تفجير منبج.. “رسالة تركية” لترامب
يثير توقيت الهجوم الانتحاري على دورية للجيش الأميركي في بلدة منبج شمالي سوريا العديد من التساؤلات، بشأن الجهة المستفيدة من هذا الحادث، في وقت تسعى واشنطن إلى تنفيذ انسحاب “حذر” من المنطقة، وتتأهب تركيا للتواجد العسكري بحجة محاربة تنظيم داعش والجماعات الكردية التي تعتبرها إرهابية.
فالهجوم الذي استهدف مطعما في منبج وأودى بحياة 5 جنود أميركيين هو الأكبر من نوعه ضد قوات أميركية منذ بدء عمليات التحالف الدولي في سوريا.
وجاء الهجوم في خضم جدل بين الولايات المتحدة وتركيا بشأن كيفية انسحاب القوات الأميركية والمحاذير التي تضعها واشنطن على أنقرة فيما يتعلق بمهاجمة الأكراد.
لحظة التفجير الانتحاري في منبج نشر المرصد السوري لحقوق الإنسان فيديو يظهر لحظة التفجير الذي ضرب مطعما في منبج وتسبب في مقتل 16 شخصا، بينهم عنصران من التحالف الدولي.
ومما يزيد الجدل، هو العلاقة التي تجمع أنقرة مع تنظيم داعش، والتي وردت في العديد من التقارير الاستخباراتية الغربية والتي اتهمت الحكومة التركية بدعم التنظيم واستخدامه في كثير من الأحيان في قتال الجماعات الكردية في الشمال السوري.
وبعد ساعات من التفجير، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن الهجوم ربما كان يهدف إلى ردع الولايات المتحدة عن سحب قواتها، مشيرا إلى أنه لا يعتقد أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب سيتراجع عن قراره “في مواجهة هذا العمل الإرهابي”.
لكن الهجوم جاء بالفعل بعد أن أظهرت واشنطن ميلا لاستبدال عملية انسحاب سريع بعملية متأنية تضع في حسبانها حماية الحلفاء الأكراد الذين ساعدوا التحالف الدولي في دحر داعش والقضاء عليه جغرافيا.
المستفيدان
ويقول المتحدث الرسمي باسم قوات سوريا الديمقراطية نوري محمود لسكاي نيوز عربية إن “تركيا وداعش هما المستفيدان فقط من هكذا هجوم.. تركيا تريد أن تقول أن هذه المنطقة غير آمنة لشرعنة عمليتها العسكرية في المنطقة”.
ويتفق مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن مع هذا التوجه، قائلا لموقع سكاي نيوز عربية إن “المستفيد الأكبر هي تركيا التي لها مصلحة في تنفيذ هذه العملية حتى لو تبناها تنظيم داعش، لأنها تخدم الروايات التركية التي تؤكد وجود تنظيم داعش في المنطقة في المقام الأول”.
وحشدت تركيا آلاف الجنود والآليات وعدد كبير من الجماعات المسلحة الموالية لها حول منبج لبدء عمل عسكري ضد قوات سوريا الديمقراطية التي ينسب لها هزيمة داعش ميدانيا بدعم من التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.
ويقول عبد الرحمن:” كلما تحدث أردوغان عن مواجهة داعش، صعد التنظيم من عمليات سواء في الرقة عبر مهاجمة قوات سوريا الديمقراطية أو اليوم في منبج مهاجمة قوات التحالف”.
وكان الرئيس التركي قد تعهد قبل يومين بمواجهة تنظيم داعش والجماعات الكردية في الشمال السوري، وذلك فيما هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بتدمير اقتصاد تركيا إذا شنت عملا ضد الأكراد.
بعد تهديد ترامب واقتراح الـ 30 كيلومتر
ودفع ترامب باقتراح مقترنا بهذا التهديد، بأن تحصل تركيا على 30 كيلومترا داخل الأراضي التركية كشريط آمن يبعد عن حدودها الجماعات الكردية، وفي ذات الوقت، يحمي الأكراد من احتمالية شن أنقرة لعمل عسكري ضدهم.
ويقول الرئيس المشترك لحزب المجتمع الديمقراطي الكردي ألدار خليل لسكاي نيوز عربية إن هذه الهجمة جاءت بعد أن تأكدت أنقرة أنها لن تتمكن من السيطرة على منبج كما كانت تتوقع، وخاصة بعد الحديث الأميركي عن إقامة منطقة آمنة.
ويضيف:” المنطقة الآمنة تحتاج إلى منطقة غير آمنة في نظر تركيا”، في إشارة إلى سعي تركي لزعزعة الأمن في هذه المناطق لضمان الحصول على شريط حدودي هادئ.
هل ينقلب السحر؟
و ليس من مصلحة تنظيم داعش أن تبقى القوات الأميركية في المنطقة، كونها القوة الرئيسية التي استطاعت عبر حلفائها الأكراد من القضاء على “الخلافة المزعومة” التي أعلنها في الرقة ولم يتبق منه سوى بعض الجيوب في الشمال وشرقي نهر الفرات.
ويقود هذا الطرح إلى أن الانسحاب الأميركي من المنطقة يأتي في صالح التنظيم، حسبما أكد قادة الجيش الأميركي وأعضاء الكونغرس مرارا للرئيس ترامب، بينما يمثل نفس المصلحة لتركيا التي تنتظر الانسحاب الأميركي بفارغ الصبر لتنفيذ خططها في المنطقة.
وصعدت الولايات المتحدة من عملياتها ضد التنظيم في الأيام الأخيرة، في إطار سعيها للقضاء على آخر جيوبه قبل أن تسحب قواتها من البلاد، لكن رغم الرهان الذي وضعه التنظيم على إحداث خسائر كبيرة في صفوف الأميركيين عبر هذه العملية، قد يأتي بنتائج عكسية وقد يدفع ترامب إلى إبقاء قواته لفترة أطول.
ويقول خليل: “قد تنقلب الآية على تركيا ولا تسير الأمور كما تريدها”.