بينهم أكثر من 7 آلاف طفل ومواطنة.. نحو 19 ألف مدني سوري قضوا بفعل تدخل “القوات الأجنبية” في سورية منذ اندلاع الثورة السورية

تحقيق للمرصد السوري حول نتائج التدخل الأجنبي في سورية وما أسفرت عنه من ويلات للمدنيين

شهدت ثورة أبناء الشعب السوري التي بدأت سلمية أهدافها صريحة وواضحة وهي دولة يسودها العدالة والحرية والديمقراطية والمساواة، تقلبات عدة وتدخلات أجنبية كان لها عظيم الآثر بشكل سلبي بكل تأكيد، حيث أصبحت الأراضي السورية مباحة لهذه القوى بذرائع كثيرة، وهنا يتحمل نظام بشار الأسد المسؤولية الأولى عن تدخل القوى الأجنبية في سورية بسبب تعنته بالسلطة واستخدامه العنف اتجاه شعبه منذ اليوم الأول للثورة السورية في آذار/مارس 2011، ومع ظهور تنظيمات جهادية وإرهابية كجبهة النصرة سابقاً وتنظيم “الدولة الإسلامية”، بدأ القوات الأجنبية تتهافت على الأراضي السورية بذريعة محاربتها، كالتحالف الدولي والقوات الروسية، وإسرائيل التي استباحت الأراضي السورية لتصفية حسابات مع إيران، والقوات التركية التي اتخذت ذريعة “pkk” وتنظيم “الدولة الإسلامية” لدخول سورية والسيطرة على مناطق فيها.

ومع مرور 12 عاماً على انطلاقة الثورة السورية، يسلط المرصد السوري لحقوق الإنسان وانطلاقاً من واجبه كمؤسسة حقوقية، الضوء في خضم التحقيق الآني، على نتائج التدخلات الأجنبية في سورية وآثرها على المدنيين على اعتبارهم لا ناقة لهم ولا جمل، بالإضافة لما أفضت إليه هذه التدخلات من تبدلات بقوى السيطرة.

 

الخسائر البشرية الكاملة
تمكن المرصد السوري لحقوق الإنسان، من توثيق استشهاد 18579 مدني سوري “بالأسماء” على يد القوات الأجنبية على مدار الثورة السورية، وتحديداً منذ أول رصاصة أطلقتها قوات حرس الحدود التركية “الجندرما” إلى دخول القوات الأجنبية وشنها عمليات عسكرية داخل الأراضي السورية، والشهداء هم:
– 4144 طفل وطفلة تحت سن 18
– 2901 مواطنة فوق سن 18
– 11534 رجل وشاب فوق سن 18

 

وجاءت التفاصيل الكاملة للشهداء وفق للجهة القاتلة على النحو الآتي:

– 8697 على يد القوات الروسية، هم: 2112 أطفال و1321 مواطنة، و5264 رجل وشاب.
وذلك منذ بدأ التدخل الروسي عسكرياً في سورية في الثلاثية من أيلول/سبتمبر من العام 2015 وحتى يومنا هذا.

– 5091 على يد الميليشيات الإيرانية، هم: (914 طفل و797 مواطنة و3380 رجل وشاب)
وذلك منذ المشاركة الأولى للميليشيات الإيرانية إلى جانب النظام السوري بقمع المتظاهرين وقتلهم والعمليات العسكرية لتلك الميليشيات، كما تجدر الإشارة إلى أن عدد كبير من السوريين قضوا تحت التعذيب في سجون النظام إبان إشراف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني على عمليات التعذيب.

– 3855 على يد التحالف الدولي، هم: 2172 رجل و972 طفل و711 مواطنة
وذلك منذ دخول قوات التحالف الدولي على خط العمليات العسكرية في سورية في 23 أيلول/سبتمبر عام 2015.

– 916 على يد القوات التركية (144 طفل و69 مواطنة و703 رجال وشباب)
وذلك منذ أول رصاصة أطلقتها “الجندرما التركية” على المدنيين الهاربين من ويلات الحرب إلى داخل الأراضي التركية، حيث تشير إحصائيات المرصد السوري إلى استشهاد 531 مدني، من بينهم 93 طفلاً، و 46 مواطنة على يد الجندرما، من ضمن الحصيلة الكلية للشهداء المدنيين على يد الأتراك، بالإضافة لاستشهاد 146 شهيدا بينهم 7 مواطنات و4 أطفال خلال العملية العسكرية التركية “نبع السلام”، بينما بقية الشهداء قضوا بالعملية العسكرية التركية “غصن الزيتون” على عفرين، بالإضافة للاستهدافات المتواصلة من قبل الطائرات الحربية التركية والمسيّرات التركية والقذائف البرية التركية على مناطق نفوذ الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرق سورية.

20 بالاستهدافات الإسرائيلية، هم: *2 أطفال و3 سيدات و15 رجل وشاب
وذلك منذ بدء التصعيد الإسرائيلي على الأراضي السورية عام 2018 بذريعة محاربة الوجود الإيراني في سورية، حيث استشهد المدنيون ببقايا الصواريخ الإسرائيلية وخلال الحرب الجوية مع الدفاع الجوية التابعة للنظام السوري.

كما ينوه المرصد السوري لحقوق الإنسان، إلى إصابة عشرات الآلاف من المدنيين على يد القوات الأجنبية آنفة الذكر، منهم تسبب لهم الإصابات بإعاقات دائمة

 

تبدلات السيطرة بفعل التدخلات الأجنبية
لاشك بأن الجانب الروسي كان له الدور الرئيسي بإعادة إحياء نظام بشار الأسد الذي كان منهار تماماً قبيل التدخل العسكري الروسي لصالحه في نهاية أيلول 2015، حيث كان يسيطر قبيل التدخل على 48.101 كم2 بنسبة 26% من الأراضي السورية.
وتدنت هذه النسبة بوجود الروس أيضاً ووصلت إلى أقل من 20 % مطلع العام 2017، قبل أن تتبدل الأحوال مرة أخرى وتعود روسيا لترجح كفة النظام على حساب أبناء الشعب السوري، حتى بات النظام يسيطر في يومنا الحالي على 117.820 كم2 بنسبة 63.70% من الأراضي السورية.

