جلسة للجمعية العامة حول حلب والمعلمي يدعو إلى فرض حظر جوي
عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة أمس جلسة خاصة غير رسمية لبحث الأزمة الإنسانية في حلب بعدما فشل مجلس الأمن الدولي في إصدار قرار ينهي قصف النظام السوري وحليفته روسيا على المدينة، في وقت رحب السفير السعودي في الأمم المتحدة عبدالله المعلمي بـ «الإعلان عن المهلة الإنسانية الأخيرة والوعود بالتمهيد لإدخال المساعدات الإنسانية» الى حلب، لكنه أكد أن «هذه خطوة مبدئية»، داعياً الى أن تؤدي الى «فرض حظر جوي فوري على قوات النظام السوري وحلفائه».
وافتتح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والمبعوث الدولي الى سورية ستيفان دي ميستورا هذه الجلسة التي عقدت بمبادرة من كندا و69 دولة أخرى.
وكانت هذه الدول السبعون من أصل أعضاء الأمم المتحدة الـ193 أرسلت كتاباً الى الأمين العام للمنظمة الدولية، تطالبه فيه بعقد جلسة للجمعية العامة حول الأزمة الإنسانية في سورية.
وبين الدول التي لم توقع على هذا الكتاب روسيا والصين ودول أفريقية عديدة إضافة الى أربعة أعضاء غير دائمين في مجلس الأمن هي انغولا والسنغال واليابان وفنزويلا.
ووفق سفير كندا في الأمم المتحدة مارك-اندريه بلانشار، فإن هذا الاجتماع يتيح للدول الأعضاء الاطلاع على حجم الأزمة الإنسانية في سورية ولكنه لن يفضي الى أي تحرك فوري.
وقال بلانشار لوكالة فرانس برس أن «الوقت حان كي يتأكد العالم من أننا نفعل كل ما بوسعنا للتوصل الى وقف لإطلاق النار ولتوفير المساعدة الإنسانية الضرورية بصورة عاجلة». وأوضح السفير الكندي أن المبادرة لعقد هذه الجلسة اتخذت لأن «مجلس الأمن لم يتمكن حتى الآن من إيجاد وسيلة للمضي قدماً»، مضيفاً: «لا يجدر التقليل من تأثيرها المحتمل» مع إقراره في الوقت نفسه بأن «دور الجمعية العامة في هذا الملف محدود».
ووفق ديبلوماسيين آخرين، فإن الهدف من هذه الجلسة هو ممارسة ضغوط على روسيا كي توقف القصف على حلب.
المعلمي يدعو إلى فرض حظر جوي على النظام السوري وحلفائه
وكان المعلمي شدد على ضرورة «وضع حد نهائي لوجود قوات الحرس الثوري الإيراني الأجنبية في سورية، وميليشيات حزب الله الإرهابية، فضلاً عن تحميلهم مسؤولية أعمالهم الإجرامية، والرفع الفوري للحصار عن جميع المدن والمناطق السورية، والسماح بإدخال جميع المساعدات الإنسانية دون شرط أو قيد، تمهيداً للعودة الى المفاوضات السياسية الرسمية حول الانتقال السياسي وفقاً لبيان جنيف١ وقرار مجلس الأمن ٢٢٥٤، وأخذاً بالاعتبار للرؤية التي قدمتها الهيئة العليا للمفاوضات كأساس للحل، بما يلبي تطلعات الشعب السوري، بجميع فئاته وأطيافه».
وجدد المعلمي في كلمة أمام مجلس الأمن في جلسة حول الشرق الأوسط دعم المملكة العربية السعودية «لجهود المبعوث الأممي في سورية في إطار ولايته الممنوحة له للوصول الى الانتقال السياسي»، معيداً تأكيد «الاستمرار في تقديم الدعم الكامل غير المشروط وغير المنقطع للشعب السوري واحترام قراراته ومساندته بجميع الوسائل الممكنة».
وأشار المعلمي الى بيان مجلس جامعة الدول العربية الذي «أعرب عن القلق والانشغال العميق لتدهور الأوضاع الإنسانية في مدينة حلب والمدن السورية الأخرى، وإدانته الأعمال الوحشية والجرائم التي يرتكبها النظام السوري في حق المدنيين العزّل والتدمير الممنهج لكل مقومات الحياة في المناطق الآهلة، وتأكيده أنها أعمال منافية لكل الشرائع وأنها تشكل خرقاً صارخاً للمعاهدات الدولية الخاصة بحماية المدنيين، والقانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان، كما أنها تؤكد تخلي هذا النظام عن أبسط واجباته في حماية المدنيين والمواطنين العزل».
وأضاف المعلمي أن البيان أعرب عن «إدانته الشديدة للجرائم الإرهابية التي تقترفها التنظيمات الإرهابية مثل داعش، وجبهة النصرة المرتبطة بالقاعدة في مختلف المناطق السورية، واعتبر الجرائم التي يرتكبها النظام السوري والتنظيمات الإرهابية ترقى الى جرائم حرب تحتم ضرورة تقديم مرتكبيها الى العدالة الناجزة، وحمل مجلس الأمن وفي مقدمه الدول الدائمة العضوية، وخصوصاً المنخرطة في الأزمة السورية، المسؤولية الكاملة إزاء وقف هذه المأساة الإنسانية، التي ترتكب على مرأى ومسمع المجتمع الدولي، وتشكل وصمة عار في جبين مرتكبيها والمشاركين في تنفيذ فصولها المقيتة».
