حرب المخدرات.. “تهديد كبير” لأمن الأردن ومليشيات إيران في دائرة الاتهام

71

بعد أيام قليلة من تحذيرات العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، من تصعيد عسكري على حدود بلاده، قال المتحدث باسم الجيش الأردني، العقيد مصطفى الحياري، إن “تنظيمات إيرانية تأتمر بأجندات خارجية، تستهدف الأمن الوطني الأردني”.

وقال الحياري، في تصريحات لبرنامج “صوت المملكة”، الإثنين، إن القوات الأردنية تواجه “حرب مخدرات”، على حدودها الشمالية الشرقية، مشيرا إلى ما قاله الملك إن “الفراغ الذي تتركه حاليا روسيا خصوصا في الجنوب السوري تملؤه إيران من خلال أدواتها، وهي المليشيات الإيرانية”.

وخلفت المواجهات 40 قتيلا على الأقل من المتسللين فضلا عن إصابة المئات منذ بداية العام، معظمهم من البدو الرحل الذين تستعين بهم الفصائل المرتبطة بإيران التي تسيطر على جنوب سوريا.

وقال العاهل الأردني، الأسبوع الماضي، إنه يخشى أن يؤدي انسحاب روسيا من جنوب سوريا نتيجة الحرب الأوكرانية إلى السماح لجماعات مسلحة مدعومة من إيران بملء الفراغ.

مخاوف أردنية

ويعتبر الأردن وجهة ومسار عبور لنقل، “الأمفيتامين” السوري الصنع الرخيص المعروف باسم “الكبتاغون” إلى دول الخليج الغنية بالنفط، حسب “رويترز”.

وأصبحت سوريا التي مزقتها الحرب موقع الإنتاج الرئيسي في المنطقة لتجارة بمليارات الدولارات تتجه أيضا إلى أوروبا.

وأجبرت الزيادة الكبيرة في محاولات التهريب الأردن على تغيير قواعد الاشتباك الخاصة بالجيش على امتداد الحدود، إذ أعطى للجيش سلطة استخدام القوة الساحقة.

ويقول مسؤولون أردنيون إنهم نقلوا مخاوفهم من الزيادة الكبيرة في محاولات تهريب المخدرات إلى السلطات السورية، لكنهم لم يروا أي محاولة حقيقية لتضييق الخناق على هذه التجارة غير المشروعة، وفقا لـ”رويترز”.

وقال مدير أمن الحدود في الجيش الأردني، العميد أحمد خليفات، لصحيفة” الغد” “كانت مطالبنا دوما، أن تؤدي قواتهم واجباتها، لكن لم نلمس حتى الآن، أن لنا شريكا حقيقيا في حماية الحدود”.

وأضاف “عمليات تهريب المخدرات أصبحت منظمة وتلقى الرعاية والدعم من أشخاص في القوات السورية وأجهزتها الأمنية، إلى جانب مليشيات حزب الله وإيران الموجودة في الجنوب السوري”.

وكشف المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن “الجيش الأردني نفذ كمينا، خلال محاولة المجموعة إدخال شحنة مخدرات إلى الجانب الأردني من بادية السويداء”.

وقال المرصد في “تقرير”،  إن من بين القتلى قائد المجموعة وهو من الشخصيات التي لها علاقات وطيدة بقياديين في “حزب الله” اللبناني ويترأس مجموعة محلية تعمل بتجارة المخدرات في المنطقة الجنوبية من سوريا.

وأشار المرصد الى أن ميليشيات سورية مرتبطة بـ”حزب الله”، صعدت خلال الآونة الأخيرة من عمليات نقل المواد المخدرة والمواد الأولية لصناعة حبوب “الكبتاغون”، من لبنان إلى مناطق في القلمون بريف دمشق والقصير بريف حمص.

وتعليقاً على ذلك، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية في عمّان، غازي حسين، إن “الاستراتيجية الإيرانية تستهدف تفكيك الدول والأنظمة الوضعية من خلال إثارة النزاعات والحروب والأزمات”.

وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”، أن “النظام الإيراني ينشر الجريمة المنظمة كتبييض الأموال وتجارة المخدرات وتعبئة مليشيات مسلحة وغيرها، لتحقيق أهدافه في المنطقة”.

