حالها كحال عشرات الآلاف.. الطبيبة وبطلة سوريا بالشطرنج “رانيا العباسي” مازالت معتقلة مع أطفالها الستة وزوجها في أفرع النظام الأمنية

المرصد السوري يجدد مطالبه للمجتمع الدولي للضغط على النظام السوري والكشف عن مصير عشرات الآلاف من المعتقلين والمغيبين قسراً

68

على الرغم من تراجع حدّة المعارك في سورية إلا أن وتيرة الاعتقال السياسي لم تهدأ بل ظلّت الوسيلة الأولى للنظام لقمع كل الأصوات الحرّة وتكييفها مع واقع ثارت ضده وظلت قضية المعتقلين غامضة ولم تر النور ولم تُحلّ لأسباب كثيرة أولها تسييس الملف، حيث استمرّ نزيف إسكات القوى التي طالبت بالحرية منذ آذار مارس2011 وواصلت السلطات حجب الآراء المختلفة والمناوئة لسياستها برغم كل التدخلات الدولية التي شدّدت على أهمية الحوار والاتفاق على شكل الحلّ السياسي وملامحه التي حدّدتها القرارات الدولية وأبرزها القرار 2254.
ولم تكن قضية رانية العباسي التي تابعها المرصد السوري لحقوق الإنسان سوى واحدة من آلاف القضايا لأشخاص معتقلين ومغيبين قسريا ومختطفين لا نعرف مصيرهم ولا ظروف اعتقالهم السياسي رغم كل الأصوات التي دعت إلى أهمية ضمان مراقبة المعتقلات التي شُبّهت بـ “غوانتانامو” للكشف عن الأسرار المخفية خلف تلك الحيطان السوداء التي تظل شاهدة على قصص وحكايات ومآسي إنسانية.
ونحن في المرصد السوري نجدّد مساندتنا اللاّ مشروطة لكل ضحايا الصوت الحرّ الثائر ولكل إنسان تاق إلى حياة حرّة و وجد نفسه خلف الجدران مكبّلَ الكلمة والحركة، يكتوي بنيران التعذيب والقهر والحرمان والجوع وينام على بلاط باردة في غرفة تضم العشرات من المساجين..
وندين عملية استغلال الملف من قبل بعض الأطراف لأغراض سياسية، مؤكدين أن ملف المعتقلين ملف فوق تفاوضي ونرفض أن يتمّ تسييسه.
ومساندةً لبطلة الشطرنج رانيا العباسي وزوجها وعائلتها المعتقلة، ولكل معتقل، نرفع راية الدفاع عن المعتقلين ونؤكد أنّ ملفّهم من أولوياتنا وأننا لن نسمح بالتلاعب بحقوق الإنسان وبحق الشعب السوري في وطن حرّ ديمقراطي تتداول فيه السلطة بطريقة ديمقراطية وانتخابات شفافة بعيدا عن منطق العنف والسلاح والدم والقتل .
والدكتورة رانيا العباسي، هي بطلة سورية في الشطرنج شرّفت البلد عربيا ودوليا وتم تصنيفها كلاعبة دولية من قبل “الاتحاد الدولي للشطرنج” كأعلى تصنيف للاعبة سورية إلى تاريخ اليوم.
وذكر حسان العباسي شقيق رانيا، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أنها اعتقلت في آذار/مارس 2013 على خلفية قيام زوجها بتقديم مساعدات مالية لنازحين جاءوا من محافظة حمص وسكنوا بعيادتها بحي “دمّر” الذي يبعد عن دمشق ثلاثة كيلومترات بسبب ظروفهم الاجتماعية الصعبة وفرارهم من الحرب، لافتا إلى أن ابن هذه العائلة قد تم إلقاء القبض عليه بسبب انتمائه إلى الجيش الحر، كاشفا عن أن شقيقته وزوجها لم يكونا يعلمان بذلك.
وأفاد بأنّه بعد إلقاء القبض على ابن العائلة بأحد الحواجز الأمنية اعترف بتلقيه مبلغا ماديا من عبد الرحمان زوج رانيا، لتقوم لاحقا الوحدات الأمنية التابعة للنظام بالقبض عليه في منزله.
وأضاف:”بعد يومين من التحقيقات معه تم اعتقال زوجته رانيا وأبنائه الستة والممرضة التي كانت تعمل بالعيادة وكان السبب الواضح هو ‘التورّط في مساعدة النازحين”.
ولفت العباسي إلى أنه لا يعلم شيئا عن مصير شقيقته وزوجها وأبنائهما وقد تضاربت الأخبار حول مصير العائلة.
ودعا العباسي إلى مساعدة عائلته في الإفراج الفوري عن الأطفال الضحايا الذين لا يد لهم ولا ساق في ما حصل، مناشدا المرصد كمنظمة حقوقية لإيصال صوت الأطفال لا سيما وأنهم تحت سن التكليف، معتبرا أن اعتقالهم جريمة بحق الطفولة ومنافٍ لمبادئ حقوق الإنسان الكونية.
وطالب بمحاكمة عادلة لرانيا وزوجها لافتا إلى أن العديد من الجهات قد روجت أنهما اتّهما بالمتاجرة بالآثار، معتبرا أن ذلك شيء مضحك.. ومن يعرف الدكتورة رانيا لن يصدّق هذه اتهم الكيدية.
وأشار إلى أن القضية تبنتها منظمة “أمنستي” سابقا، لكن لم يتم التدخّل إلى حد الآن من أي طرف لدى النظام للإفراج عنها أو معرفة الحقيقة .
والجدير بالذكر أن رانيا لديها ستة أطفال اعتقلوا وإيّاها، وهم كل من ديما من مواليد 1999، و انتصار من مواليد2000، ونجاح من مواليد 2002، وآلاء من مواليد 2005 وليان من مواليد 2011، و ابنها الوحيد أحمد الياسين من مواليد2007، وقد أكّد حسان العباسي شقيقها أنّ في أول فترة اعتقالهم تمّ وضعهم في سجن 215 (سرية المداهمة) في منطقة كفرسوسة بدمشق ثم انقطعت الأخبار عنهم نهائيا إلى اليوم.
ولفت إلى أن العشرات من عائلته الموسّعة تم اعتقالهم منذ أحداث حماة عام 1981 واستشهد منهم عديد الأشخاص فيما انقطعت الأخبار عن أغلبهم.
وكنّا في المرصد قد وثّقنا شهادات لمعتقلين، ونجدّد مطالبنا للمجتمع الدولي بالضغط على كافة أطراف النزاع في سورية للكشف عن مصير عشرات آلاف المخفيين قسراً والمحتجزين بشكل تعسفي والتطرّق إلى ملفّ المعتقلين والتعذيب وسوء المعاملة الأخرى.
لم يسلم أحد في سورية من هول الجوع والتفقير والاعتقال والمعاناة في ظلّ نظام لا يعترف بحقوق الإنسان ولا يكترث لبكاء الثكالى واليتامى، فما تعيشه مختلف المناطق في سورية يرتقي لمستوى الكارثة التي لا يمكن تصورها على مستوى حقوق الإنسان والكوارث الإنسانية، غنه وطن مثقل بهموم أبنائه ودموعهم وأبناء مثقلون بآلام الحياة لا يحملون في طريق حالكة غير جعبة مليئة ببقايا من حياتهم الماضية وصدمات متعددة الأوجه إلى حدِّ لا توصفه الكلمات.