بدران جيا كرد:لا نخشى التقارب بين النظام السوري ودول المنطقة ونحن نحمل مشروعا سياسيا يحافظ على وحدة سورية وترابها
عبّرت أطراف كردية عديدة عن تخوفها من التقارب الحاصل بين النظام السوري وعدد من الدول بما في ذلك اللقاء المرتقب بين وزراء خارجية تركيا وسوريا وإيران وروسيا في موسكو.. فهل تتخوّف الإدارة الذاتية فعلا من هذه اللقاءات التي قد تؤثر على مشروعها؟
تأتي اللقاءات بعد تغيرات واضحة في المواقف التركية وكسر الجليد مع النظام السوري ودول عربية كانت تعاديه، وينتظر أن يؤدي الاجتماع الذي ترعاه روسيا إلى الضغط باتجاه تطبيع العلاقات السياسية مع النظام السوري الذي يسعى بدوره إلى كسر العزلة السياسية المفروضة عليه منذ سنوات.
ولاحظ بدران جيا كرد، الرئيس المشترك لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنّ حراكا عربيا على عدة أصعدة تجاه الأزمة السورية، بدأ قبل كارثة الزلزال إلا أنّه تضاعف مع الكارثة من البوابة الإنسانية التي استُغلت لتعويم النظام السوري بشكل ظاهري من قبل بعض الأطراف، لافتا إلى أنّ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سورية تمتلك مشروعا سياسيا له أبعاد اجتماعية واقتصادية، ويرتكز على ثوابت وطنية تؤمن بوحدة التراب السوري، وانطلاقا من هذه الرؤية لا تعارض الإدارة ولا تتخوف من أي تقارب عربي مع سورية، لكن يجب ألا يكون هذا التقارب أو الحراك على حساب الشعب السوري، هنا يمكن للدول العربية المساهمة في بلورة حل سياسي ديمقراطي للأزمة السورية عبر تشجيع ورعاية الحوار السوري- السوري بحيث تشترك فيه كل القوى السورية المؤمنة بالحل ومن ضمنها بلا شك الإدارة الذاتية، وأن تفضي هذه الحوارات إلى تطبيق القرارات الدولية الخاصة بسوريا، بحيث لن يعود الزمن بسورية إلى ما قبل عام 2011.
وتابع: أمّا بخصوص التقارب التركي- السوري برعاية إيرانية روسية، فهو مغاير تماما للتقارب العربي تجاه دمشق.. حكومة دمشق الحالية تحاول بشتى الطرق تعويم نفسها وإعادة ثقلها الإقليمي والدولي، لكن عملية التطبيع مع أنقرة لن تفضي إلا إلى المزيد من الانقسام في الساحة السورية وترسيخ واقع الاحتلال، وهذا التطبيع إن حدث سيكون له أثر سلبي على المنطقة عامة وخاصة على الدول العربية بدرجة كبيرة، فالكل يعلم أن القرار في دمشق شبه مُصادَر من قبل القوى الداعمة للنظام السوري وستضاف تركيا إلى هذه القوى في حال تم التطبيع.
وأشار إلى أنّ الادارة الذاتية تتحفظ بشكل جدي عن أي تقارب تركي مع دمشق، وهذا يعني ترسيخ الاحتلال والتغيير الديمغرافي الحاصل في سورية عامة وفي عفرين بالتحديد، إضافة إلى احتمالية تعديل اتفاقية “أضنة” واستغلالها لشن عمليات عسكرية في مناطق شمال وشرق سورية، معتبرا أنّ الآثار السلبية للتقارب التركي السوري لن تكون ضد الإدارة الذاتية فحسب بل تطال جهود الحل السياسي التي ستشهد تقويضا كبيرا كما ستتأثر بذلك جهود مكافحة الإرهاب ولن يكون هناك مبرر تركي لاحتضان السوريين من لاجئين وما يسمى معارضين ضد النظام السوري، بل يتوقع أن يتحول الخطاب التركي للدفاع عن المكون التركماني ومعاداة الكرد فقط، كما حدث في العراق قبل عقدين من الزمن.
بخصوص موقف السوريين، قال جيا كرد :إنّ الشعب السوري وصل إلى درجة من النضج، وهو على يقين بأن النظام السوري وباقي القوى لن تستطيع تأليب الشارع على الإدارة الذاتية كونها أثبتت للسورين والرأي العام أيضا أن مشروعها الذي يضم الكرد والعرب والسريان والأشوريين هو مشروع حقيقي يلبي تطلعات الشعب السوري وفق نظام دستوري جديد يضمن بناء سورية لا مركزية، ديمقراطية.
وتطرّق محدثنا إلى الكارثة الطبيعية التي ضربت سورية وتركيا متقدّما بالتعازي إلى أسر الضحايا في البلدين، مشيرا إلى أنّه منذ الساعات الأولى للكارثة الطبيعية تواصلت الإدارة مع كافة الأطراف بهدف تقديم يد العون والمساعدة لإنقاذ حياة المنكوبين، لكن ما ظهر في الواقع أن غالبية الأطراف في سورية وتركيا استغلت الكارثة الإنسانية لأهداف سياسية.
وأردف قائلا: في الأيام الأولى منعت تركيا دخول المساعدات إلى شمال غربي سورية، والنظام منع دخول المساعدات إلى تلك المنطقة في الأيام الأولى، وما تسمى الحكومة المؤقتة رفضت إدخال المساعدات المقدمة من شمال شرقي سوريا إلى الشمال السوري.
وتحدّث عن الاستغلال السياسي حيث ذهبت السلطات التركية والمجموعات المسلحة المرتبطة بتركيا أبعد من ذلك وانتهجت التمييز العنصري على أساس عرقي تجاه الكرد في شمال سورية وكذلك جنوب شرقي تركيا، وهناك تخوف كبير من أن تقوم تركيا والمجموعات المرتزقة المسيطرة على عفرين من ترسيخ سياسة التغيير الديمغرافي في جنديريس وعفرين، واليوم هناك تصريحات من قطر وغيرها من الدول لدعم مشاريع في تلك المنطقة، وندعو عبر منبركم هذا كلا من قطر والكويت والسعودية إلى أن تتأكد من أن لا تتحول أعمالهم الخيرية وعطاياهم للشعب السوري إلى أداة لتنفيذ مشاريع دولة الاحتلال التركي في عفرين وترسيخ تغيير ديمغرافيتها.