ترقب خروج مزيد من المحاصرين في شرق سوريا والأكراد يطالبون بمساعدات إنسانية

40

حقل العمر النفطي (سوريا) (أ ف ب) – تنتظر قوات سوريا الديموقراطية إجلاء المزيد من المدنيين المحاصرين في جيب تنظيم الدولة الإسلامية في شرق سوريا، في وقت يرتّب خروج الآلاف في الأيام الأخيرة عبئاً على الأكراد ومنظمات الإغاثة.

ومن شأن استكمال إجلاء المحاصرين من جيب التنظيم الأخير أن يحدّد ساعة الصفر لقوات سوريا الديموقراطية من أجل حسم المعركة سواء عبر استسلام الجهاديين أو إطلاق الهجوم الأخير ضدّهم، تمهيداً لإعلان انتهاء “خلافة” أثارت الرعب على مدى سنوات.

وتوقع مدير المكتب الإعلامي لقوات سوريا الديموقراطية مصطفى بالي في تصريح لوكالة فرانس برس “خروج عدد كبير من المدنيين اليوم” الإثنين من الجيب المحاصر داخل بلدة الباغوز، الذي تبلغ مساحته نحو نصف كيلومتر مربع آملاً أن تكون “الدفعة الأخيرة”.

وقال بالي أنه حسب تقديرات قوات سوريا الديموقراطية هناك “نحو خمسة آلاف شخص لا يزالون في الداخل” في آخر تحديث لبياناتها استناداً إلى معلومات جمعتها من الذين تمّ إجلاؤهم مؤخراً.

وخرج نحو خمسة آلاف شخص على دفعتين الأربعاء والجمعة من الباغوز غالبيتهم نساء وأطفال من عائلات الجهاديين، وصلوا إلى مخيم الهول شمالاً بينما تمّ نقل الرجال المشتبه بانتمائهم للتنظيم المتطرف إلى مراكز اعتقال للتوسع في التحقيق معهم.

ومنذ أكثر من أسبوع، تريثت قوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في هجومها الميداني لإفساح المجال أمام خروج المدنيين الذين فاق عددهم توقعاتها. وتدور اشتباكات متقطعة على محاور بعيدة عن مناطق تواجد المدنيين والممر الذين يخرجون منه.

ولم يُسجّل منذ الجمعة خروج أي من المحاصرين بحسب قوات سوريا الديموقراطية. إلا أن المرصد السوري لحقوق الإنسان أفاد الإثنين عن خروج نحو 1400 شخص من عائلات عناصر التنظيم خلال الـ24 ساعة الماضية من المزارع المحيطة بالباغوز.

وقال إنه جرى نقلهم الأحد على متن شاحنات إلى الأراضي العراقية، بعيداً عن عدسات الإعلام.

ونفى رئيس مكتب العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية الكردية عبد الكريم عمر أن تكون قوات سوريا الديموقراطية قد نقلت أياً منهم إلى العراق. وقال في تصريح لفرانس برس الإثنين “من حيث المبدأ لا نسلم أي شخص يمرّ عبرنا إلى السلطات العراقية أو أي طرف آخر إلا إذا كان هؤلاء الأشخاص مرّوا عن طريق فريق آخر” لم يحدّده.

– مساعدات عاجلة –

اعتقلت قوات سوريا الديموقراطية خلال المعارك التي خاضتها ضد التنظيم المتطرف، المئات من المقاتلين الأجانب غير السوريين والعراقيين من جنسيات عدة أبرزها البريطانية والفرنسية والألمانية. وقد طالبت مراراً الدول المعنية إلى استعادة مواطنيها وتحمل مسؤولياتها تجاههم.

ويزيد العدد المتزايد للخارجين من جيب التنظيم العبء على كاهل الإدارة الذاتية الكردية والمنظمات الإغاثية.

وقال عمر إن “المجتمع الدولي لا يتحمل مسؤولياته في الوقت الحاضر تجاه الأعداد الكبيرة من الخارجين من جيب داعش الأخير خصوصاً الأطفال منهم، سواء بالنسبة للحاجات اليومية أو الاهتمام وإعادة تأهيل الأطفال لأننا وحدنا لن نتمكن من فعل ذلك”.

وأضاف “لا تؤمن المنظمات الدولية أكثر من خمسة في المئة من احتياجات المخيمات والمعتقلات”.

في شمال شرق سوريا، يكتظ مخيم الهول الذي تديره قوات سوريا الديموقراطية مع وصول المزيد من الأشخاص إليه. ويؤوي المخيم الذي يضمّ قسماً خاصاً بعائلات الجهاديين، أكثر من 45 ألف شخص، وفق ما أفادت لجنة الإنقاذ الدولية الأحد.

ويضمّ المخيّم آلاف العائلات التي فرّت منذ 2017 من المعارك ضد التنظيم المتطرف، بالإضافة إلى المئات من أسر المقاتلين الجهاديين الأجانب التي تقيم في قسم خاص يخضع لحراسة مشدّدة.

وتوقعت الأمم المتحدة ليل الجمعة السبت وصول “آلاف آخرين خلال الساعات والأيام المقبلة إلى المخيم، ما سيرتّب ضغطاً إضافياً على الخدمات الرئيسية”. وأكدت “الحاجة الماسة إلى خيم إضافية ومواد غير غذائية ومياه ومستلزمات صحية ومواد تنظيف”.

وكانت قوات سوريا الديموقراطية ناشدت في وقت سابق المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة التدخل بشكل أكبر لتأمين حاجات الفارين، كون الأمر بات يفوق إمكانية الإدارة الذاتية.

– 78 وفاة –

على وقع التقدم العسكري لقوات سوريا الديموقراطية المدعومة من التحالف الدولي بقيادة أميركية، فرّ أكثر من 46 ألفاً تباعاً من مناطق سيطرة التنظيم منذ كانون الأول/ديسمبر، وفق المرصد.

وأحصت لجنة الإنقاذ الدولية التي تتواجد طواقمها داخل مخيم الهول وفاة 78 شخصاً منذ بدء حركة النزوح، “غالبيتهم أطفال صغار توفوا في طريقهم إلى مخيم الهول أو بعد وصولهم بفترة وجيزة”. وقالت إنّ ثلثي الأطفال المتوفّين هم دون عمر السنة.

ومُني التنظيم الذي أعلن في العام 2014 إقامة “الخلافة الإسلامية” على مساحات واسعة سيطر عليها في سوريا والعراق المجاور تقدر بمساحة بريطانيا، بخسائر ميدانية كبرى خلال العامين الأخيرين.

ويؤكد قياديون في قوات سوريا الديموقراطية أنه بعد انتهاء إجلاء المحاصرين في الباغوز لن يكون أمام مقاتلي التنظيم إلا خيار الاستسلام أو الموت في هجوم تخطط لشنّه تمهيداً لإعلان القضاء على التنظيم.

وقال عمر “في الأيام القليلة المقبلة، ستعلن قواتنا القضاء على تنظيم داعش ولكن هذا لا يعني أننا قضينا على الإرهاب الذي يجب استئصاله من الجذور”.

ولا يعني حسم المعركة في دير الزور انتهاء خطر التنظيم، في ظل قدرته على تحريك خلايا نائمة في المناطق المحررة وانتشاره في البادية السورية المترامية المساحة.

وتشهد سوريا نزاعاً دامياً تسبب منذ اندلاعه في العام 2011 بمقتل أكثر من 360 ألف شخص، وأحدث دماراً هائلاً في البنى التحتية، وتسبب بنزوح وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

المصدر: فرانس 24