تقدم النظام في حلب “الاختراق الأبرز” منذ بدء التدخل الروسي بسورية
ضيق الجيش السوري الخناق على المجموعات المسلحة في الاحياء الشرقية لمدينة حلب في شمال سورية، بعد قطع طريق امدادهم الرئيسية، في تطور ميداني نوعي في البلاد الغارقة في الحرب منذ حوالى خمس سنوات.
ويقول محللون ان تقدم الجيش باتجاه مدينة حلب هو الانجاز الميداني الابرز للحكومة منذ بدء روسيا حملة جوية في سورية في 30 ايلول (سبتمبر).
ويقول الباحث في معهد الدراسات الاستراتيجية والعلاقات الدولية كريم بيطار، ان هذا التقدم هو “الاختراق الابرز” للجيش السوري، مضيفا “يبدو انه تتم وضع اللمسات الاخيرة على مرحلة تقوية الجيش التي بدأت مع التدخل الروسي”، مشيرا الى ان المناطق الاخرى الواقعة تحت سيطرة الجيش “لم تعد تحت تهديد مباشر”.
وسيطر الجيش السوري بغطاء جوي روسي منذ الاثنين على بلدات عدة في ريف حلب الشمالي، ما مكنه من كسر الحصار عن بلدتي نبل والزهراء اللتين تحاصرهما المجموعات المسلحة منذ العام 2012 وقطع طريق امداد رئيسية على هذه المجموعات يربط بين مدينة حلب وريف المحافظة الشمالي باتجاه تركيا.
وتشهد مدينة حلب معارك مستمرة منذ صيف 2012 بين الجيش الذي يسيطر على الاحياء الغربية والمجموعات المسلحة التي تسيطر على الاحياء الشرقية منها والمهددة اليوم بان تصبح تحت “حصار مطبق”، بحسب مصادر متطابقة.
ويقول مدير المرصد رامي عبد الرحمن “تمكن الجيش السوري خلال 72 ساعة من تحقيق ما عجز عنه خلال السنوات الثلاث الاخيرة”. ويضيف “اذا لم تتلق هذه المجموعات المسلحة في مدينة حلب دعما عاجلا من دول الخليج وتركيا، فإن ذلك قد يشكل بداية نهايتها”.
ولم يبق للمجموعات وفق عبد الرحمن “الا منفذ وحيد يعرف بطريق الكاستيلو، لكنه طريق طويل ومعقد وسيشكل الهدف المقبل لعمليات الجيش”.
ويربط هذا الطريق مدينة حلب بالريف الغربي وصولا الى محافظة ادلب (شمال غرب) التي تسيطر عليها مجموعات “جيش الفتح” الارهابي والمكونة من مجموعات عدة مسلحة بينها جبهة النصرة منذ الصيف الماضي.
ويضيف “اذا خسرت المجموعات سيطرتها على هذه الطريق، يصبح الحصار مطبقا” على مدينة حلب.
وكان اكثر من خمسة الاف مقاتل موالين للجيش يدافعون عن نبل والزهراء، وفق المرصد. ومن شان انضمامهم للقتال الى جانب الجيش ان “يسرع من انهيار البلدات التي لا تزال تحت سيطرة المجموعات الارهابية شمال مدينة حلب على غرار بيانون وكفرحمرة وحيان”.
ويرى المحللان في “المجلس الاطلسي” للدراسات الاستراتيجية فيصل عيتاني وحسام ابو زهر ان تقدم الجيش شكل “ضربة قاسية” للمجموعات المسلحة وأظهر كيف ان التدخل الروسي قلب المعطيات لصالح الحكومة السورية.
وفي مقال مشترك نشره المركز الاميركي على موقعه الالكتروني، كتب المحللان “مقارنة مع الخسائر التي مني بها قبل خمسة اشهر فقط، بات الجيش في موقع يخوله تقسيم وعزل المجموعات المسلحة والتقدم على حسابها في مناطق جغرافية رئيسية”.
