بعد مرور نحو 75 يوماً على الاستهداف الإسرائيلي الأخير.. الميليشيات الموالية لإيران تعزز من نفوذها ضمن منطقة غرب الفرات عبر حركة تجارية متواصلة وتحركات مكثفة وعمليات تجنيد مستمرة

35

مضى نحو 75 يوماً على الاستهداف الإسرائيلي الأخير للميليشيات الموالية لإيران غرب الفرات الذي خلف أكبر حصيلة خسائر بشرية بقصف إسرائيلي، وأكثر من شهر على الاستهداف الجوي الأميركي الذي خلف 22 قتيلاً حينها، ولاتزال الميليشيات الموالية لإيران تواصل تحركاتها المكثفة وأنشطتها في منطقة غرب الفرات بعد أن حولتها لمستعمرة تسرح وتمرح فيها وكأنها ليست أرض سورية، حيث تواصل تلك الميليشيات استقدام الأسلحة والذخائر من العراق عبر شاحنات محملة بالخضار والفاكهة من الأراضي العراقية عبر معابر غير شرعية، بالإضافة لاستمرار الحركة التجارية من وإلى العراق، فيما تقوم بتخزين أسلحتها ضمن مناطق سكنية وضمن الإرث التاريخ السوري وما تجسد بتخزين السلاح والذخائر في قلعة الرحبة بمحيط الميادين.

بالإضافة لذلك فإن الميليشيات الموالية لإيران تواصل العمل على استقطاب الشبان والرجال في منطقة غرب الفرات، وتجنيدهم في صفوفها في استغلال واضح وصريح للفقر المدقع المسيطر على كامل مناطق النظام السوري، وسط سوء الأوضاع المعيشية والانهيار الكارثي بالاقتصاد، حيث تتسلح الميليشيات بالمال وتقوم بإغراء الشبان والرجال للانخراط في صفوفها، فضلاً عن استقطاب عشائر المنطقة، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن تعداد الأشخاص الذين جرى تجنيدهم لصالح الميليشيات الموالية لإيران في منطقة غرب الفرات ارتفع إلى 9850 شخص، كما يذكر أن تعداد الإيرانيين والميليشيات الموالية لها من جنسيات سورية وغير سورية في المنطقة هناك بلغ أكثر من 25 ألف، في الوقت الذي تواجه روسيا صعوبة كبيرة على مزاحمة الإيرانيين غرب الفرات من خلال محاولاتها باستقطاب العشائر والأشخاص، إلا أن الكفة إلى الآن لاتزال راجحة بقوة لصالح الإيرانيين.

المرصد السوري أشار في نهاية شهر شباط الفائت، إلى أنه وفي خضم الاستهدافات المتكررة للإيرانيين والميليشيات الموالية لها ضمن منطقة “غرب الفرات” وما يقابله من انتشار وتغلغل إيراني مستمر في المنطقة التي تحولت إلى أشبه ما يكون بـ “محمية إيرانية”، يسلط المرصد السوري لحقوق الإنسان في التقرير التالي على التواجد الإيراني برفقة ميليشياتها في تلك المنطقة التي تفوق مساحتها مساحة لبنان، انطلاقاً من البوكمال عند الحدود السورية – العراقية وصولاً إلى التبني مروراً بالميادين ومدينة دير الزور بالإضافة لانتشارها ضمن مناطق متداخلة عند الحدود الإدارية مع محافظة حمص، وما يرافق ذلك من تساؤلات كبيرة حول أسباب هذا التواجد وتحويل تلك المنطقة إلى “مستعمرة”.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان من دير الزور، فإن انتشار إيران وميليشياتها يتركز بشكل رئيسي في كل من معابر عسكرية غير شرعية بريف البوكمال وحي الجمعيات وحي الكتف في مدينة البوكمال وقاعدة الإمام علي وقرى العباس والجلاء ومواقع أخرى ببادية البوكمال، وأحياء مدينة الميادين ومنطقة المزارع التي تعد أكبر تجمع لهم في المنطقة هناك والتي تقع بريف الميادين وقرية الطيبة، بالإضافة للعشارة والقورية ومحكان والبوليل، والجفرة ومستودعات عياش بأطراف مدينة دير الزور، وأحياء هرابش والرصافة والعمال واللواء 137 ضمن مدينة دير الزور، فضلاً عن مواقع أخرى منتشرة ضمن المناطق آنفة الذكر كما تنتشر شرقي الفرات في قريتي حطلة ومراط، ويشير المرصد السوري إلى تواجد إيراني كبير ضمن المناطق المدنية وتلك المأهولة بالسكان غرب الفرات، حيث تتواجد مواقع عسكرية ومستودعات للأسلحة والذخائر.

