تمهيدًا لفرض الضرائب المالية.. “حكومة الإنقاذ” تطالب “المراكز الطبية” باستخراج تراخيص عمل

31

أصدرت “حكومة الإنقاذ” مؤخرًا قرارًا بشأن “المراكز الطبية” العاملة ضمن مناطق نفوذها في إدلب وريفها طلبت منها الإسراع لاستخراج تراخيص عمل خلال فترة زمنية محددة، كما وأصدرت قرارًا آخر يقضي بإلزام جميع العاملين في المجال الطبي باستخراج تراخيص “مزاولة مهنة” وهددت بفرض عقوبات على كل من “المراكز الطبية” والعاملين في المجال الطبي بحال مخالفة القرارات الصادرة.

وأصدرت “وزارة الصحة” التابعة ” لحكومة الإنقاذ” بتاريخ 16 حزيران/ يونيو الجاري قرارًا طلبت فيه من جميع “المراكز الطبية” بما فيها المراكز العاملة في مجال التجميل ومراكز العلاج الفيزيائي ومراكز علاج العقم مراجعة “وزارة الصحة” للحصول على تراخيص عمل، مهددة بإغلاق المراكز الغير مرخصة “بالشمع الأحمر” بعد انتهاء مهلة الترخيص والتي تبدأ بحسب نص القرار بتاريخ 1 تموز/ يوليو القادم ولغاية 1 آب/ أغسطس، كما وفرضت الوزارة في قرار آخر على جميع العاملين في المجال الطبي التوجه لاستخراج ترخيص “مزاولة مهنة” خلال فترة ثلاثة أشهر من تاريخ صدور القرار في 16 حزيران/ يونيو الجاري، مهددة بفرض ما أسمته “العقوبات القانونية” بحق كل من لايملك هذا الترخيص.

ولاقى قرار ترخيص “المراكز الطبية” بشكل خاص موجة انتقادات محلية، حيث اعتبره العديد من النشطاء والمدنيين بابًا جديدًا لتحصل “حكومة الإنقاذ” على الأموال من هذه المراكز مقابل ترخيصها إضافة لفرض ضرائب مالية عليها من قبل “هيئة تحرير الشام” التي باتت تتحكم بجميع منافذ الحياة العامة في المنطقة وتهيمن على جميع القطاعات فيها لكسب المزيد من الأموال لتمويل ذاتها محلياً.

ويتحدث الناشط (م.أ) للمرصد السوري لحقوق الإنسان عن هذا القرار والهدف منه قائلاً، بات من المعروف محليًا عندما تطلب “حكومة الإنقاذ” ترخيص محلات تجارية معينة أو مدارس أو مراكز طبية أو مكاتب فهذا يعني أنها بداية لفرض الضرائب المالية عليها بحجة تسهيل عملها في المنطقة وتوفير الحماية لها وتنظيمها.

مضيفاً، سبق وأن طلبت استخراج تراخيص من “مكاتب الصرافة” والمدارس الخصوصية ومحلات الصاغة والمحروقات وصالات الإنترنت وغيرها وتفرض عليها حاليًا ضرائب مالية شهرية و تخضعها لإجراءات مشددة وكل ذلك بهدف كسب المال فقط وضمان استمرارية تمويل كل من “حكومة الإنقاذ” و”هيئة تحرير الشام”.

ويتابع، بحال تم فرض ضرائب مالية على المراكز الطبية فهذا يعد انتهاكًا خطيرًا وتجاوز من قبل “حكومة الإنقاذ” بحق هذه المراكز التي تقاوم النقص الحاد في الدعم الطبي وتقدم الخدمات العلاجية لمئات آلاف المدنيين ضمن مناطق إدلب وريفها في ظل اغلاق العديد من المنشآت الطبية أبوابها بسبب قلة الدعم، فمن المفترض عدم التعامل مع المنشآت الطبية على أساس تجاري.

ويلفت إلى ضرورة أن تكون “حكومة الإنقاذ” الجهة الراعية والداعمة لهذه المراكز لا أن تطلب منها التراخيص لفرض الضرائب عليها وبالتالي إضعاف قدراتها على تقديم الخدمات الطبية للمدنيين، ويبدو أن “هيئة تحرير الشام” لم تعد تكتفي بما تحصل عليه من مشاريعها الاستثمارية الداخلية ومن المجالات التي تضع يدها عليها فتوجهت إلى الجانب الطبي.

مؤكدًا في الوقت ذاته على أهمية ترخيص المراكز الطبية لضمان سير عملها بشكل جيد لكن اذا ما تعاملت “حكومة الإنقاذ” مع هذه المراكز كما جرى في مجالات أخرى وفرضت ضرائب مالية فهذا ليس من صالح المنطقة بشكل عام و ستغلق أبوابها بعد فترة بوجه المدنيين.

