بسبب ارتفاع الرسوم المالية لحد تجاوز 100 مليون ليرة سنوياً.. طلاب الجامعات الخاصة في مناطق النظام يعجزون عن التسجيل
شهد القطاع التعليمي في سوريا تراجعاً لافتاً مع بدء الحرب السورية التي انطلقت شرارتها مطلع العام 2011 الأمر الذي أدى لتراجع مستوى التعليم بمختلف فئاته، وانعكس سلباً على أداء الطلاب والمدرسين في آن واحد، مخلفاً وراءه أجيالاً مبنية على الجهل، بسبب الانقطاع عن الدراسة للمراحل الابتدائية، وحصول نسبة كبيرة من الخريجين الجامعيين على شهادات بعد دفع الرشاوي وتفعيل دور الواسطة ضمن القطاع التعليمي.
وبالوقت الي تُبنى جميع الدول المتحضرة وترتكز بشكل رئيسي على الأسس التعليمية الصحيحة البعيدة كل البعد عن المحسوبيات والرشاوي، إلا أن القطاع التعليمي في سوريا غرّد عكس التيار من خلال استغلال موظفي القطاع التعليمي لمناصبهم سواء ضمن المدارس أو المعاهد والجامعات، لجمع أكبر قدر ممكن من الأموال من الطلبة “بشكل غير شرعي”، في ظل غياب أي دور للرقابة أو المحاسبة من قبل الجهات المعنية التابعة للنظام السوري.
وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن العقد على الحرب التي استعرت في سوريا وإحكام النظام السوري سيطرته على مساحات واسعة من الأراضي السورية، إلا أن القطاع التعليمي لا يزال يعاني من الترهل وغياب الإنصاف بين الطلاب بمختلف الحلقات التعليمية، ناهيك عن عزوف مئات الطلاب منذ اندلاع الحرب عن مقاعدهم الدراسية لأسباب عديدة أبرزها: الخوف من الاعتقال المبني على أسس مناطقية (معارضة-موالاة) ما دفعهم للتخلي عن آمالهم بإنهاء تحصيلهم العلمي.
الطالب (خالد.ق) من أهالي مدينة حمص قال في حديثه لنشطاء المرصد السوري:” إن غياب الكفاءات والمدرسين الفاعلين ضمن مناهج تعليم المرحلة الثانوية على وجه الخصوص الذين قرروا الخروج من البلد بحثاً عن مستقبل أفضل، وفرصة عمل تتيح لهم مقومات العيش الكريم من جهة، وكفّ أيدي البعض منهم “بسبب مواقفهم السياسية”، دفع القائمين على إدارة وزارة التربية لاستبدالهم بمدرسين تنقصهم الخبرة اللازمة لنقل المعلومة للطلاب الذين كانوا الحلقة الأضعف ضمن المجال التعليمي.
وأضاف إن معدلات النجاح والدرجات التي حصل عليها طلاب المرحلة الثانوية خلال الأعوام الماضية تؤكد الفرق الشاسع بأسلوب التعليم بالمقارنة بين قبيل اندلاع الثورة في سوريا وخلالها وحتى مع استقرارها نسبياً في الفترة الراهنة.
وما بين غياب الكفاءات وسوء التعليم ضمن المدراس الحكومية وبين إصرار الجامعات وتمسكها بمعدلات عالية لقبول الطلاب، شكّلت الجامعات الخاصة في سوريا فرصة للراغبين بإكمال تعليمهم باعتبار أن تلك الجامعات تقبل بمعدلات أدنى من التي تفرضها الجامعات التابعة للحكومة السورية.
بدوره قال الطالب (أحمد.ص) أنه على الرغم من توفر البديل عن الجامعات الحكومية، إلا أن الكلفة المالية الباهظة لتسجيل الطلاب شكل صدمة أمام ذويهم، لا سيما مع إعلان تلك الجامعات عن الأسعار المحددة للعام الدراسي الحالي2024-2025
ورصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان التكاليف الدراسية ضمن إحدى الجامعات الخاصة (جامعة القلمون) والتي تراوحت ما بين 4000-8000 دولار أمريكي، الأمر الذي يعتبر بمثابة ثروة ومبلغ مالي ضخم للسوريين العاجزين أصلاً عن تأمين متطلبات الحياة اليومية، في ظل انتشار البطالة وغياب فرص العمل المتزامنة مع تدهور الواقع الاقتصادي في سوريا.
وجاء إعلان جامعة القلمون بريف دمشق وجامعة الحواش بريف حمص الغربي وجامعة الوطنية الخاصة بريف حماة الجنوبي بنسب متقاربة نسبياً على النحو التالي:
رسوم التسجيل ضمن كلية الطب كانت الأعلى اجوراً 470 ألف ليرة سورية للساعة الواحدة، والتي تبلغ عدد ساعاتها الدراسية 257 ساعة بمعدل سنوي يبلغ 120 مليون ليرة سورية.
كلية طبّ الأسنان 425 ألف ليرة سورية للساعة الواحدة والتي تبلغ عدد ساعاتها الدراسية 180 ساعة معتمدة بمعدل سنوي يبلغ 76.5 مليون ليرة سورية.
كيلة الصيدلة 375 ألف ليرة سورية للساعة الواحدة بساعات دراسية تبلغ 180 ساعة معتمدة ما يعادل 67.5 مليون ليرة سورية.
رسوم كلية الهندسة الإدارية والمعمارية قسم الهندسة المدنية 225 ألف ليرة لكل ساعة بمعدل ساعات معتمدة تبلغ 170 ساعة بكلفة 38 مليون ليرة سورية.
وبما يخص ارتفاع أجور التسجيل ضمن الجامعات الخاصة أكد الطالب أحمد أن مسألة التعليم واستمراريته في سوريا بات حكراً على طبقة الأثرياء من تجار وأمراء الحروب والمتنفذين في السلطة، بينما اضطر الطلاب اللذين لا يملكون حولاً ولا قوة أمام تلك الأسعار للتخلي عن أحلامهم ومغادرة المقاعد الدراسية باحثين عن فرصة عمل “إن أتيحت” لتأسيس مستقبلهم سواء داخل البلاد أو خارجها.