حركة نزوح مستمرة من ريف الرقة الشمالي جراء التخوف من القصف المتجدد لطائرات التحالف بعد مجزرة الهيشة

31

محافظة الرقة – المرصد السوري لحقوق الإنسان:: لا يزال محيط قرية الهيشة ومحيط قرية خنيز بريف الرقة الشمالي ومحاور أخرى بالريف ذاته، يشهدون استمراراً للاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية المدعمة بطائرات التحالف الدولي من طرف، وتنظيم “الدولة الإسلامية” من طرف آخر، إثر محاولة القوات تحقيق مزيد من التقدم والسيطرة على مزيد من المناطق للتقدم نحو مدينة الرقة، في محاولة لعزلها عن ريفيها الشرقي والشمالي، تمهيدا للسيطرة عليها وطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” من المدينة التي تعد معقله، وتترافق الاشتباكات مع قصف متبادل بين عناصر التنظيم والقوات، ومعلومات عن مزيد من الخسائر البشرية في صفوفهما، وسط تقدم جديد لقوات سوريا الديمقراطية في تلة بالمنطقة، بالتزامن مع استهداف طائرات التحالف الدولي بشكل مكثف مناطق في قرى الخنيزات بريف الرقة، كذلك شهدت قريتي الكالطة والعبارة حركة نزوح أهالي ترافق مع استهداف التنظيم لخزانات المياه في القريتين.

 

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان نشر يوم أمس، أنه تمكن من توثيق ارتفاع أعداد شهداء المجزرة التي ارتكبتها طائرات التحالف الدولي في قرية الهيشة بريف الرقة الشمالي، إلى 20 شهيد من ضمنهم 9 إناث وطفلان اثنان، قضوا جميعاً في الضربات الجوية التي استهدفت القرية، فيما خلفت هذه الضربات نحو 30 جريحاً أصيبوا بجراح متفاوتة الخطورة، ولا يزال بعضهم يصارع الموت على أسرة مشافي بمدينة الرقة بعد أن نقلوا إليها.

ليلة أمس الـ 8 من تشرين الثاني / نوفمبر، كانت عصيبة ومأساوية، على سكان قرية الهيشة البعيدة عن الرقة نحو 40 كلم شمالاً، الذين وصلت أكثر من 20 عائلة منهم إلى مدينة الرقة، بعد مسير ساعات تنقلوا فيها عبر قرى وطرقات الريف الشمالي المراقب بطائرات التحالف، وسردَ عدد من الأهالي لمصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان ونشطاءه داخل مدينة الرقة عن تفاصيل الليلة المرعبة، حيث أكدت مجموعة من المواطنين النازحين، والخوف ظاهر على وجوهها المصبوغة بتراب النزوح الذي أكرهوا عليه، الموت الذي حل عليهم فجأة، قال الرواة:: “”كنا جالسين في منازلنا بقرية الهيشة، وكانت طائرات التحالف كما اعتدنا عليها، تحوم في سماء القرية جيئة وذهاباً، ولم تكن تظهر أي نوع من الاستفزاز لأهالي القرية، وما هي إلا دقائق، حتى أغارت هذه الطائرات بصواريخها على القرية، وبدأت باستهداف وسط القرية بصواريخ أحدثت تفجيرات هزت المنطقة، وسارع أهالي القرية وبخاصة المنازل الواقعة على أطرافها، إلى محاولة الفرار بأطفالهم إلى ملاذ آمن، يقيهم من الموت بصواريخ الطائرات التي اعتادوا أن تحلق فوق رؤوسهم دون أن تستهدفهم””، يضيف أحدهم:: “”الخارجون من القرية لم يتمكنوا من الوصول إلى أي مكان، فما إن خرجوا من منازلهم وهم يحملون أطفالهم، ولا يدرون أي وجهة يقصدون، حتى باغتتهم طائرات التحالف بصعقات كهربائية””. ثم تتابع المجموعة حديثها:: “”بقيت الطائرات تحلق في سماء القرية لنحو 15 دقيقة، بالتزامن مع حصارها للقرية، عبر استهداف محيطها بالرشاشات الثقيلة والصعقات الكهربائية، واستشهدت إحدى العائلات بنيران رشاشات طائرات التحالف””، وختم أحدهم:: “”لم نتمكن من سحب كامل الجثث، والبعض من أقاربنا لا نزال نجهل مكانهم، ولا نعلم إن استشهدوا أو أصيبوا أو تمكنوا من الفرار إلى غير وجهة، وقد تكون لا تزال هناك جثث تحت أنقاض المنازل التي دمرتها الطائرات بقصفها للقرية، ونحن نزحنا خوفاً من استهداف القرية مرة ثانية””.

ورصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان في مدينة الرقة، قيام تنظيم “الدولة الإسلامية” بنقل العائلات التي وصلت إلى مدينة الرقة قادمة من قرية الهيشة ومناطق أخرى في ريف الرقة، ومن ثم وزعتهم على مدارس ومراكز أيواء في المدينة، فيما تشهد مدينة الرقة حالة استياء بين المواطنين وسط تخوف من تطورات معركة الرقة التي تهدف لعزل المدينة عن ريفيها، تميهداً للسيطرة عليها وطرد تنظيم “الدولة الإسلامية” منها، وقال البعض:: “”هيك صارت حالتنا…إذا ما هجرتنا داعش يهجِّرنا التحالف””.

وكان المرصد السوري لحقوق الإنسان حذَّر التحالف الدولي قبل 4 أيام، عند الإعلان من قبل قوات سوريا الديمقراطية عن بدء عملية “غضب الفرات”، من استهداف المدنيين تحت أي ذريعة كانت، كما دعا المرصد إلى تحييد المدنيين عن عمليات التحالف العسكرية، وإلى توخي الحذر خلال الضربات الجوية التي تنفذها طائراتها، حيث أنه ومع ارتكاب التحالف لمجزرة الهيشة، يرتفع إلى 680 بينهم 169 طفلاَ دون سن الثامنة عشر، و102 مواطنة فوق سن الـ 18، عدد الشهداء المدنيين الذين قضوا في الضربات التي نفذها التحالف الدولي على محافظات الرقة وحلب والحسكة وإدلب ودير الزور، منذ بدء ضرباتها في الـ 23 من أيلول / سبتمبر 2014، وحتى الـ 9 من تشرين الثاني / نوفمبر الجاري.