وأشار الى أن البيان العربي دعا مجلس الأمن الى «التحرك السريع لاتخاذ الإجراءات والتدابير العملية لتنفيذ القرارين ٢٢٥٤ و٢٢٦٨ لتثبيت وقف إطلاق النار ووقف جميع الأعمال العدائية وتفعيل آليات تأمين إيصال المساعدات الإنسانية الى المدنيين المحاصرين».
وأكد المعلمي دعم المملكة «للعراق الشقيق في مواجهته مع التنظيمات الإرهابية وما يقوم به من عمليات لتحرير الموصل»، مشيراً الى أن المملكة «كانت من أوائل الدول المبادرة الى تنظيم التحالف الدولي ضد تنظيم داعش الإرهابي، والمشاركة فيه»، لكنه أشار الى «أننا نشعر ببالغ القلق من إشراك الميليشيات والمجموعات المسلحة الطائفية في عملية تحرير الموصل». وقال أن المملكة «حذرت من خطر الانزلاق في أعمال إجرامية انتقامية»، مشيراً الى «التقارير الأولية التي تشير الى عمليات عنف طائفية مقيتة بما فيها تعذيب المدنيين وتعريضهم للإعدامات الميدانية».
وناشد المعلمي المجلس والدول الأعضاء ذات العلاقة «العمل على الوقف الفوري لهذه الانتهاكات والحرص على تأمين الحماية للمدنيين».
وفي الشأن اليمني، أكد المعلمي ترحيب المملكة العربية السعودية «باستجابة الرئيس عبدربه منصور هادي لدعوة المبعوث الأممي اسماعيل ولد الشيخ بوقف العمليات العسكرية لمدة ٧٢ ساعة».
وقال أن المملكة «تؤكد تأييدها وسعيها الى وقف دائم لإطلاق النار يستند إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن ٢٢١٦ بالكامل، والعودة الى طاولة المفاوضات استناداً إلى المرجعيات الساسية ووفقاً لخريطة الطريق التي أعدها المبعوث الأممي وقبلت بها الحكومة اليمنية، واستكمال عملية الانتقال السياسي وفقاً لمبادرة مجلس التعاون الخليجي وآلياتها التنفيذية ومخرجات الحوار الوطني».
وأكد أن المملكة «لن تتهاون في حماية أمنها الوطني وصيانة حدودها ضد الانتهاكات المتكررة من ميليشيات الحوثي وحلفائها، المتمثلة في إطلاق الصواريخ على أراضيها، ومنها ما يتجاوز مداها ٦٠٠ كلم».
وقال «إننا نستغرب سكوت مجلس الأمن عن الاختراق الفاضح الذي تمارسه إيران لقرارات مجلس الأمن واستمرارها في تهريب الأسلحة والصواريخ الى الحوثيين، في مخالفة صريحة لقرارات المجلس».
وأضاف أن «دموع التماسيح التي يذرفها مندوب إيران على الضحايا اليمنيين لن تخدع أحداً وخصوصاً أبناء الشعب اليمني الذين يدركون أن أطماع الحوثيين في السلطة والسيطرة، ودعم إيران لهم بالعتاد والسلاح، هي السبب في ما يواجهه الشعب اليمني من معاناة».
وقال أن «آخرين يحاولون الربط في كلماتهم بين ما يحدث في اليمن وما يرتكبونه من مجازر في سورية، ونسوا أن الفارق الكبير بين الحالتين أن النظام السوري وحلفاءه يتعمدون إصابة المستشفيات والمباني المدنية، ويعلن النظام صراحة عن هدفه في إبادة ما تبقى من المواطنين في حلب، وبين قوات التحالف لاستعادة الشرعية في اليمن التي تملك الشجاعة الكافية للاعتراف بالأخطاء إن حدثت، والنبل للدفع بها الى علاج الجرحى والمصابين وتعويض ذويهم».
وطالب المعلمي مجلس الأمن أن يناقش «عاجلاً خطابنا الذي رفعناه الى المجلس بتاريخ ١٤ أيلول (سبتمبر) حول انتهاكات إيران لقرار حظر السلاح على الحوثيين وحلفائهم، وفرض العقوبات اللازمة على إيران، وعلى كل من ينتهك قرارات مجلس الأمن حتى لا تصبح القرارات مجرد حبر على ورق، ولكي لا يفقد المجلس هيبته ومصداقيته في العالم».
وأضاف «نتطلع الى أن يكون العام ٢٠١٧ العام الذي يقول فيه العالم بصوت واحد كفى للاحتلال». وقال أن «نصف قرن من غياب الإرادة السياسية والتسويات وعرقلة استحقاقات الشعب الفلسطيني هو نصف قرن من انتهاك الحقوق وقرارات مجلس الأمن، ومن إشعال فتيل التطرف والعنف والإرهاب، وغياب الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع».