جدار عفرين.. تأمين عسكري أم عزل تركي للأكراد؟

8

رغم نفي أنقرة الأمر برمته، لازالت تقارير إعلامية تسلط الأضواء حول الجدار العازل، الذي تحاول تركيا بناءه في مدينة عفرين السورية.

 

وتقول مصادر داخل سوريا، إن أنقرة تحاول بناء جدار يمكنها من عزل المدينة الكردية عن محيطها السوري، وضمها لأراضيها.

 

ويبني الجيش التركي منذ أيام بشكلٍ علني، جداراً عازلاً حول بعض قرى مدينة عفرينخاصة التي تقع على خط المواجهات بين الجيش التركي والفصائل المدعومة منه من جهة، وبين قوات الأسد ونقاط المراقبة الروسية من جهة أخرى.

ويبلغ ارتفاع هذا الجدار بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ثلاثة أمتار، ومن شأنه أن يفصل عفرين عن محيطها السوري، بالإضافة لاستخدامه كحزامٍ أمني.

 

وأنهت أنقرة بالفعل بناء أجزاءٍ من هذا الجدار في قرى لا تبعد أكثر من 10 كيلومترات عن مركز مدينة عفرين، تقع في الأطراف الشمالية الشرقية منها.

 

ومع محاولات بعض وسائل الإعلام التركية والسورية المقرّبة منها تصوير هذا الجدار على أنه “قاعدة عسكرية تركية” إلا أن رامي عبدالرحمن، مدير المرصد السوري، نفى هذه الفرضية.

 

ويتهم بعض سكان عفرين الذين اضطروا لمغادرة بيوتهم بعد تهجيرهم منها نتيجة العملية العسكرية التي قادتها أنقرة ضد وحدات حماية الشعب مع بداية العام 2018، موسكو بحماية مصالح تركيا في عفرين، ويربطون ذلك ببناء هذا الجدار بالقرب من نقاط مراقبة روسية دون أي ردّ فعلٍ منها.

وإلى جانب هذا الجدار، ذكرت منصّة “عفرين بوست” الإخبارية على موقعها الإلكتروني أن أنقرة طرحت مناقصة على شركات إعمارٍ تركية، لبناء 20 مقرا عسكريا بتكلفة تصل لنحو 2 مليار ليرة سورية.

 

وأضافت “عفرين بوست” في تقريرها أن “هذه المقرّات العسكرية ستستخدم كأبراج حراسة وستمتد من قلعة سمعان جنوباً مروراً بناحية شيراوا، وصولاً لمفرق مدينة إعزاز شمالاً والتي تسيطر عليها أنقرة أيضا.

 

وقالت إن “قطر هي من ستقوم بتمويل هذا المشروع التركي”، مضيفة أن أنقرة تحاول رسم حدودها مع سوريا من جديد، لضم عفرين إلى خارطتها.

 

وسبق لتركيا قبل سنوات أن قامت ببناء جدارٍ عازل على كامل حدودها الجنوبية مع الأراضي السورية خاصة على الحدود مع المناطق الكردية في الجانب السوري.

 

وتطلق أنقرة على هذا الجدار اسم “السد التركي” وهو ثالث أطول جدارٍ في العالم وفق ما تشير إليه سلطاتها الحكومية. ويبلغ طوله نحو 911 كيلومتراً.

 

وأدت العملية العسكرية التركية ضد وحدات حماية الشعب في عفرين والتي تصنفها أنقرة كـ “جماعة إرهابية” وامتداد لحزب العمال الكردستاني المحظور لديها، بتهجير نحو أكثر من نصف سكان المدينة وريفها وفقاً لبيانات الأمم المتحدة.

 

ويعيش الآلاف منهم اليوم في مخيمات بمنطقة الشهباء القريبة من مدينة حلب السورية في وقتٍ تستمر فيه انتهاكات الجيش التركي والفصائل المدعومة منه ضد من تبقى من السكان.

 

وتشير منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية في هذا الصدد إلى أن جماعات مسلحّة تدعمها تركيا في “الجيش السوري الحر” استولت على ممتلكات المدنيين الأكراد ونهبتها ودمرتها في منطقة عفرين”.

