حـرب شــوارع فــي قـلـــب حـلـــب
قرارها الاخير بتعليق محادثاتها مع موسكو بشأن وقف اطلاق النار في سوريا.
وقال المتحدث الروسي في تصريح صحافي «نريد الاعتقاد بان واشنطن ستتحلى بالحكمة السياسية، وبأن اتصالاتنا معها في المجالات الحساسة جدا والضرورية لصيانة السلام والامن، ستتواصل».
فيما أكد وزير الخارجية الاميركي جون كيري ان الولايات المتحدة «لم تتخل» عن سوريا ولم تعدل عن السعي الى خطة لاحلال السلام فيها رغم تعليق تعاونها مع روسيا.
وقال كيري في خطاب حول العلاقات بين ضفتي الاطلسي في بروكسل امام مركز ابحاث «لن نتخلى عن الشعب السوري، ولن نتخلى عن مساعي السلام، كما لا ننسحب من ميدان العمل المتعدد الاطراف. سنواصل السعي لاحراز تقدم من اجل انهاء هذه الحرب».
وشن وزير الخارجية الاميركي هجوما عنيفا على النظام السوري وروسيا «اللذين رفضا الدبلوماسية من اجل مواصلة انتصار عسكري يمر بجثث مقطعة ومستشفيات تتعرض للقصف واطفال مروعين في أرض معاناة»، فيما تشهد حلب، المدينة الاستراتيجية في شمال سوريا معارك شوارع عنيفة مترافقة مع قصف مكثف أثار استنكار الدول الغربية.
واضاف كيري الذي يزور بروكسل للمشاركة في مؤتمر المانحين لافغانستان «لم نعلق جهود تنسيق التحركات لتجنب التصادم بين جيوشنا والجيش الروسي بشكل يقوي معركتنا ضد داعش».
فيما قالت الجامعة العربية إن الأزمة السورية تظل أزمة عربية تقع تبعاتها على دول المنطقة وشعوبها، وليس مقبولاً أن يتم ترحيل الأزمة برمتها إلى الأطراف الدولية التي ظهر أنها عاجزةٌ عن الاتفاق أو التوصل إلى تسوية يُمكن فرضها على الأرض.
وطالبت الجامعة العربية، بتفادي وقوع أزمة إنسانية مروعة تفوق في ضراوتها ما جرى من مجازر في سوريا، مشيرةً إلى أن ما يجري في سوريا المدينة العريقة «مذبحة» بالمعنى الحرفي للكلمة، مطالبةً العمل بصورة عاجلة لإقرار وقف إطلاق النار في حلب وفي عموم سوريا من أجل إدخال المُساعدات الإنسانية والإغاثية للسُكان المُحاصرين.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، في الاجتماع الطارئ على مستوي المندوبين الذي عقد أمس بالجامعة العربية بناء على طلب الكويت، لبحث الوضع في حلب، ان الحل العسكري لن يحسم هذا الصراع، وأن أي طرف يتصور إمكانية تحقيق الحسم العسكري واهمٌ ومخطئ في قراءته للموقف، ويتعين عليه مراجعة هذا التصور الذي لن يقود سوى لمزيد من سفك دماء السوريين دون جدوى حقيقية.
ارتفعت حصيلة القتلى جراء تفجير انتحاري تبناه تنظيم داعش واستهدف أمس الاول حفل زفاف قرب مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا الى 34 شخصا على الاقل، وفق ما اعلنت الادارة الذاتية الكردية.
واحصت هيئة الداخلية التابعة للادارة الذاتية الكردية في بيان مقتل «34 مواطنا، جميعهم من المدنيين وبينهم اطفال ونساء» في حصيلة اولية.
واستهدف تفجير انتحاري تبناه تنظيم داعش قاعة افراح قرب مدينة الحسكة خلال حفل زفاف احد افراد عائلة كردية معروفة ينضوي افرادها في احزاب كردية عدة ويشغل عدد منهم مناصب قيادية، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وذكرت هيئة الداخلية في بيانها ان «الاعتداء وقع عند قيام انتحاري يبلغ من العمر قرابة 16 عاماً بتفجير نفسه من خلال حزام ناسف» داخل قاعة الافراح.
واعلنت الادارة الذاتية الحداد لثلاثة ايام، داعية المواطنين الى «الابتعاد قدر الامكان عن التجمعات».
وكان تنظيم داعش اعلن ان «انغماسيا هاجم تجمعا لمسلحي البي كي كي (حزب العمال الكردستاني) بسلاح رشاش وبسترة ناسفة في اطراف مدينة الحسكة»، من دون اي اشارة الى حفل الزفاف.
وقال احد شهود العيان ويدعى احمد «حين كان العروسان يتبادلان المحابس، رايت شخصا يرتدي سترة سوداء سميكة يمر بالقرب مني» مضيفا «وجدت شكله غريبا وما هي الا ثوان حتى فجر نفسه».