وتحدثت وكالة الانباء السورية الرسمية “سانا” عن “احتفالات حاشدة” في ساحات نبل والزهراء “استقبالا لوحدات الجيش والقوات المسلحة وابتهاجا بفك الحصار عن البلدتين”.
كما بث تلفزيون “المنار” التابع لحزب الله اللبناني الذي يقاتل الى جانب الجيش السوري، صورا قال انها حصرية للجيش والمقاتلين المتحالفين معها وهم يدخلون البلدتين. وتظهر المشاهد الحشود وهي تعانق الجنود وعناصر المقاتلين الذين اطلقوا النار في الهواء عند وصولهم ابتهاجا.
وفي موسكو، اعلن سلاح الجو الروسي أمس الخميس تنفيذ غارات على 875 “هدفا ارهابيا” في سورية في “الايام الثلاثة الاخيرة” خصوصا في منطقة حلب بشمال شرق سورية.
وجاء في بيان صدر عن وزارة الدفاع الروسية ان “الطائرات الحربية الروسية نفذت في الايام الثلاثة الاخيرة من الاول حتى الثالث من شباط (فبراير) 237 طلعة ضد 875 هدفا ارهابيا” في مناطق حلب (شمال شرق) واللاذقية (شمال غرب) وحمص (وسط) وحماة (وسط) ودير الزور (شرق)”.
وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع الجنرال ايغو كوناشنكوف ان “الجيش السوري اخرج الاربعاء بدعم من القوات الموالية المتمردين من مواقعهم وقام بتحرير بلدتي نبل والزهراء المحاصرتين منذ اربع سنوات” في شمال حلب.
واضاف ان “خسائر كبيرة لحقت بالارهابيين بفضل تدخل سلاح الجو الروسي”.
وأعلنت وزارة الخارجية الروسية أن سبب قرار “معارضة الرياض” تعليق مفاوضات جنيف يعود إلى تحقيق الجيش السوري نجاحات جدية في شمال محافظة حلب.
وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في مؤتمر صحفي الخميس، إن الجيش السوري تمكن بعد تحرير عدد من البلدات في المنطقة المذكورة من قطع الطريق لمسلحي “جبهة النصرة” و”أحرار الشام” بين شمال محافظة حلب ومحافظة إدلب.
وأضافت زاخاروفا: “إن ذلك جاء بمثابة ضربة جدية لمختلف الإرهابيين وكذلك أعوانهم والمشرفي عليهم “.
وقالت الدبلوماسية الروسية إن بعض الجماعات في سورية وقعت عقودا تجارية مع ما يسمى “داعش” حول تزويد إدلب بالوقود والأسلحة مقابل تصدير سلع زراعية إلى الرقة وغيرها من المناطق بشرق سورية.
وأشارت زاخاروفا إلى أن طريق تزويد مسلحي إدلب بالوقود قطع حاليا ولا يبقى لديهم سوى إمكانية نقل الوقود من تركيا من خلال معبر باب الهوى الذي تسيطر عليه “جبهة النصرة” الارهابية.
من جهة أخرى أكدت المتحدثة باسم الخارجية الروسية أن أنقرة لم تقدم حتى الآن معطيات موضوعية تثبت انتهاك الحدود التركية من قبل طائرة حربية روسية، مشيرة إلى أن تركيا لم تستجب لطلبات الجانب الروسي.
ووصفت زاخاروفا تصريحات الخارجية التركية بشأن عدم اعتراف روسيا بـ”الوقائع الواضحة” حول خرق الحدود التركية، بأنها غير مقبولة.
وقالت إن حلف الناتو هو الآخر لم يقدم حتى الآن أي أدلة مقنعة حول خرق المجال الجوي التركي.
مؤكدة أن موسكو تحدثت أكثر من مرة عن ضرورة إغلاق الحدود بين تركيا وسورية من أجل تحقيق استقرار الوضع ومنع تغذية المنظمات الإرهابية.
أشارت زاخاروفا إلى أن أنقرة توجه اتهامات عارية عن الصحة إلى موسكو من أجل إيجاد غطاء لزيادة نشاطها العسكري في المنطقة الحدودية.
المصدر:الغد