 

وتضيف أن “الجماعات المسلحة المناهضة لحكومة النظام السوري، أسكنت مقاتلين وعائلاتهم في منازل السكان، ودمرت الممتلكات المدنية ونهبتها دون تعويض أصحابها”.

اعتبر مركز أبحاث أمريكي أن الموافقة على مطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بإنشاء منطقة عازلة في شمال سوريا ليست حلًّا للنزاع بين انقرة والأكراد، مشددًا على ضرورة تدخل واشنطن لمعاجلة أسباب ذلك النزاع.

 

وقال معهد ”سياسات الشرق الأوسط“: ”إن الهدف الحقيقي لأردوغان من التدخل في شمال سوريا ومطالبته بإقامة منطقة عازلة هو منع إعطاء اي سلطات سياسية مستقلة أو شبه مستقلة للأكراد وخاصة قوات حماية الشعب المدعومة من واشنطن“.

 

وأضاف المعهد في تقرير نشره أمس الاثنين أن قوات حماية الشعب لن توافق أبدًا على قيام القوات التركية بدوريات عسكرية دون مشاركة أمريكية أو دولية في المنطقة المقترحة التي يصل عمقها إلى 32 كلم؛ ما يعني احتمال اندلاع مواجهة عسكرية.

 

وأوضح التقرير أنه في حال تم التوصل إلى تفاهم لتسيير دوريات عسكرية مشتركة مع القوات التركية بمشاركة أمريكية وفرنسية وبريطانية، فان ذلك سيساعد على تحقيق الأمن عبر الحدود التركية وحماية الإدارة الكردية شمال سوريا من غزو تركي محتمل.

 

لكن التقرير لفت إلى أن المشكلة الرئيسة لا تشمل تأمين الحدود التركية فحسب بالنسبة لأردوغان بل تنامي القوة العسكرية والاعتراف العالمي بالقوات الكردية، مشيرًا إلى أن هاتين المشكلتين تنبعان من مخاوف تركيا من أنها تواجه تهديدًا كرديًّا داخليًّا.

 

وقال التقرير: ”ما لم يتم معالجة تلك المشكلة بطريقة أو بأخرى فإن أردوغان لن يوافق أبدًا على تقديم أي تنازلات فيما يتعلق بإنشاء سلطة كردية في شمال سوريا، ولذلك فإن مقترح إنشاء منطقة عازلة بأبعادها الحالية لن يوفر حلًّا عمليًّا“.

 

وأضاف: ”ينبغي على واشنطن أخذ ذلك في الاعتبار، وإدراك أن أي اتفاق بشأن المنطقة العازلة سيكون حلًّا مؤقًتا فقط.. لذلك على الإدارة الأمريكية الابتعاد عن أي حلول عسكرية أو سياسية مؤقتة والعمل على معالجة القضية الرئيسة وهي المشكلة التركية-الكردية.. ويمكن تحقيق ذلك من خلال العمل من أجل ترتيب جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة التركية والأكراد داخل تركيا“.

وتؤكد تركيا أن الجدار الذي تقوم ببناءه مجرد قواعد عسكرية، لتأمين قواتها من الهجمات السورية والكردية.

 

وفي المقابل أكد يوسف حمود، المتحدث باسم فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا، والمتمركزة في ريف حلب الشمالي، نفيه لأنباء تشييد الجدار، قائلا إن “الموضوع منفي وعار عن الصحة”.

 

وزعم حمود أن الكتل الإسمنتية التي تم إدخالها إلى عفرين تتعلق بالقاعدة العسكرية التركية الموجودة في ناحية جلبل، وبعض النقاط العسكرية المكشوفة، من أجل تحصينها في حال أي هجوم بالصواريخ عليها من قبل ميليشيات وحدات حماية الشعب الكردية.

 

وسيطرت فصائل “الجيش الوطني” المدعومة من تركيا، في 18 من مارس الماضي، على كامل مدينة عفرين، بعد طرد الميليشيات الكردية منها، وهددت الأخيرة بتنفيذ عمليات ضد الجيش التركي والفصائل التابعة له.

 

وأعلن قادة حزب الاتحاد الديمقراطي، الذراع السياسي لوحدات حماية الشعب الكردية، أن “تحرير عفرين من الفصائل المدعومة من أنقرة أولوية”، ووصفوا وجود الجيش التركي في المدينة بـأنه “احتلال”.

المصدر: مصر العربية