وغداة أنباء عن مقتله جراء التفجير، اكد المرصد والادارة الذاتية الكردية ان العريس ويدعى زرادشت فاطمي لا يزال على قيد الحياة. كما نجت عروسه ايضا.
وبحسب عبد الرحمن، فإن العريس مقاتل في قوات سوريا الديموقراطية التي تضم مقاتلين عربا واكراد وكبدت تنظيم داعش خسائر ميدانية عدة في شمال وشمال شرق سوريا.
وقال مسؤول اعلامي في الادارة الذاتية الكردية ان العريس «عضو مكتب العلاقات الدبلوماسية في حركة المجتمع الديمقراطي» التي تشرف على الادارة الذاتية الكردية.
وشاهد مراسل لفرانس برس وتوجه الى قاعة الافراح التي استهدفها التفجير، الدماء تغطي المقاعد داخل القاعة.
وقال ان أحذية نسائية ملطخة بالدماء لا تزال في القاعة وكذلك آلة تصوير.
وقال احد اقرباء العريس ان «العريس موجود مع العروس في منزل احد اقربائه ويمتنع عن استقبال احد او الرد على الاتصالات الهاتفية». واضاف «العروسان منهاران ووضعهما النفسي سيء للغاية» لافتا الى ان والد العريس وشقيقه في عداد القتلى.
وتعرضت مدينة الحسكة لتفجيرات عدة في السابق. ويسيطر المقاتلون الاكراد على غالبية مدينة الحسكة، فيما ينحصر وجود قوات النظام في المؤسسات الحكومية في وسط المدينة.
وفي حلب تخوض قوات النظام السوري «حرب شوارع» ضد الفصائل المعارضة وسط المدينة، في اطار هجوم تشنه على ثلاثة محاور للسيطرة على الاحياء الشرقية، وفق ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن «تتقدم قوات النظام حاليا بشكل تدريجي في وسط المدينة على حساب الفصائل المقاتلة وتحاول التوسع شمالا نحو حي بستان الباشا» مشيرا الى انها «تخوض حرب شوارع وابنية في وسط المدينة» حيث خطوط التماس مع الاحياء تحت سيطرة الفصائل المعارضة.
واوضح عبد الرحمن ان قوات النظام «سيطرت على عدد من الابنية المرتفعة الموجودة في وسط حلب» وهي عبارة عن مؤسسات حكومية غير سكنية.
وتحاول قوات النظام وفق عبد الرحمن السيطرة تحديدا على الابنية المرتفعة دون سواها، لانها «تمكنها من ان ترصد ناريا مناطق سيطرة الفصائل» في الاحياء الشرقية.
وتخوض قوات النظام منذ ايام معارك عنيفة ضد الفصائل المقاتلة في وسط وشمال المدينة، في محاولة لتقليص رقعة سيطرة الفصائل في المدينة، وقد بدأت قبل يومين هجوما ايضا من جهة الجنوب.
وقال عبد الرحمن «تدور معركة حلب حاليا على ثلاثة محاور، اذ تخوض قوات النظام اشتباكات ضد الفصائل عند مستديرة الجندول في شمال المدينة وعلى اطراف حي بستان الباشا في وسطها وفي حي الشيخ سعيد جنوب المدينة، حيث تمكنت من السيطرة على ابنية عدة».
وقال مراسل لفرانس برس في شرق حلب ان الغارات تركزت ليلا على حي الشيخ سعيد والمنطقة المجاورة، لافتا كذلك الى غارات كثيفة استهدفت احياء بستان القصر والفردوس وطريق الباب والسكري.
ومنذ اعلان الجيش السوري في 22 ايلول بدء هجوم للسيطرة على الاحياء الشرقية في حلب، تتعرض المناطق تحت سيطرة الفصائل في المدينة لغارات روسية وسورية كثيفة، تسببت امس الأول بمقتل 13 شخصا، وفق حصيلة للمرصد .وترد الفصائل المعارضة باطلاق القذائف على الاحياء الغربية تحت سيطرة قوات النظام.
وافادت وكالة الانباء السورية الرسمية «سانا» بـ»ارتقاء خمسة شهداء واصابة 32 شخصا غالبيتهم من الطلاب والاطفال والنساء، جراء اعتداءات ارهابية بالقذائف على الحرم الجامعي وأحياء الميرديان والسبيل وسليمان الحلبي».
ويأتي التصعيد في حلب في ظل توتر روسي اميركي بشأن الملف السوري بعد انهيار هدنة استمرت اسبوعا الشهر الماضي، ما دفع واشنطن الى اعلان تعليق محادثاتها مع موسكو بشأن اعادة احياء وقف اطلاق النار.
وتعهد المبعوث الدولي الخاص الى سوريا ستافان دي ميستورا في بيان بأن «الامم المتحدة ستواصل الدفع بقوة من أجل التوصل الى حل سياسي ينهي النزاع السوري بغض النظر عن النتائج المخيبة جدا للآمال التي انتهت اليها المناقشات المكثفة والطويلة» بين الولايات المتحدة وروسيا.
المصدر : الدستور