وهذا وتتعدد أسماء الميليشيات المتواجدة هناك والتي قد تصل لعشرات التشكيلات العسكرية من جنسيات سورية وغير سورية، ممن جندتهم إيران في سورية باللعب على الوتر المادي والطائفي، أو تلك التي استقدمتهم من دول أخرى كـ “مرتزقة” لخدمة مصالحها في سورية، ومن أبرز التشكيلات: حزب الله العراقي ولواء زينبيون الباكستانية وأبو الفضل العباس والحرس الثوري الإيراني وكتائب سيد الشهداء واللواء 47 وحرس القرى وبالطبع لا ننسى لواء فاطميون الأفغاني الذي تحول على ما يبدو إلى القوة الضاربة الثانية لإيران في سورية بعد حزب الله اللبناني.
ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن تعداد القوات الإيرانية والميليشيات الموالية لها في منطقة غرب الفرات يبلغ من 24 إلى 25 ألف مقاتل، 9 آلاف منهم من الجنسية السورية ممن جندتهم إيران بسلاحي “التشييع والمال”، والبقية -أي 15 إلى 16 ألف- من جنسيات عربية وآسيوية، يذكر أن ميليشيا مستحدثة يطلق عليها اسم “فوج الحاج قاسم سليماني” وهي ميليشيا مستحدثة منذ أشهر قليلة في منطقتي نبل والزهراء بريف حلب الشمالي، تضم عناصر محليين من أبناء الطائفة الشيعية، وصل العشرات منهم إلى البوكمال في مطلع شهر شباط 2021.

وعلى ضوء ما سبق، لابد من طرح أسئلة كثيرة، لعل أبرزها يتمحور حول الأهداف الإيرانية من التواجد الكبيرة في مساحة جغرافية شاسعة باتت الآمر والناهي فيه من بابه لمحرابه، هل هو لتأمين وحماية طريق طهران-بيروت لمتابعة مسيرة “قاسم سليماني”، أم هناك أهداف استراتيجة أخرى لإيران، والاحتمال الأضعف في الأسباب هو محاربة تنظيم “الدولة الإسلامية” في البادية، لأن المشاركة الإيرانية في العمليات العسكرية ضد التنظيم خجولة جداً وتكاد لا تذكر، فهل باتت المنطقة “محمية إيرانية” يمنع على النظام وحليفه الروسي الاقتراب منها إلى بإذن من الإيرانيين.

في المقابل، صعدت الميليشيات الموالية لإيران مؤخراً من تحركاتها واستقدامها للسلاح والذخيرة بشكل ملفت جداً دون أسباب موضحة حتى الآن، لاسيما بأن الأسلحة تتضمن صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى وسلاح ثقيل، فقد رصد المرصد السوري منذ 29 يناير/كانون الثاني وحتى يومنا هذا، دخول 4 شحنات للأسلحة جميعها عبر شاحنات مدنية للخضار والفاكهة دخلت من معابر غير شرعية من العراق، الأولى كانت في تاريخ 29 الشهر الفائت حين استقدم حزب الله العراقي شحنة أسلحة ضمت 56 صاروخ متوسط وقصير المدى إلى محيط التبني وفي أطراف الميادين، أما الشحنة الثانية فكانت بتاريخ 11 الشهر وجرى استهدافه الشحنة من قبل طيران مسير لحظة دخولها إلى سورية ما أدى لتدميرها ومقتل 4 من الميليشيات، فيما كانت الشحنة الثالثة بتاريخ 20 شباط الجاري، حين دخلت 3 شاحنات مدنية من المفترض أن تحمل خضار وفاكهة، إلا أنها كانت محملة بأسلحة وذخائر تابعة للإيرانيين دخلت برفقة سيارتين دفع رباعي، من معبر غير شرعي بين العراق وسورية قرب قرية العباس التابعة لمنطقة الجلاء في ريف مدينة البوكمال شرقي دير الزور، حيث تستخدم إيران هذه المعابر لنقل السلاح والذخائر، وجرى إفراغ الشحنة في تلك المنطقة، أما الشحنة الأخيرة فكانت بتاريخ 22 الشهر، وجرى استقدامها من قبل “لواء فاطميون” حيث دخلت عبر شاحنات خضار تجارية لكنها محملة بقذائف وصواريخ وذخائر ودخلت عبر معبر غير شرعي قادمة من العراق، وتوجهت إلى منطقة المزارع الواقعة بأطراف مدينة الميادين شرقي دير الزور، التي تعد أكبر تجمع للإيرانيين والميليشيات الموالية لها في المنطقة.