بعد 5 سنوات من سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها عليها.. الانتهاكات والفوضى تستمر في رأس العين
مضت 5 سنوات على سيطرة تركيا والفصائل المسلحة التابعة لها، والتي تعمل تحت مظلة “الجيش الوطني السوري”، ولا تزال تلك الفصائل التي تضم بعضها عناصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان دون أي مساءلة أو تدخل دولي.
وتستمر تركيا في سياسات التتريك والتغيير الديموغرافي للمنطقة، حيث فرضت اللغة التركية، غيرت أسماء المدارس، وفرضت التعامل بالليرة التركية، مما أجبر العديد من العائلات المتبقية على الفرار بسبب الفوضى، الفلتان الأمني، والتحرش بالنساء، إلى جانب انتشار تعاطي “المخدرات” وتجارة البشر على أيدي مسلحي الفصائل.
في تشرين الأول 2019، شنت القوات التركية، بالتعاون مع مسلحين سوريين وجهاديين من تنظيم “الدولة الإسلامية”، عملية عسكرية أُطلق عليها “نبع السلام”، والتي انتهت بسيطرة تركيا على مدينة رأس العين بعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية وتهجير سكانها.
سكان المدينة المُهجرون قسرياً يعيشون في مخيمات بريف الحسكة تحت ظروف إنسانية صعبة، دون أي دعم من المنظمات الدولية.
ومنذ سيطرة تركيا والفصائل المسلحة، تشهد المدينة حالة من الفوضى، التفجيرات، الاقتتال بين المسلحين، والسرقات. تركيا والفصائل المسلحة ساهمت في تغيير ديموغرافية المنطقة عبر تهجير عشرات الآلاف من سكانها الأصليين وتوطين آخرين من مناطق سورية أخرى، بالإضافة إلى عوائل تنظيم الدولة. تم تتريك المنطقة رسمياً، وتم إلحاقها إدارياً بولاية شانلي أورفا التركية.
تركيا، بقيادة رجب طيب أردوغان، كانت قد أعلنت نيتها إنشاء “منطقة آمنة” في رأس العين، إلا أن الواقع يعكس عكس ذلك تماماً، حيث تسود الفوضى وانعدام الأمان وفقدان مقومات الحياة. الفصائل المسلحة قسّمت المنطقة فيما بينها للاستيلاء على مواردها، كل ذلك وسط غياب كامل للمساءلة الدولية.
تشمل الانتهاكات في رأس العين وريفها، التي وثقها نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، القتل، الاعتقال التعسفي، الإخفاء القسري، التعذيب، النهب، ومصادرة الممتلكات. كما تنتشر عمليات خطف المهربين على الحدود التركية للحصول على فدى مالية، إلى جانب انتشار تجارة وتعاطي المخدرات والتحرش بالنساء.
(ع.ط) أحد سكان ريف رأس العين الشرقي، من القلائل الذين قرروا البقاء في قريتهم بعد سيطرة الفصائل المدعومة من تركيا، في شهادته للمرصد السوري لحقوق الإنسان. يقول: “أنا الوحيد الذي بقي في قريتي من بين 45 قرية جميع سكانها من الأكراد. قررت البقاء لأنني لم أكن منضماً للأحزاب السياسية أو مرتبطاً بالإدارة الذاتية، ولم يكن لدي ما أخشاه. قراري في البقاء كان لحماية ممتلكاتنا وأراضي عائلتي”.
رغم تعرضه للضغوطات المتكررة، حيث تم استدعاؤه 4 مرات من قبل الفصائل المسلحة لمحاولة تخويفه ودفعه لترك القرية والاستيلاء على ممتلكاته، أصر على البقاء.
ويضيف: “أعيش معاناة كبيرة في تأمين مستلزمات الحياة اليومية، وأتعرض لمضايقات مستمرة من قبل الفصائل الموالية لتركيا”.
أما (ص.ع) وهو من المكون العربي ويعيش في مدينة رأس العين، فيروي تجربته قائلاً: “قررت البقاء في المدينة لاعتقادي أن التعامل مع العرب سيكون أفضل، ولكنني، مثل باقي السكان، أعيش معاناة يومية بسبب الفوضى والفلتان الأمني، وانتشار السلاح”. ويشير إلى نقص الخدمات الأساسية، بما في ذلك الطبابة والأدوية، مما اضطره لدفع 500 دولار لنقل والده المسن إلى الحسكة لتلقي العلاج.
بدورها (ن.ع) التي تعيش في المدينة مع زوجها وأبنائها الثلاثة، تصف وضعهم المعيشي بالمرير: “بقينا في منزلنا لأننا لا نملك أقارب خارج المدينة، وأوضاعنا المادية صعبة. نعيش في مدينة أشباح، نخشى المجهول، ونخاف من اقتحام المسلحين لمنزلنا في أي لحظة”.
تمنت أن تعود المدينة إلى طبيعتها كما كانت في السابق، بعيداً عن المشاهد المسلحة والفوضى التي أصبحت جزءاً من الحياة اليومية.
ولا يزال أكثر من 150 ألف شخص من السكان الأصليين مهجرين قسرياً ويعيشون في ظروف معيشية صعبة في مخيمات، بينما قامت تركيا بتوطين حوالي 300 عائلة من مناطق سورية أخرى، بالإضافة إلى عوائل تنظيم الدولة الإسلامية، بما في ذلك 100 عائلة عراقية.