بعد عام على انطلاقه محافظاً على سلميته وأهدافه.. حراك السويداء لا عودة إلى الوراء

125

يمر بعد نحو أسبوع عام على انطلاق الحراك السلمي في محافظة السويداء الذي بدأ يوم 17 آب 2023، بشكل سلمي برغم محاولات الترهيب وإخراج التحرك عن أهدافه ومحاولات تسليحه وأسلمته كما وقع سابقاً مع الثورة السورية، إلا أن أبناء المحافظة التي تقع جنوب غربي سوريا تمسكوا بحلم تحقيق مطالبهم المشروعة بالعيش ضمن دولة ديمقراطية وحرة تحفظ حقوق الأقليات وتسعى لاحتواء اختلافاتهم.

وبرغم الصغوطات، صمدت الاحتجاجات سنة كاملة برغم التخويف، وحاول ابناؤها إيصال صوتهم الحر بسلمية إلى العالم، في تحدٍ لكل من عمل على تسليح الحراك وتغيير اتجاهاته لتحييده عن طموحات أهل المحافظة.

لا يغيب عن أحد أن السويداء ذات الأغلبية الدرزية عانت كمختلف الهويات الأخرى من التهميش والاقصاء، لكن لم تدفعها الهوية للتحرك للدفاع عنها، بل لم ترفع حتى شعارات تنادي بذلك، وركز الاحتجاج على المطالب التي جاءت بها الثورة من حرية وكرامة وعيش آمن وتوزيع عادل للثروة بين الجميع دون تمييز، فالثورة كما نادى المحتجون لن تموت ولن يتراجع هؤلاء بعد كل هذه التضحيات والخراب والتهجير والاعتقال والاخفاء القسري وبعد أن سألت دماء الأبرياء، دفاعا عن المطالب التي كان ثمنها باهضا بغض النظر عن الهويات “فالقاتل لا يفرق بين درزي وكردي وعلوي وايزيدي وغيرهم، هدفه فقط ذلك الصوت الحر الذي يصدح في ساحات الكفاح مطالبا برحيل النظام واسقاط المنظومة وكتابة دستور يمثل الجميع لتوفير مناخ آمن وسلمي يتعايش فيه الكل”.

ولايخفى على أحد أن الحراك وإن كان سلمياً، قادر على قلب موازين القوى وتغيير المعطيات، فقدرة الاحتجاج على مواجهة الضغوط من أي طرف كان كبيرة وستبقى السويداء نموذجاً مبهراً ولافتاً للإعجاب في التضامن والمثابرة والشجاعة والتمسك بالحق متحدية آلة القمع.

وعلق القيادي السابق في الائتلاف الوطني السوري المعارض، وهو ابن السويداء والحراك، حافظ قرقوط، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، على مرور عام على غضب السويداء، معتبراً أن الحراك لازال مستمراً مطالباً بالحرية والديمقراطية وتطبيق القرارات الدولية، لافتاً إلى أن الاحتجاجات لم تقتصر على يوم الجمعة بل كانت يومياً وامتدت إلى مختلف المحافظات التي نسجت على نفس المطالبات المشروعة وتحركت مساندة للسويداء وداعية لتحقيق نفس الأهداف.

وأفاد قرقوط بأن هذا الحراك الذي يعتبر أكبر تجمع سلمي في سوريا الآن لن يتراجع وسيتواصل في وجه النظام القمعي الاستبدادي الذي اختار لغة العنف والحل الأمني لمواجهة المظاهرات السلمية الحرة، مشيراً إلى أن المطالب نفسها وتتمحور حول الانتقال السلمي للسلطة وتطبيق القرارات الدولية وقد انفتح الحراك على كل الشرائح من الطلاب والنقابات المهنية والفلاحين والعمال والمهندسين والمعلمين.

وأشار إلى أن الحراك ليس بسنواته بل بأهدافه التي وجب أن تتحقق “نحن لانعد السنوات، نريد أن تتحقق مطالبنا لنعيش أحرارا ضمن دولة ديمقراطية تعددية تتعايش فيها مختلف الطوائف دون اقصاء “.

وقال إن الحراك برغم آلة القمع ومحاولات الترهيب والتخويف حقق الحرية في السويداء، وأثّر برسائل واضحة لمقاطعة الانتخابات وعدم المشاركة في المسرحية كونها لاتمثل الشعب السوري الحر، واخذنا موقفا جمعيا”.

وتابع” حاول النظام استدراج المحتجين إلى المواجهات المسلحة، لكن أُسقطت تلك المخططات ولم تلجأ المظاهرات إلى العنف والسلاح، ولاننسى عمليات الاغتيال واطلاق النار العشوائية بغية إثارة البلبلة والفوضى، لكن كل المساعي باءت بالفشل برغم التفجيرات”.

وتطرق إلى مشاركة النساء في الاحتحاجات في المحافظة، في ضرب لتلك الصورة التي أراد الكثيرون إظهارها كونها رجعية ومحاصرة وبلا صوت، مؤكدا أنهن خرجن بشكل مدني وكن جزءً مهما من الاحتجاجات بسلمية وكن الصوت الحر للمحافظة.

وأشار إلى أهمية عدم تدخل الفصائل بالسويداء بالحراك التي لم تنشأ الحواجز ولم تعتبر اي منطقة بالمدينة محررة خاصة وأن البلاد كلها لم تتحرر بعد من الحكم الاستبدادي القمعي والبوليسي ولم تقتطع أراض من المحافظة لإنشاء امارات وحواجز للتدخل في حياة المدنيين العزل.

وأكد قرقوط أن رجال الدين ايضا لم يتدخلوا في الحراك ولم يفرضوا شعارات فضفاضة للتأثير على المحتجين ، بل التزموا الحياد ودعموا الحراك بعفوية وسلمية واعطوها تغطية اجتماعية بعيدا عن الشعارات الدينية والأحكام.

وتطرق محدثنا إلى أن الحراك مكن الأهالي من النقاش سياسيا بشكل سلمي بعيدا عن منطق التعصب والعنف، بعد أن كانت التيارات الفكرية والسياسية ممنوعة من العمل بحرية ومن ممارسة حقها في العمل السياسي والحزبي طيلة خمسين عاما من حكم آل الأسد.