم الائتلاف سالم مسلط، إن «الائتلاف يؤكد على ضرورة الحل السياسي كسبيل لتحقيق مطالب الثورة السورية، على أن يكون هذا الحل جذريا وشاملا لكل المناطق ورادعا لإجرام الأسد بحق المدنيين، كما نطالب مجلس الأمن بإصدار قرار تحت الفصل السابع يشكل إلزاما حقيقيا للنظام ويفرض حلا عادلا، ويشمل خطوات فورية تضمن حماية المدنيين في سوريا بما يتوافق مع قانون الدولي».
وأضاف: «ما انفك نظام اﻷسد على مدى 4 أعوام يخرق جميع الهدن والاتفاقات التي أبرمها مع الثوار في مناطق مختلفة، وبحضور جهات دولية، ومنها ما جرى أخيرا في حي الوعر بحمص عندما أطلقت قوات الأسد قذائف هاون على عربات اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي كانت تقوم بمهمة إجلاء المدنيين».
ورأى المسلط أن الحملات العسكرية المتتالية التي يشنها النظام، تقدم المعنى الحقيقي لتلك الموافقة، وتعرف مفهوم تجميد الصراع في قاموس النظام.
مع العلم، أن المبعوث الدولي أقر بأن تطبيق هذه الخطة سيكون «صعبا» بالنظر إلى الهدنات الكثيرة السابقة التي لم تصمد، موضحا: «ليست لدي أي أوهام ولكن هذه بارقة أمل»، لافتا إلى أن «الهدف هو تجنب سقوط أكبر عدد ممكن من المدنيين» بانتظار التوصل إلى حل سياسي.
وتتقاسم السيطرة على مدينة حلب منذ يوليو (تموز) 2012 القوات النظامية (في الغرب) وقوى المعارضة (في الشرق).
كذلك فان دي ميستورا المكلف منذ يوليو 2014 بمهمة إيجاد حل، حرص في إحاطته أمام مجلس الأمن، وفي تصريحه أمام الصحافيين لاحقا، على توضيح التصريح المثير للجدل الذي أدلى به الجمعة في فيينا وربط فيه بين الأسد وإنهاء النزاع. موضحا أن ما قصده بقوله «الرئيس الأسد جزء من الحل»، هو أن «الحكومة السورية التي تمتلك قدرات جوية ومدفعية، عليها أن تشارك في أي حل يمكن أن يحد من أعمال العنف ضد السكان المدنيين»، مؤكدا أنه لم يقصد مطلقا استشراف دور الرئيس السوري في أي تسوية سلمية للنزاع.