جهود مستمرة لإجلاء مدنيين من {جيب داعش»

43
لا يزال عدد كبير من المدنيين محاصراً حتى أمس الخميس في البقعة الأخيرة تحت سيطرة «داعش» في شرق سوريا، في حين تسعى «قوات سوريا الديمقراطية» لإجلائهم تمهيداً لحسم معركتها ضد المتطرفين وإعلان انتهاء السيطرة على مناطق أثارت الرعب طيلة سنوات، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية من قرب الباغوز.
وخرج الأربعاء مئات الأشخاص من البقعة المحاصرة في بلدة الباغوز، بمواكبة «قوات سوريا الديمقراطية» التي أفادت بأن «مجموعات كبيرة» من المدنيين لا تزال محاصرة مع مقاتلي التنظيم، في مساحة تقدّر بنصف كيلومتر مربع قرب الحدود العراقية.
وشوهد أكثر من 50 شاحنة لدى خروجها من البلدة خالية. وقال مصدر ميداني من «قوات سوريا الديمقراطية»: «كان يفترض أن تقلّ تلك الشاحنات دفعة جديدة من المدنيين، إلا إنها عادت أدراجها فارغة حتى قبل أن تدخل البلدة. ولا نعرف الأسباب».
وينصب اهتمام «قوات سوريا الديمقراطية» حالياً على عمليات إجلاء المدنيين. ويسيطر التنظيم على عدد من المنازل والأراضي الزراعية في الباغوز حيث يتحصن مقاتلوه في أنفاق وأقبية.
وخرج مئات الأشخاص من رجال ونساء وأطفال الأربعاء من الباغوز. وشاهدت مراسلة وكالة الصحافة الفرنسية أول من الأربعاء على متن الشاحنات رجالاً يخفي بعضهم وجوهه بكوفيات، ويحتفظ أحدهم بعكاز، بالإضافة إلى نساء يرتدين النقاب وأطفال من مختلف الأعمار؛ بينهم فتيات صغار محجبات.
وأوضح شون رايان، المتحدث باسم التحالف الدولي الذي يدعم هجوم «قوات سوريا الديمقراطية» أمس أن «قوات التحالف، بما في ذلك الولايات المتحدة، تواصل دعم (قوات سوريا الديمقراطية) بينما تتفاوض لإطلاق سراح مدنيين أبرياء وعودة مقاتليها» من الأسرى لدى التنظيم.
لكن «قوات سوريا الديمقراطية» نفت من جهتها وجود أي مفاوضات مباشرة أو عبر وسطاء مع التنظيم. وقال المتحدث باسم حملة «قوات سوريا الديمقراطية» في دير الزور إن التنظيم بات محاصرا «في جيب صغير، وليست لديه القوة الكبيرة حتى يتصدى لهجمات (قوات سوريا الديمقراطية)»، مجدداً الإشارة إلى أن «وجود المدنيين هو ما يعرقل عملية التقدم».
ودفعت العمليات العسكرية نحو 40 ألف شخص إلى النزوح تدريجياً من البلدات والقرى التي كانت تحت سيطرة التنظيم في ريف دير الزور الشرقي، غالبيتهم من عائلات المتطرفين من جنسيات عدة، بحسب «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، وبينهم نحو 4 آلاف مقاتل تم توقيفهم إثر خروجهم.
وتنقل «قوات سوريا الديمقراطية» الخارجين من جيب التنظيم إلى نقطة فرز قرب الباغوز، يتم فيها جمع معلومات شخصية والتدقيق في هويات الواصلين، قبل أن يُنقل المشتبه بانتمائهم للتنظيم إلى مراكز تحقيق، بينما تقل شاحنات النساء والأطفال من عائلاتهم إلى مخيمات في شمال شرقي البلاد.
وتؤوي 3 مخيمات مخصصة للنازحين في شمال شرقي سوريا؛ أبرزها مخيم «الهول»، أكثر من 2500 طفل أجنبي من 30 بلداً؛ 1100 منهم وصلوا منذ يناير (كانون الثاني) الماضي من جيب التنظيم الأخير، وفق ما أعلنت «منظمة إنقاذ الطفل (سايف ذي تشيلدرن)» في تقرير أمس.
وقالت المنظمة إن 38 طفلاً منهم ليس معهم أحد من أفراد عائلاتهم. وطالبت المجتمع الدولي باتخاذ «الإجراءات الضرورية لضمان أمنهم»، مؤكدة أن الأطفال «معرضون لخطر الموت».
ولا تزيد أعمار بعض الأطفال في المخيمات على أيام أو أسابيع، بحسب المنظمة.
وقالت مديرة «مكتب استجابة سوريا في المنظمة» سونيا كوش: «يجب على جميع الدول التي لديها مواطنون عالقون في سوريا تحمّل مسؤولية مواطنيها».
ويشكل ملف المتطرفين الأجانب وعائلاتهم عبئاً على الإدارة الذاتية الكردية التي تطالب بلدانهم باستعادتهم ومحاكمة عناصر التنظيم على أراضيها.
ورغم الدعوات من الأكراد والولايات المتحدة، فإن غالبية الدول الغربية، لا سيما الأوروبية منها، تتردد في استعادة مواطنيها من سوريا.
وطلب الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الدول الأوروبية مؤخراً استعادة 800 متطرف معتقلين في سوريا، لكن واشنطن رفضت أول من أمس عودة شابة أميركية من سوريا.
ورغم أن التنظيم يوشك على خسارة آخر جيوبه في شرق سوريا، فإنه لا يزال ينتشر في البادية السورية، وتنفذ «خلايا نائمة» تابعة له هجمات دامية في المناطق التي تم طرده منها.

المصدر: الشرق الأوسط