تركيا تطمئن المعارضة السورية

رغم بوادر التقارب مع دمشق

72

أكدت تركيا تقديرها ودعمها لمساهمة المعارضة السورية في العملية السياسية في إطار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 لعام 2015 ، الذي ينص على وقف فوري لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا وبدء مفاوضات سياسية وتشكيل حكومة وحدة في غضون عامين تليها انتخابات.
وعقد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو اجتماعا مع قادة المعارضة السورية، وسط توالي التصريحات التركية عن انفتاح على الحوار مع النظام السوري والتأكيد على ضرورة المصالحة أو التوافق بين المعارضة والنظام من أجل تحقيق السلام الدائم في سوريا.
وقال جاويش أوغلو، في تغريدة على «تويتر»، الأربعاء، إنه استضاف في مقر وزارة الخارجية التركية في أنقرة رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، سالم المسلط، ورئيس هيئة التفاوض، بدر جاموس، ورئيس الحكومة المؤقتة عبد الرحمن مصطفى.
جاء اللقاء بعد أن كشف جاويش أوغلو، مؤخرا، عن وجود اتصالات بين تركيا والنظام السوري، وأنه التقى نظيره السوري فيصل المقداد على هامش اجتماعات دول عدم الانحياز في بلغراد في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، وتأكيده ضرورة تحقيق المصالحة أو «التوافق» بين المعارضة والنظام لأن ذلك هو السبيل لإقرار سلام دائم في سوريا.
وتسببت تصريحات جاويش أوغلو في موجة غضب واسع ضد تركيا في المناطق التي تسيطر عليها قواتها وفصائل المعارضة في شمال غربي سوريا، واعتبرت تركيا أن هناك «جهات بعينها تقف وراءها»، في إشارة إلى وحدات حماية الشعب الكردية، أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية (قسد).
ونقلت صحيفة «يني شفق» القريبة من الحكومة، عن رئيس الائتلاف السوري المعارض، سالم المسلط، أن المظاهرات المناهضة لتركيا التي جرت قبل أسبوعين في مناطق عدة بشمال سوريا، كانت من «عمل محرضين»، لكنه عاد وأكد، قبل يومين، أن تصريحاته للصحيفة التركية تعرضت في قسم منها للتحريف.
وأكد أن المعارضة تتطلع لإيجاد حل سياسي لجميع أطياف السوريين، وليس فقط لمناطق المعارضة السورية، وأن الحل السياسي الذي طرح في مؤتمر جنيف هو القرار رقم 2254 الذي اعتمده مجلس الأمن الدولي بالإجماع، وأن النظام السوري لا يريد حلا سياسيا.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أكد منذ أيام ضرورة الإقدام على خطوات متقدمة في الحوار بين أنقرة ودمشق ورفع مستوى المحادثات، معتبرا أن هدف بلاده في سوريا ليس تحقيق النصر على رئيس النظام، بشار الأسد، وإنما محاربة الإرهاب، مؤكداً في الوقت ذاته أن الحوار مع النظام السوري يجب أن يصل إلى أعلى المستويات.
وأكد جاويش أوغلو، في مقابلة تلفزيونية الثلاثاء، أنه ليس لتركيا شروط مسبقة للحوار مع دمشق، وأكد في الوقت ذاته أن الأسد غير مدعو للمشاركة في قمة قادة دول منظمة شنغهاي.
وكانت وكالة «تسنيم» الإيرانية ذكرت، الاثنين، أن هناك جهوداً روسية تبذل لعقد لقاء بين إردوغان والأسد خلال اجتماع قادة منظمة شنغهاي للتعاون الذي سيعقد في مدينة سمرقند بأوزبكستان الشهر المقبل، وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعا كلاً من إردوغان والأسد إلى المشاركة في هذه القمة، وأن هناك احتمالاً للقاء بينهما على هامشها.
وأكد جاويش أوغلو، مجدداً، أن هناك حواراً يجري بين أجهزة المخابرات السورية والتركية، وسبق أن أكد إردوغان ذلك أيضاً. وقال إن الحوار مع حكومة دمشق يجب أن يكون هادفاً؛ مشيراً إلى أن وحدة الأراضي السورية، وحماية الحدود التركية، والعودة الآمنة للاجئين السوريين، هي ما تسعى إليه بلاده. واعتبر أن مسار «آستانة» هو المسار الوحيد الذي حقق تقدماً. ولفت إلى أن المعارضة تتخذ موقفاً «ناضجاً» من العملية السياسية، بينما لم يؤمن النظام بشكل كامل بها. ورأى أن على الأمم المتحدة إجراء انتخابات تحت إشرافها في سوريا، لتتيح للشعب السوري فرصة تقرير مصيره.
وشدد جاويش أوغلو على أن النظام السوري غير قادر على محاربة الإرهاب، ما يجعل حرب تركيا ضد «الإرهابيين» في سوريا (في إشارة إلى «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكونات تحالف «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)) تصب في مصلحة البلدين.
وبالتزامن مع اجتماع جاويش أوغلو وقادة المعارضة السورية، كشف المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مقتل 3 مدنيين من مهجري مدينة عفرين، بينهم امرأة، وإصابة 8 آخرين نتيجة استهداف مسيرة، رجح أنها تركية، سوقا في مدينة تل رفعت.
ويعد الاستهداف الجديد التاسع من نوعه لمنطقة انتشار قوات قسد والنظام في ريف حلب، منذ مطلع يوليو (تموز) الماضي، والثاني الذي استهدف تل رفعت في أغسطس (آب) الحالي حيث أصيب 7 أشخاص في الرابع من أغسطس جراء إلقاء طائرة مسيرة تركية قنبلة وسط المدينة.
وتم تنفيذ 68 هجوما بالطائرات المسيرة التركية على مناطق سيطرة قسد في شمال وشرق سوريا، منذ بداية العام الحالي، أسفرت عن مقتل 41 شخصاً وإصابة 77 آخرين، حيث صعدت تركيا من هجماتها بالطيران المسير نتيجة ما يعتبره قياديون في قسد، أنه اتفاق ضمني بين تركيا والولايات المتحدة من جانب وروسيا من جانب آخر، من أجل استبعاد عملية عسكرية هددت بها تركيا منذ مايو (أيار) الماضي، تشمل منبج وتل رفعت، بهدف استكمال مناطق أمنية بعمق 30 كيلومترا في عمق الأراضي السورية لإقامة حزام أمني على حدود تركيا الجنوبية.

المصدر: الشرق الأوسط

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.