توافق أميركي ـ روسي وراء تبني القرار 2235 بشأن استخدام «الكيماوي» في سوريا
صوتت الدول الخمس عشرة الأعضاء بمجلس الأمن بالإجماع على قرار تقدمت به الولايات المتحدة يسمح بإجراء تحقيق حول استخدام الأسلحة الكيماوية في الهجمات في سوريا وتحديد المسؤولين عن تلك الهجمات لتقديمهم إلى العدالة.
ويعد القرار الأممي خطوة كبرى في محاولة التصدي لاستخدام الأسلحة الكيماوية في الحرب السورية باعتماد آلية لإنشاء لجنة تحقيق تمهد لمساءلة المسؤولين عن تلك الانتهاكات. وتبنى مجلس الأمن صباح الجمعة القرار 2235 الذي يطالب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بالتنسيق مع المدير العام لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية بتقديم تقرير وتوصيات في غضون عشرين يوما على إنشاء آلية تحقيق مشتركة ويتعين على مجلس الأمن الاستجابة لتلك التوصيات خلال خمسة أيام من ورودها من الأمين العام للأمم المتحدة ومدير منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. ووفقا للقرار يتم تشكيل لجنة لمدة سنة واحدة (مع إمكانية التمديد) للتحقيق في الهجمات التي تم استخدام السلاح الكيماوي فيها ويكون من سلطات لجنة التحقيق تحديد الأفراد والهيئات والجماعات والحكومات التي يشتبه في تورطهم ومسؤوليتهم وارتكابهم أو المشاركة في استخدام المواد الكيماوية كأسلحة في سوريا بما في ذلك عاز الكلور أو أي مواد كيماوية سامة أخرى.
يطالب القرار الحكومة السورية وجميع الأطراف الأخرى في سوريا بالتعاون مع الخبراء في لجنة التحقيق وتوفير إمكانية الوصول الكامل إلى جميع المواقع والأفراد والمواد ذات الصلة في سوريا للمحققين في اللجنة المشتركة، كما يدعو القرار الدول الأخرى إلى تقديم أي معلومات لديهم حول المسؤولين والمشاركين في استخدام المواد الكيماوية كأسلحة في سوريا بما في ذلك استخدام غاز الكلور. وخلال الجلسة أكدت سامنتا باور مندوبة الولايات المتحدة لدى مجلس الأمن على ضرورة محاسبة مرتكبي تلك الجرائم وتقديم المتورطين في استخدام الأسلحة الكيماوية إلى العدالة وقالت: «رغم الجهود الأميركية والدولية لوقف استخدام الأسلحة الكيماوية فإنها استمرت وتم استخدام السلاح الكيماوي بشكل ممنهج في انتهاك واضح للقانون الإنساني والقرارات الدولية ولم يكن هناك آلية لتحديد المسؤولين عن الهجمات».
وأضافت باور أن هذا القرار ينهي الحصانة عن أولئك المسؤولين في سوريا وشددت أن بلادها تسعى لمحاسبة المتورطين في الانتهاكات ومنع وقوعها مستقبلا حيث سيقوم المحققون بجمع الأدلة لتحديد الكيانات والأفراد وراء الهجمات لمحاسبتهم وقالت: «القرار يرسل رسالة واضحة لمن يظن أن الحصانة ستدوم للأبد أنهم سيعاقبون في يوم قريب». وأيد المندوب الروسي فيتالي تشوركين القرار وإجراء تحقيق حول المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية وغاز الكلور مشيرا إلى أن القرار سيؤدي إلى حماية المدنيين. فيما شدد المندوب الصيني على معارضة بلاده لاستخدام السلاح الكيماوية مؤيدا التحقيق في الهجمات باستخدام غاز الكلور في سوريا ومطالبا في الوقت نفسه باحترام سيادة ووحدة أراضي سوريا. وشدد المندوب الصيني على الحل السياسي باعتباره الحل الوحيد للأزمة السورية وطالب بعدم الانجراف عن المسار السياسي والتوصل إلى حل للأزمة السورية في أسرع وقت.
فيما أشاد المندوب الفرنسي بوحدة أعضاء مجلس الأمن تجاه استخدام السلاح الكيماوي وضرورة تحديد مرتكبي الهجمات وكشف من يملك طائرات الهليكوبتر التي تلقي بقنابل غاز الكلور. وشددت دينا قعوار مندوبة الأردن لدى مجلس الأمن على ضرورة التعامل بشكل فعال مع قضية استخدام السلاح الكيماوي في سوريا باعتباره يشكل تحديا للمجتمع الدولي وانتهاكا للقيم الإنسانية وقالت: «إن الأردن يطالب بإنشاء آلية تحقيق مشتركة في أسرع وقت ممكن وضمان التعاون معها وفرض تدابير في حال عدم الامتثال للقرار وإنشاء آلية مراقبة لضمان عدم تكرار تطوير واستخدام الأسلحة الكيماوية ومحاسبة مرتكبي الجرائم وأن يسهم في الجهود لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية استنادا على قرارات جنيف واحد».
فيما طالب مندوب سوريا بشار الجعفري باعتماد مبادئ النزاهة والشفافية في عمل لجنة التحقيق وشدد على ضرورة تنسيق اللجنة مع الحكومة السورية في دمشق. وقد رحب الأمين العام للأمم المتحدة باعتماد القرار وقال في بيان بأن محاسبة مرتكبي الهجمات الكيماوية قد يخفف من معاناة طويلة للشعب السوري وقال: «من دواعي سروري أن مجلس الأمن قرر التصرف واتخاذ القرارات اللازمة ليس فقط لوقف استخدام المواد الكيماوية كسلاح من قبل أي طرف في النزاع لكن أيضا لإرسال رسالة قوية من شأنها منع تكرار استخدام الأسلحة الكيماوية وأنه لن يكون هناك تسامح حيالها». ويمثل القرار حالة نادرة من التعاون بين الولايات المتحدة وروسيا حول الأزمة السورية، فطالما سادت الخلافات بين الدولتين حول أسباب الصراع السوري وكيفية وضع حل للأزمة السورية لكن كلا من واشنطن وموسكو اتفقتا في معارضة استخدام الأسلحة الكيماوية. وأشار مسؤول كبير بالخارجية الأميركية يوم الخميس أن وزير الخارجية الأميركي قد ناقش نص القرار خلال لقائه مع نظيره الروسي سيرغي لافروف يوم الأربعاء واتفقا على تمرير القرار في مجلس الأمن وقد تعهدت الحكومة السورية بالتخلي عن الترسانة الكيماوية لديها، وتم بالفعل تدمير 1300 طن من الأسلحة الكيماوية تحت إشراف الأمم المتحدة لكن شهدت الشهور الماضية عدة هجمات باستخدام غاز الكلور وهو مادة كيماوية ليست من المواد المحظورة. وأكدت منظمة حظر الأسلحة الكيماوية ومقرها لاهاي أن قنابل محملة بغاز الكلور قد استخدمت في الصراع السوري ونقلت عن شهود عيان قولهم سقوط قنابل غاز الكلور من طائرات هليكوبتر تملكها فقط الحكومة السورية. كما اتهمت الولايات المتحدة قوات النظام السوري بالمسؤولية عن تلك الهجمات. وواجه مجلس الأمن انتقادات دولية لوقوفه صامتا دون اتخاذ تدابير لحماية المدنيين السوريين وتحديد المسؤولين عن هجمات الأسلحة الكيماوية
صحيفة الشرق الاوسط السعودية