انقسام أوروبي إزاء معاقبة موسكو … وتفاهم ضد دمشق

11

أعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني، أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الذين اجتمعوا في لوكسمبورغ وفي طليعة جدول أعمالهم الحصار المفروض على مدينة حلب السورية، لا ينوون فرض عقوبات على روسيا المتحالفة مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، ما اعتبر انقساماً بين الدول الأوروبية إزاء معاقبة موسكو بسبب دورها العسكري في سورية.

وقالت موغيريني للصحافيين لدى وصولها إلى الاجتماع: «رأيت أن هذا تم تداوله بشكل واسع في وسائل الإعلام، إنما ليس في اجتماعاتنا. لم يطرح أي من الدول الأعضاء المسألة في أي منها»، لكنها لم تستبعد مناقشة عقوبات جديدة تستهدف نظام الأسد، إضافة إلى العقوبات المفروضة حالياً. وقالت: «ثمة مناقشات حول هذا الموضوع بالطبع، هذا من ضمن الاحتمالات المطروحة».

من جهة أخرى، قال وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إرولت إنه خلال الاجتماع الذي يتوقع خلاله أن يطغى الملف السوري على القسم الأكبر من المناقشات، إذ «سندرس كل الخيارات التي تسمح بالضغط بشكل أكبر بكثير على نظام بشار الأسد، إنما كذلك على حلفائه».

وأشارت موغيريني إلى أن الاتحاد الأوروبي يملك «أدوات كثيرة أخرى» غير العقوبات. وشددت مرة جديدة على ضرورة إيجاد حل سياسي للنزاع وضمان وصول قوافل المساعدات الإنسانية إلى الضحايا.

وقال وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسيلبورن معلقاً على احتمال فرض عقوبات على روسيا التي تخضع أساساً لإجراءات عقابية أوروبية على خلفية دورها في النزاع الأوكراني وضمها القرم عام 2014: «لن نتوصل إلى إجماع، هذا ليس الوقت المناسب، وستكون له عواقب عكسية».

وكان وزير الخارجية الأميركي جون كيري صرح في لندن، حيث اجتمعت الأحد دول تدعم المعارضة السورية، أن الأحياء الشرقية لمدينة حلب المحاصرة تشهد «جرائم ضد الإنسانية»، محذراً من أن «إجراءات إضافية» يتم بحثها ضد «النظام وداعميه». وسعت بريطانيا وفرنسا الإثنين لإقناع الاتحاد الأوروبي بإدانة الحملة الجوية الروسية المدمرة في سورية وتمهيد الطريق لفرض المزيد من العقوبات على الأسد.

وبعد فشل جهود ديبلوماسية قادتها الولايات المتحدة في مطلع الأسبوع في تحقيق انفراجة، اجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في لوكسمبورج للدعوة لإنهاء قصف أحياء حلب الشرقية التي تسيطر عليها المعارضة السورية حيث يعيش نحو 275 ألف شخص تحت الحصار، والإسراع بتوصيل مساعدات إنسانية للمدينة.

وتريد بريطانيا وفرنسا فرض حظر سفر على 20 سورياً آخرين وتجميد أصولهم للاشتباه في أنهم يوجهون هجمات على مدنيين في حلب لتضاف أسماؤهم إلى قائمة يفرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليها بالفعل وإلى حظر توريد النفط والسلاح لسورية. وقال ديبلوماسيون لـ «رويترز» إن باريس ولندن أثارتا كذلك احتمال فرض عقوبات على 12 روسياً لهم دور في الصراع الدائر في سورية لتضاف أسماؤهم إلى قائمة تضم 200 شخص من بينهم ثلاثة إيرانيين.

وقال وزير الخارجية البريطاني الذي أجرى محادثات مع كيري الأحد، إن قصف روسيا لحلب «عار على الإنسانية» ووصف روسيا بأنها من يحرك الحكومة السورية. وقالت بريطانيا والولايات المتحدة إنهما تبحثان فرض عقوبات إضافية على الأسد ومن يدعمونه من دون ذكر روسيا بالاسم.

وقالت موغيريني إن هناك فرصة لاتفاق الوزراء على إضافة أسماء المزيد من السوريين إلى قائمة الممنوعين من السفر إلى أوروبا أو الوصول إلى أموالهم هناك. ومن المتوقع أن يبحث زعماء الاتحاد الأوروبي مسألة روسيا واحتمال فرض عقوبات جديدة عليها خلال قمة في بروكسل الخميس، لكن أقرب حلفاء روسيا داخل الاتحاد، مثل اليونان وقبرص والمجر يعارضون ذلك. وأبدت النمسا معارضتها كذلك. وقال سيباستيان كيرتس وزير خارجية النمسا للصحافيين: «فكرة فرض عقوبات إضافية على روسيا قد تكون خاطئة… نحن لا نحتاج لمزيد من التصعيد». وبدت ألمانيا متحفظة كذلك ورفض وزير خارجيتها فرانك فالتر شتاينماير فرض إجراءات عقابية على روسيا، على رغم أن صحيفة ألمانية نقلت عن مصادر قولها إن المستشارة الألماني أنغيلا ميركل تؤيد ذلك. وفرض الغرب عقوبات واسعة النطاق على روسيا بعد ضمها شبه جزيرة القرم من أوكرانيا عام 2014 ودعمها المتمردين في أوكرانيا.

وفي إشارة أخرى إلى الانقسامات في شأن روسيا، واجه الديبلوماسيون صعوبات في صياغة البيان الديبلوماسي عن وزراء الخارجية واختلفوا حول ما إذا كان يتعين ذكر روسيا بالاسم. وأفادت مسودة اطلعت «رويترز» عليها، أن وزراء الاتحاد الأوروبي سيدينون «التصعيد الكارثي» لهجوم الحكومة السورية لاستعادة شرق حلب حيث يتحصن ثمانية آلاف من المعارضين في مواجهة قوات مدعومة من سوريا وروسيا وإيران. وقالت المسودة إن الضربات الجوية على مستشفيات ومدنيين «قد تصل إلى حد جرائم حرب» وسيدعون «سورية وحلفاءها» للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وكان مقرراً أن يدعو الاتحاد الأوروبي إلى وقف لإطلاق النار مع إرسال بعثة مراقبة وإعطاء دفعة جديدة لمحادثات السلام وحرية دخول فورية لمساعدات الاتحاد الأوروبي التي أعلن عنها في الثاني من تشرين الأول (أكتوبر).

والاتحاد الأوروبي -صاحب أكبر مساعدات في الصراع السوري- على اتصال شبه يومي مع الجمعيات الخيرية لدخول المدينة، لكن ديبلوماسيين يقولون إن الشاحنات لا يمكنها اجتياز نقاط التفتيش إلى شرق حلب. وقال مسؤول من الاتحاد الأوروبي: «ليس هناك رفض مباشر لكن يطلب من السائقين أشياء لا يملكونها مثل تراخيص خاصة. نحتاج إلى خطاب لتسهيل الإجراءات من السلطات السورية».