المعارضة تسترجع مواقع في حلب… وروسيا تُثبت «قاعدة عسكرية دائمة» في طرطوس
تتواصل المعارك بين فصائل المعارضة السورية والقوات النظامية في مدينة حلب (شمال البلاد)، في ظل انسداد الأفق الديبلوماسي، فيما أعلنت موسكو الاثنين عزمها تحويل منشآتها العسكرية في مدينة طرطوس الساحلية إلى «قاعدة عسكرية دائمة».
ونقلت وكالة «فرانس برس» عن مراسلها في أحياء شرق حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، إن الاشتباكات استمرت على محاور عدة وتركزت في حي بستان الباشا (وسط) وحي الشيخ سعيد (جنوب) وحيي الصاخور وكرم الجبل (شرق). وأضاف المراسل أن المعارك ترافقت مع قصف جوي عنيف على مناطق الاشتباك استمر طوال الليل، كما تعرضت أحياء أخرى في المنطقة الشرقية لقصف جوي ومدفعي محدود.
أما «المرصد السوري لحقوق الإنسان» فتحدث عن «معارك كر وفر» بين القوات النظامية والمسلحين الموالين لها من طرف، والفصائل من طرف آخر، في محاور عدة بمدينة حلب، مشيراً إلى اشتباكات عنيفة دارت بين الطرفين على محور الشيخ سعيد «وسط تقدم للفصائل ومعلومات أولية عن استعادة سيطرتها على نقاط في أطراف الحي، بالتزامن مع استهداف الفصائل عربتين مدرعتين لقوات النظام في المنطقة، ما أسفر عن إعطابهما ومعلومات عن خسائر بشرية» في صفوف الجيش النظامي، فيما سقط للمعارضة قتيل واحد على الأقل. وتابع أن اشتباكات دارت أيضاً في «محيط منطقة دوّار بعيدين بمدينة حلب، بالتزامن مع اشتباكات متجددة بين الطرفين في أطراف حي بستان باشا، ترافقت مع اشتباكات… في محيط ثكنة هنانو بمدينة حلب».
وتنفّذ القوات النظامية السورية هجوماً على الأحياء الشرقية في حلب منذ 22 أيلول (سبتمبر). وحققت منذ ذلك الوقت تقدماً بطيئاً على جبهات عدة، وتمكنت السبت من السيطرة على منطقة العويجة ودوار الجندول في شمال المدينة، وباتت تشرف بالنتيجة على أحياء عدة في الجهة الشمالية. وأعلنت «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم «القاعدة») «استعادة السيطرة على نقاط عدة» كان الجيش السوري تقدم فيها في حي بستان الباشا.
ومنذ بدء الهجوم قبل أكثر من أسبوعين، قُتل أكثر من 290 شخصاً، بينهم 57 طفلاً، في غارات جوية روسية وسورية وقصف مدفعي لقوات النظام على الأحياء الشرقية. وترد الفصائل المعارضة بإطلاق قذائف على الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة النظام. ووثّق «المرصد» السوري مقتل أكثر من «50 شخصاً بينهم تسعة أطفال» جراء قصف الأحياء الغربية.
ودفع سكان مدينة حلب ثمناً باهظاً للنزاع بعدما باتوا مقسمين بين أحياء المدينة. ويقطن أكثر من 250 ألفاً في الأحياء الشرقية ونحو مليون و200 ألف آخرين في الأحياء الغربية.
وتشكّل حلب محور الجهود الديبلوماسية حول سورية، إلا أن اجتماعاً لمجلس الأمن السبت أبرز الانقسام بين روسيا والدول الغربية حول سورية وحلب تحديداً. واستخدمت روسيا، الداعم الرئيسي لدمشق، حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار اقترحته فرنسا يدعو إلى وقف إطلاق النار في حلب ووقف فوري للقصف الجوي على المدينة. وبعيد ذلك، رفض مجلس الأمن مشروع قرار روسي يدعو إلى وقف الأعمال القتالية من دون ذكر للغارات.
وأعلن نائب وزير الدفاع الروسي نيكولاي بانكوف الاثنين أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الدوما أن بلاده تعتزم تحويل منشآتها العسكرية المستأجرة في مدينة طرطوس الساحلية إلى «قاعدة بحرية دائمة». وتصريح بانكوف هو أحدث إشارة إلى أن موسكو تريد توسيع تواجدها العسكري في سورية حيث تساعد الرئيس بشار الأسد في قتال معارضيه منذ 2015. ونشرت موسكو الأسبوع الماضي صواريخ «أس-300» في طرطوس.
وقال بانكوف لأعضاء مجلس الاتحاد (مجلس الشيوخ الروسي): «ستكون لدينا قاعدة بحرية دائمة في طرطوس». وأضاف: «يجري بالفعل تحضير الوثائق المطلوبة والحصول على موافقات من جهات مختلفة. ونأمل أن نطلب منكم التصديق على هذه الوثائق قريباً».
وقال إيغور موروزوف أحد أعضاء المجلس لوكالة الإعلام الروسية إن القرار سيمكّن روسيا من تشغيل المزيد من السفن في البحر المتوسط إذ ستكون لديها منشأة يمكن من خلالها التزود بالوقود والإمدادات. وقال موروزوف: «بقيامها بذلك لا تعزز روسيا قدراتها العسكرية في سورية فقط بل في الشرق الأوسط برمته وفي منطقة البحر المتوسط بكاملها». ولدى روسيا بالفعل قاعدة جوية في حميميم في محافظة اللاذقية في سورية تنطلق منها ضرباتها الجوية على معارضي الأسد.
وورثت روسيا منشأة بحرية في طرطوس كانت موجودة منذ العهد السوفياتي عند انهياره في عام 1991 لتصبح موطئ القدم الوحيد لموسكو في منطقة البحر المتوسط. وعلى رغم تحديثها ما زالت إمكاناتها متواضعة وغير قادرة على خدمة سفن حربية أكبر حجماً. وأرسلت موسكو الأسبوع الماضي ثلاث سفن تحمل صواريخ لتعزيز قواتها البحرية قبالة السواحل السورية.
وفي خصوص التطورات الميدانية الأخرى في سورية، قال «المرصد» إن معارك متواصلة تدور بين القوات النظامية، من جهة، و «جبهة فتح الشام» وفصائل أخرى، من جهة أخرى، في محاور عدة بريف حماة الشمالي الشرقي، «وسط تقدم للفصائل واستعادة سيطرتها على منطقة حاجز السعدو بريف حماة الشمالي الشرقي». وكان «المرصد» ذكر قبل ذلك أن القوات النظامية تمكنت من استعادة السيطرة على بلدتي معان والكبارية بريف حماة الشمالي الشرقي، وأجزاء من قرية كوكب بالريف ذاته، عقب هجومها المتواصل على المنطقة. لكن المعارضة تمكنت لاحقاً من طرد القوات النظامية من معان.
المصدر : الحياة