النظام لا يرغب في عودة اللاجئين… تنكيل بالعائدين

719

كشفت لجنة التحقيق الدولية بشأن سورية، أن انتهاكات قوات النظام السوري تحول دون عودة اللاجئين السوريين بشكل آمِن إلى سورية، متطرقة إلى حملة الاعتقالات التي استهدفت لاجئين سوريين عادوا من دول الجوار من بينهم أطفال.

وأكدت اللجنة أن السوريين لا زالوا يعانون من استمرار الانتهاكات والاعتداءات المتصلة بحقوق الإنسان، وتدهور الوضع الاقتصادي.

وتعليقا على ذلك، قال الحقوقي السوري فاتح جاموس، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّه من المؤسف أنّ تتحوّل قضية اللاجئين السوريين إلى قضية استثمار سياسي عالي المستوى، لافتا إلى أنّها ستبقى هكذا طالما أنّ الصراع الرئيسي بين الطرفين قائما على الأسباب القصوية أي صراع كسر العظم.

وعن دور المجتمع الدولي، اعتبر جاموس أنّ الحلف أو الصف الفاشي والدولي الداعم له تحديدا تركيا وأمريكا لهما دور حاسم في تعقيد القضية وتسييسها عبر التشدد بضرورة ربط قضية اللاجئين بشروط سياسية.

وعن تناسي شروط العودة المطروحة ، أكد محدثنا أنّ حجة الشرط الأمني بحدّ ذاتها ليس السبب المانع في الحل، فمن البداهة بمكان أن هناك ملفات تتعلق بالخدمة الإلزامية وملفات أمنية أخرى لا بد من إغلاقها من جهة السلطة لتصبح القضية بين حل إداري أنساني وحضاري أو مؤسساتي قمعي..

وتابع: لكن ما يخيف السلطة ويجعلها قلقة جدا وحذرة ومتشددة هو رفض الطرف الآخر في الصراع أي تهيئة جدية في الشروط الاقتصادية والمعيشية والتشدد في تمرير المساعدات الإنسانية عبر المؤسسات الدولية وفوق ذلك الربط ببعض شروط التسوية السياسية وبطبيعة الحال سيبدو الأمر كقنبلة موقوتة لم ولن يوافق عليها النظام، والشرط الاقتصادي والحلول الناجعة هي حتما بيد الصف الأمريكي خاصة الخليجي..”.

وتساءل عن مدى حيادية لجنة التحقيق وصدقها مع عنوانها، وعن أحقية وضع القضية وتركزها في الحقل التحريضي الأمني وممارسات السلطة في هذا الحقل والوضع المعيشي كارثي في سورية وربما سيكون رافعة للفوضى والرعب في أحد احتمالات التطور القادمة،:

مهما ركزنا على الدور التسببي للسلطة فالحلول الاقتصادية الآن في يد الطرف الآخر ومن السهولة بمكان انتظام هذه القضية في سياسة الخطوة مقابل خطوة أي إعداد البنية التحتية بسخاء ومراقبة الشروط الأمنية المتعلقة بالقمع وليس بالقضايا السيادية كقضية الخدمة في الجيش.”

وعودة لدور المجتمع الدولي، أفادنا بأنّه في الحقيقة ليس تناسيا للقضية بل المسألة في قمة المتابعة والحضور: “لبنان بأكمله مرتهن في أحد الأسباب إلى قضية اللاجئين حتى الأردن وحتى الصراع داخل تركيا ولكن ربطها بالصراع والشروط القصوية هو ما يعطيها هذا الانطباع المخادع، افترضوا أن النظامين التركي والسوري قد توافقا على سياسات تطبيعية ثنائية أو اللبناني أو الأردني والسوري أو الخليجي والسوري، فورا ستقوم قيامة منظمات حقوق الإنسان المنحازة والأكثر سوءا وتعقيدا قيامة أمريكا..”.

وخلص إلى القول: “أخيرا وفي مثل هذا المستوى من الصراع والاستقطاب في الأزمة السورية، فإن أفضل وأروع حل متخيل ذهني وأخلاقي ..هو قطع الطريق على أي حجة للديكتاتورية بإغراق الشعب السوري واللاجئين بحالة اقتصادية ومعيشية…وهي بضعة عشرات من المليارات المسروقة من النفط السوري…إن ذلك سيشل السلطة بدرجة عالية في الحقل الأمني الحقوقي الانتهاك”

ويرى الصحفي مؤيد اسكيف، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أنّ المجتمع الدولي مُدان لتقصيره الفاضح في وضع حد للجرائم التي أُرتكبت بحق السوريين من قبل النظام ابتداءً من الاعتقال والقتل تحت التعذيب للمواطنين مرورا بالقصف المُتعمّد للأحياء السكنية وصولا إلى استخدام الكيماوي من قبل النظام لذلك فإن السوريين محبطون من المجتمع الدولي لتخاذله في الدفاع عن حقوق الإنسان ومنع هذه الانتهاكات خصوصا انّ تلك الجرائم التي يرتكبها لازالت مستمرة ولم تتوقف يوما واحدا منذ بداية الاحتجاجات في آذار مارس 2011.

لا يعتقد اسكيف أن ظروف العودة الآمنة مُتاحة حاليا نظرا لعمليات الاعتقال والتغييب القسري المستمرة، لافتا إلى أن تقرير لجنة التحقيق الدولية بشأن سورية الأخير يفضح سلوك النظام الإجرامي وعنجهيته وكذلك سلوك بقية سلطات القهر والغلبة والإذعان الأخرى حتى أن مختلف مناطق سورية صارت مستحيلة العيش فيها.

وعلّق المحلل السياسي وائل علوان، في حديث مع المرصد السوري ، أن النظام السوري يستخدم ملف اللاجئين للضغط على المجتمع الدولي من جهة و من جهة أخرى لا يملك الرغبة في تيسير عودتهم، حيث يستغل الملف كورقة تفاوض قوية ويشترط تدفق الأموال لإعادة الإعمار لمختلف المرافق وتهيئة البنية التحتية المنهارة بسبب الحرب، سيما وأن كل القطاعات تمّ استهدافها من قبله.

وأفاد بأنه يستغل الملف للضغط على دول الجوار وحتى دول الخليج من أجل أن يكون ملف العودة هو ملف إعادة الإعمار.

وأكد علوان أن عدم رغبة النظام بعودة اللاجئين تتمثّل في سببين أولهما اقتصادي كون حوالات بمبالغ كبيرة تصل سورية بالعملة الصعبة يستفاد منها ولا يريد قطعها ويعتمد في جزء كبير من اقتصاده على تجديد جوازات السفر في القنصليات والسفارات خارج سورية ولا يفكّر بقطه هذه الموارد.

وأكد محدثنا أن النظام إعترف سابقا في أحد اجتماعاته مع الدول العربية بعدم رغبته بعودتهم، حين قال إن معظم اللاجئين يعيشون في بلدان وجدوا فيها مناخا من الحريات والتداول السلمي على السلطة وألفوا الديمقراطية ولن يكونوا متجانسين مع البيئة في سورية وسيحملون أفكارا غربية ،وهو ترجمة ايضا لكلام أحد مسؤوليه سابقا الذي قال انه يريد أن يكون المجتمع متجانسا أي مجتمع بكامله يقبل بالديكتاتورية والاستبداد وسرقة السلطة للموارد، مايفسرّ التخوف من عودة اللاجئين الذين سيكونون مصدر سخط وغضب من سياسته لذاك لا يسعى ولا يريد تلك العودة.