كما تابع المرصد السوري تحركات التحالف الدولي من عمليات عسكرية وميدانية، وعمليات أخرى لوجستية تمثلت ببناء قواعد عسكرية أو توسعة نطاق سيطرته وتقديم الدعم في جوانب مختلفة، فيما تجلت مشاركة التحالف في العمليات العسكرية من خلال المساحة الجغرافية التي تمكن التحالف من دعم القوات البرية المتحالفة معه أو المدعومة منه للسيطرة عليها، فالتحالف الدولي والقوى المدعومة منه المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية، وجيش مغاوير الثورة، يسيطرون اليوم على مساحة تقدر 51584 كلم مربع من مساحة الأراضي السورية بنسبة 27.8 % وتتوزع في كل من حلب ودير الزور والحسكة والرقة والبادية السورية.
– 48041 كم2 بنسبة 25.9 % مع قسد.
– 3543 كم2 بنسبة 1.90% مع مغاوير الثورة.
بينما كانت هذه القوات المدعومة من التحالف الدولي تسيطر قبل دخول الأخير على خط العمليات العسكرية في سورية، على 12624 كلم مربع بنسبة 6.8% قبل تاريخ 23 من أيلول من العام 2014، وشملت مناطق ضمن محافظة الحسكة وهي المناطق الممتدة في مثلث حدود العراق وتركيا – مدينة الحسكة – أطراف ريف الرقة بالإضافة لمدينة عين العرب (كوباني) التي كانت تشهد أعنف هجوم لتنظيم “الدولة الإسلامية”.

في حين تمكن الأتراك برفقة الفصائل الموالية لها “فصائل الجيش الوطني”، من السيطرة على 9050 كم2 بنسبة 4.9% من مساحة الأراضي السورية، انطلاقاً من العملية العسكرية التركية “درع الفرات” في العام 2016، ضد تنظيم “الدولة الإسلامية”، مروراً بعملية “غصن الزيتون” في العام 2018، وصولاً إلى عملية “نبع السلام” في تشرين الأول/أكتوبر 2019.

ويستعرض المرصد السوري لحقوق الإنسان فيما يلي، توزع نسب السيطرة على الأراضي السورية خلال الوقت الراهن:

– قوات سوريا الديمقراطية 42485.6 كم2 بنسبة 22.9 %

– تنظيم “الدولة الإسلامية” 1851.8 كم2 بنسبة 1 %

– قوات النظام والمسلحين الموالين لها بما في ذلك الميليشيات الإيرانية 117.820 كم2 بنسبة 63.70%

– درع الفرات وغصن الزيتون ونبع السلام 9050 كم2 بنسبة 4.9%

– الفصائل الإسلامية والمقاتلة 4874٫2 كم2 بنسبة 2٫60%

-القوات الغربية وفصيل مدعوم منها 3543 كم2 بنسبة 1٫90%

– مناطق مشتركة بين قوات النظام وقسد 5555.4كم2 بنسبة 3%

يذكر أن مساحة سورية بالكامل تبلغ 185180 كلم2 (104475 مناطق مأهولة بالسكان و80705 بادية)

كما أسفر التدخل الأجنبي في سورية عن تهجير وتشريد ملايين السوريين، فالروس والأتراك لطالما رعوا اتفاقات ما لبثوا أن تخلوا فيها عن ضماناتهم، كأهالي القسم الشرقي من مدينة حلب، وأهالي دمشق وريفها وغوطتيها الشرقية والغربية، وكفريا والفوعة وحمص وريفها ودرعا وعفرين وريف الحسكة والكثير من المناطق السورية الأخرى، والميليشيات الإيرانية التي عاثت فساداً هي الأخرى وهجرت المدنيين، وضربات التحالف الدولي التي شردت المدنيين أيضاً، ناهيك عن الدمار الكبير بالبنى التحتية والأملاك العامة التي تعود لأبناء الشعب السوري والتي تسببت بها العمليات العسكرية للقوى الأجنبية في سورية، فضلاً عن سيطرت القوى الأجنبية على مدخرات الحياة وتسيد القرار على حساب الشعب السوري.

إننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومع استشهاد نحو 19 ألف مدني سوري على يد القوات الأجنبية، نعرب مجدداً عن استنكارنا وتنديدنا، بسقوط هذا العدد الكبير من الخسائر البشرية من المدنيين السوريين، والذي جرى بسبب صمِّ المجتمع الدولي عن دعوات المرصد السوري المستمرة، لتحييد المدنيين عن العمليات العسكرية، وعدم استهدافهم نهائياً، تحت أي ذريعة كانت، فوجود أي عنصر من تنظيم “الدولة الإسلامية” أو من “المجموعات الجهادية” في منطقة مدنية لا يبرر قصف هذه المنطقة إطلاقاً.
ونجدد – في المرصد السوري- التزامنا الثابت بالمثابرة على الدفاع عن حقوق الإنسان التي تنصّ عليها الاتفاقيات الدولية والتي تسعى الأمم المتحدة عبر وكالاتها المتعددة إلى صيانتها وتكريسها في العقول وعلى أرض الواقع.
كما نؤكد تمسكنا بالدفاع عن وحدة بلدنا وسيادته، ونجدّد رفضنا المتكرّر لكل التدخلات الأجنبية التي عمّقت أزماتنا.