تجدد المعارك والغارات… وموسكو تحمل واشنطن أي فشل للهدنة
تجدد القصف الروسي والسوري والمعارك بين القوات النظامية السورية وفصائل معارضة في مناطق مختلفة في سورية وسط عدم إعلان تجديد الهدنة، في وقت أعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تفاؤله في شأن الهدنة في سورية، مؤكداً التزام بلاده ودمشق بها. لكن مسؤولاً في وزارة الدفاع الروسية أشار إلى أن الوضع في سورية «يسوء» وأن واشنطن ستكون مسؤولة في حال فشل الهدنة.
ودخلت الهدنة حيز التنفيذ في سورية. وجرى تجديدها 48 ساعة إضافية حتى مساء الجمعة، وأعربت موسكو عن استعدادها تمديد العمل بها 72 ساعة. وفي تصريحات نقلتها وكالات أنباء روسية، قال بوتين: «شعورنا إيجابي أكثر منه سلبي» في شأن وقف النار. وأضاف: «نشهد محاولات بين الإرهابيين لإعادة تجميع صفوفهم»، موضحاً: «أما بالنسبة لروسيا فهي تفي بكل التزاماتها». وأكد: «أبرمنا اتفاقات مع الرئيس (السوري) ومع الحكومة السورية. وكما نرى فان القوات السورية ملتزمة تماماً بهذه الاتفاقات». واعتبر بوتين أن واشنطن تواجه «مشكلة صعبة في التمييز بين المعارضين والإرهابيين».
ويستثني الاتفاق الروسي الأميركي تنظيم «داعش» و «جبهة فتح الشام» (جبهة النصرة سابقاً قبل فك ارتباطها بتنظيم القاعدة). ويعد تحالف الأخيرة مع فصائل معارضة وإسلامية في مناطق عدة في البلاد عائقاً أساسياً أمام الاتفاق.
وأعلن الجيش الروسي السبت أن الوضع في سورية يسوء مؤكداً أن الفصائل المقاتلة نفذت أكثر من 50 هجوماً على القوات الحكومية السورية وعلى المدنيين خلال 24 ساعة. وقال الجنرال فلاديمير سافتشنكو: «الوضع يسوء (…) خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية ارتفع عدد الهجمات في شكل كبير» مع تنفيذ 55 هجوماً على المواقع الحكومية والمدنيين. وأضاف سافتشنكو: «إذا لم يتخذ الجانب الأميركي الإجراءات الضرورية لتنفيذ التزاماته (…) فإن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية الكاملة عن انهيار وقف إطلاق النار».
وقال الجنرال فيكتور بوزنيخير من وزارة الدفاع الروسية إن وقف النار المعلن شهد 199 خرقاً منذ بدء سريانه قبل خمسة أيام. وأضاف: «الولايات المتحدة وما يسمى بجماعات المعارضة المعتدلة تحت سيطرتها لم يفوا بأي من التزاماتهم بموجب اتفاقات جنيف». وأضاف: «إذا لم تتخذ الولايات المتحدة الخطوات المطلوبة للوفاء بالتزاماتها وفقاً لاتفاق التاسع من أيلول (سبتمبر) فستقع على عاتقها مسؤولية أي انهيار كامل لوقف النار».
قصف ومعارك
وتجدد القصف الجوي والاشتباكات في شكل محدود على جبهات عدة في سورية، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، فيما لم يعلن رسمياً حتى الآن تمديد الهدنة. وقال «المرصد»: «سقطت قذيفتا هاون بعد منتصف ليل الجمعة – السبت، على مناطق في بلدة عين ترما في الغوطة الشرقية، في وقت دارت بعد منتصف ليل أمس اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل الإسلامية من جهة أخرى، في محور تل فرزات وأطراف بلدة البحارية بمنطقة المرج وحوش نصري في الغوطة الشرقية، في محاولة من قوات النظام للتقدم في المنطقة، وأنباء عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، كما وردت معلومات عن استشهاد مواطن وسقوط عدد من الجرحى جراء سقوط قذيفة أطلقتها قوات النظام وفتحها لنيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في الطريق الواصل بين قريتي أفرة ودير مقرن بوادي بردى».
وقال مدير «المرصد السوري» رامي عبد الرحمن لوكالة فرانس برس: «تجدد القصف والاشتباكات في شكل محدود على جبهات عدة في سورية أبرزها الغوطة الشرقية وريف حمص الشمالي»، مشيراً إلى أنه «حتى اللحظة تعد مدينة حلب الجبهة الأكثر هدوءاً».
في شمال غربي البلاد، قال «المرصد»: «فتحت طائرات حربية نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في مدينة معرة النعمان، والأطراف الجنوبية لبلدة سراقب في ريف إدلب الشرقي، فيما ارتفع إلى 4 هم رجلان اثنان وطفل وطفلة، عدد الشهداء الذين قضوا جراء قصف طائرات حربية لمناطق في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي، فيما فتحت طائرات حربية بعد منتصف ليل أمس نيران رشاشاتها الثقيلة على مناطق في مدينة خان شيخون بريف إدلب الجنوبي».
وفي وسط البلاد، قصفت طائرات حربية مناطق في بلدة تيرمعلة في ريف حمص الشمالي حيث تدور اشتباكات متقطعة بين قوات النظام والفصائل المعارضة. كما تعرضت مدينة تلبيسة إلى قصف مدفعي أسفر، وفق المرصد، عن مقتل «مدنيين هما امرأة وطفل».
وتسيطر فصائل مقاتلة وإسلامية على مناطق واسعة في ريف حمص الشمالي أهمها مدينتي تلبيسة والرستن.
وفي غرب البلاد، تجدد القصف الجوي على محور جبل الأكراد في ريف اللاذقية الشمالي، والذي شهد هدوءاً باستثناء بعض الخروقات خلال أربعة أيام من الهدنة، وفق المرصد.
ويقتصر وجود الفصائل المقاتلة والإسلامية في محافظة اللاذقية على ريفها الشمالي حيث تدور منذ أشهر معارك.
أما في مدينة حلب المقسمة، فقد أفاد مراسل فرانس برس في الأحياء الغربية أن الهدوء سيطر على المدينة باستثناء بعض القذائف القليلة خلال الأيام الماضية.
وتعد حلب جبهة القتال الرئيسية في البلاد، وهي تشهد منذ العام 2012 تبادلاً للقصف بين الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والأحياء الشرقية التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة.
وتحاصر قوات النظام الأحياء الشرقية في شكل متقطع منذ أكثر من شهرين دارت خلالهما معارك عنيفة في جنوب المدينة.
ووثق «المرصد السوري» منذ مساء يوم الاثنين مقتل «12 مدنياً، بينهم تسعة بنيران قوات النظام» في مناطق تسري فيها الهدنة، فيما «قتل 47 مدنياً في مناطق واقعة تحت سيطرة تنظيم داعش بينهم 38 في غارات جوية».
المصدر : الحياة