ومن جانب آخر يرى البعض بأن تطبيق مثل هذه القرارات مهم جداً فالمنطقة تحتاج لجسم إداري يعمل على تنظيم جميع القطاعات بما فيها القطاع الطبي، كما يرون بأن كل من قرار ترخيص المراكز الطبية واستخراج ترخيص “مزاولة مهنة” للعاملين في المجال الطبي هي قرارات صائبة تهدف لوضع حد لحالة الفوضى التي تحدث حيث تخلل هذا المجال وجود أشخاص غير مهنيين ومراكز طبية خاصة تأخذ أسعار متنوعة كما ويوجد ضمنها أشخاص غير مهنيين ومن المهم تنظيم هذه الجوانب.

وعن ذلك يتحدث الشاب ( ع.ع) الذي يعمل “فني تخدير” في أحد مشافي مدينة إدلب للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قائلاً، ترخيص “المراكز الطبية” له العديد من الإيجابيات التي ستعود بالفائدة على المدنيين بالدرجة الأولى ومن أبرزها هي توحيد أسعار العلاج في جميع هذه المراكز وعدم وجود تفاوت كبير بالأسعار ما زاد من معاناة المدنيين خلال الفترة السابقة.

ويضيف، كما أن ترخيص المراكز يضمن صلاحية “وزارة الصحة” مراقبة العاملين ضمنها وتدقيق شهاداتهم العلمية وبالتالي ضمان عدم دخول أشخاص غير مهنيين أو مزورين لشهاداتهم الجامعية ضمن هذه المراكز، وتحصل “وزارة الصحة” التابعة “لحكومة الإنقاذ” بموجب التراخيص على حق الحصول على بيانات عن جميع المراكز والعاملين فيها.

ويستبعد أن تكون كخطوة لفرض الضرائب المالية على هذه المراكز فجميع المشافي والمراكز الطبية العاملة في المنطقة سواء كانت التابعة “لحكومة الإنقاذ” أو الخاصة منها تتبع إداريًا لها ولا يتم فرض ضرائب مالية عليها، بل إن المشافي والمراكز الخاصة أو المدعومة من قبل منظمات إنسانية لا يتم التدخل بسياستها الداخلية.

مشيراً إلى أن المراكز الطبية الخاصة ولاسيما مراكز “علاج العقم” و”التجميل” تفرض أسعار عالية جداً على المدنيين من فحوصات طبية وعمليات جراحية ويجب أن يكون هناك جهاز رقابي عليها لضبط حالة ارتفاع الأسعار، وبحال فرضت ضرائب فهذا من المؤكد مرفوض فالمجال الطبي يجب أن يبقى بعيداً عن قائمة القطاعات التي تعتمد عليها “حكومة الإنقاذ” لتمويلها.

وخلال الثلاث سنوات الأخيرة كثفت “حكومة الإنقاذ” من قراراتها بشأن قضية الترخيص التي تفرضها على معظم القطاعات والمجالات، وخلال هذه الفترة فرضت الترخيص على المنشآت الرياضية من ملاعب وصالات رياضية واستحدثت لها ما تعرف باسم “المديرية العامة للرياضة والشباب” كما رخصت مكاتب الصرافة عبر “مؤسسة النقد” والمدارس الخاصة عبر “وزارة التربية” والمشافي الخاصة والصيدليات عبر “وزارة الصحة” وغيرها العديد من المجالات الأخرى.

ويتهم ناشطون محليون ومدنيون في مناطق إدلب وريفها “حكومة الإنقاذ” بأنها تتخذ من إجراءات الترخيص وسيلة لفرض رسوم مالية للحصول على هذه التراخيص ومن ثم تبعية المنشآت المرخصة لها وفرض الضرائب بشكل دائم عليها بهدف تمكين سيطرتها وتدعيم نفوذها في المنطقة عبر التحكم بجميع المنافذ.

والجدير ذكره بأن القطاع الطبي في الشمال السوري يشهد تراجعًا كبيرًا جراء نقص الدعم الدولي وغياب شبه تام لمصادر التمويل ما نتج عنه إغلاق العديد من المنشآت الطبية خصوصاً ضمن مناطق سيطرة “هيئة تحرير الشام” في إدلب وريفها شمال غربي سوريا، وتعاني العديد من المشافي والمراكز الطبية الحالية من نقص حاد في المستلزمات الأساسية وتراجع في مستوى القدرة على تقديم الخدمات بشكل مناسب للمدنيين.