تشكيل «لجنة الدستور» السوري في المرحلة النهائية
بدا أن سورية مقبلة على ترتيبات جديدة تتداخل فيها مصالح الدول الكبرى قبل إحياء العملية السياسية. وفي وقت وسعت واشنطن من أهدافها في سورية لتشمل إنهاء الوجود الإيراني، بالتزامن مع ترجيح اتفاق روسي – إسرائيلي يحسم ملف الجنوب، أظهرت باريس رغبة بزيادة زخم دورها، معتمدة على تواصلها مع الأطراف كافة.
وينطلق غداً في جنيف اجتماع لضامني «آستانة»، روسيا وتركيا وإيران، للبحث في تشكيل لجنة الدستور السوري. وأفادت مصادر في المعارضة «الحياة» بتجهيز لائحة تضم 100 مرشح إلى اللجنة الدستورية، موزعين بين أعضاء «الهيئة العليا للمفاوضات» والأطراف التي حضرت مؤتمر «سوتشي»، ستُقدم إلى المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، على هامش الاجتماع. وأوضحت أن نصف اللائحة اختاره «تيار الغد السوري» و «منصة موسكو» وتيار هيثم مناع، بينما اختارت «هيئة التفاوض» النصف الآخر.
وفيما نفت الناطقة باسم الجبهة الديموقراطية السورية ميس كريدي في اتصال مع «الحياة» تلقي «أي دعوة إلى جنيف»، لم يستبعد الناطق باسم هيئة التفاوض المعارضة يحيى العريضي مشاركة المعارضة في اجتماع مقرر في 25 الشهر الجاري بجنيف لممثلين عن الدول «ذات المقاربات المتشابهة»، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا ودولتان عربيتان، إضافة إلى ألمانيا. وقال إن «مشاركة الهيئة إن حصلت، تأتي برعاية الأمم المتحدة، وليس تحت المظلة الروسية».
وأعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف أن مبعوث الرئيس الروسي إلى سورية ألكسندر لافرينتييف ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين سيمثلان الجانب الروسي في المشاورات الثلاثية بجنيف. وأضاف: «لدينا فرصة جيدة لأن نلتقي ونجري مع دي ميستورا مشاورات.
واستبق الرئيس الفرنسي الاجتماع، وأجرى محادثات هاتفية مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان حول «الوضع في سورية». ونقلت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية عن مصادر في الرئاسة التركية أن الرئيسين «تناولا التطورات في سورية، ومكافحة الإرهاب وقضايا اللاجئين، وشددا على التعاون في الأزمات الإقليمية». ونوه أردوغان بالاتفاق الذي توصلت إليه بلاده مع الولايات المتحدة أخيراً، في شأن مدينة منبج (شمال سورية).
وكانت أنقرة تمكنت من تعزيز نفوذها في الشمال السوري. وفي مؤشر إلى ضوءٍ أخضر تركي سمح للنظام بتكثيف القصف على إدلب (شمال سورية) في مقابل السيطرة على مدينة تل رفعت التي تتمركز فيها قوات روسية وإيرانية، كشف أردوغان في لقاء تلفزيوني أول من أمس عن محادثات مع موسكو وطهران لتفادي موجة نزوح من إدلب. وقال إن «النظام، وروسيا خصوصاً، سددا ضربات دقيقة إلى مواقع المنظمات الإرهابية في إدلب». وزاد: «الوقت سيُظهر هل ستكون هناك موجة نزوح. ولتفاديها نجري محادثات مع روسيا وإيران. وفي هذا الشأن تكتسب تل رفعت أهمية كبيرة».
وعلى صعيد جبهة الجنوب، رجحت مصادر روسية «التوصل قريباً إلى اتفاق مع إسرائيل لإعطاء النظام ضوءاً اخضر وانتشارِ الشرطة العسكرية الروسية»، فيما وسّعت واشنطن من أهدافها في سورية لتشمل إنهاء الوجود الإيراني، إذ اعتبر المرشح لمنصب مساعد وزير الخارجية الأميركية ديفيد شينكير، خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، أن وجود قوات بلاده في سورية ضروري لـ «منع طهران من إقامة جسر بري إلى المتوسط، وتعزيز مواقع واشنطن بمواجهة روسيا.
وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية أمس أن قائد الشرطة العسكرية الروسية الجنرال فلاديمير إيفانوفسكي بدأ زيارة لإسرائيل محورها الوجود الإيراني جنوب غربي سورية، غداة اتصال هاتفي بين الرئيس فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو.
وقال مصدر روسي مطلع لـ «الحياة» إن «العمل جار للتوصل إلى اتفاق مع إسرائيل يضمن نشر الشرطة العسكرية الروسية في محافظتي درعا والقنيطرة، خصوصاً المناطق المحاذية للحدود مع الجولان المحتل»ـ ورجح «موافقة تل أبيب شرط ضمانات روسية بعدم انتشار الإيرانيين قرب الحدود».
أما في الشرق السوري، فتتجه قوات سورية الديموقراطية (قسد)، مدعومة من قوات التحالف الدولي، إلى إتمام سيطرتها على شرق نهر الفرات، بعدما تمكنت من حصر تنظيم «داعش» الإرهابي في جيبين صغيرين جنوب الحسكة، وفي بلدة هجين التابعة لدير الزور.
المصدر: الحياة