وتابع قائلاً: “لقد حولت أدوات إيران العراق الى بلد منتج ومستهلك للمخدرات”.

واستطرد قائلا: “تنتعش تجارة المخدرات من إيران والعراق ولبنان وسوريا نحو الأردن وباتجاه السعودية والدول الأوربية بهدف تحقيق الأرباح الخيالية وتدمير الشباب”.

واعتبر حسين أن “إيران تعمل على نشر الجريمة وتشكيل مافيا تابعة لها، لتقويض المجتمعات وزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة”.

الأردن تواجه تهديدا كبيرا

من جانبه قال الباحث في شؤون الشرق الأوسط، فادي عيد، إن الانسحاب الروسي من سوريا نظرا للحرب في أوكرانيا، تسبب في وجود فراغ تسعى إيران لشغله.

وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”، كالعادة لم تتردد طهران في مواصلة نشاطها العسكري وتهريب السلاح والمخدرات، ما شكل تهديدا صريحا للأردن بعد أن أصبحت أراضيها ضمن خريطة مهربي السلاح والمخدرات الإيرانيين، محذراً من “تهديد كبير لأمن الأردن”.

وتابع قائلا:” كان من الطبيعي في ظل عدم إحكام جيش النظام السوري السيطرة على كافة أراضيه وتقليص النفوذ الروسي خاصة في الجنوب أن يزداد نشاط تجار السلاح والمخدرات، وهو ما استغلته إيران أسوأ استغلال”.

وعن اتهام الأردن، لإيران بالوقوف وراء تلك العمليات، يقول  عيد، “إيران وحدها من تتواجد بتلك المناطق، وهي الراعي الرسمي لتجارة وتهريب السلاح والمخدرات بتلك المنطقة من العراق شرقا حتى لبنان غربا”.

وفي وقت سابق، أعلنت الأردن أن الكميات المصادرة في الأشهر الخمسة الماضية تجاوزت 20 مليون قرص كبتاغون مقارنة بعدد 14 مليونا خلال العام الماضي بأكمله، حسب “رويترز”.

اتهامات سياسية

لكن المحلل السياسي السوري، غسان يوسف، يصف الاتهامات الأردنية بأنها “سياسية من المقام الأول”، و”ليس لها أي أساس من الصحة”.

وأضاف في تصريحات لموقع “الحرة”، أن روسيا قامت بدور كبير في تحرير جنوب سوريا من بعض الجماعات المتطرفة، مشيرا إلى أن تلك المنطقة شهدت هدوءا لأن الجانب الروسي كان هو الضامن.

وتابع قائلا: “هناك حساسية أردنية من الوجود الإيراني في تلك المنطقة، وكان الملك عبدالله الثاني أول من أطلق عبارة الهلال الشيعي”.

وفي عام 2004، كان العاهل الأردني قد تحدث عن “هلال شيعي”، يمتد من إيران إلى العراق وسوريا ولبنان، محذراً أنه سيهدد أمن المنطقة.

واستطرد المحلل السياسي السوري، قائلا: “ليس من مصلحة أجهزة الأمن السورية رعاية تجارة المخدرات، والقوات الإيرانية لا تفعل ذلك، بل على النقيض هناك حرب على تجار المخدرات ويتم إلقاء القبض عليهم ومحاكمتهم”.

وأشار يوسف، إلى أن “تجارة المخدرات مازالت نشطة في بعض المناطق مثل درعا بسبب الجماعات الإرهابية التي تتلقي الدعم من دول إقليمية”، مشيرا  إلى أن “تلك الجماعات هي التي تقوم بتجارة المخدرات”.

واعتبر المحلل السياسي السوري أن “من مصلحة الأردن التعاون مع الدولة السورية، من أجل القضاء على تجارة المخدرات وعلى زعماء العصابات الإرهابية الذين يقومون باغتيال الشخصيات الوطنية في الجنوب السوري”.

وشدد يوسف على أن “استقرار الجنوب السوري من مصلحة الأردن وإسرائيل وسوريا “، مضيفاً “إذا استمر الأردن في سياسة امساك العصا من المنتصف فلن يكون ذلك من مصلحة المنطقة بشكل عام”.