حملة لطرد اللاجئين السوريين في شمال لبنان” لتفريغ القرى”… هل من منقذ؟

450

يعيش شمال لبنان حملة شرسة ضد اللاجئين السوريين الذي باتوا يواجهون مصيرا مجهولا أمام الدعوات لطرد هؤلاء وإعادتهم بشكل قسري وأخرى اختارت التحريض ضدهم.

وتؤكد بيروت أنها لا تريد بقاء اللاجئين السوريين لديها ولا ترى مبررا لبقائهم بعد انتهاء الحرب في سوريا.

الجدير بذكره أن لبنان وتركيا تحولا من ملاذ للاجئين إلى بيئة معادية لهم، ولقد تعمق الوضع في لبنان منذ انفجار عام 2019 الذي رافقته أزمة اقتصادية خانقة.

وتشدد مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، على تسعة من أصل عشرة سوريين في لبنان يعانون من فقر مدقع.

وقال باسل كويفي رئيس الكتلة الوطنية الديمقراطية المعارضة في سورية، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، إنه بين التمييز والعنصرية وبعيداً عن الإنسانية ، تجري حملة إخلاء للاجئين السوريين في لبنان منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات، وتتصف بالشراسة حالياً في بعض مناطق لبنان وبلغت ذروتها في شمال لبنان، مشيرا إلى أهمية ضبط المصطلحات، في الفصل بين الهاربين من الموت وتجلت في مغادرة بعض السوريين لمدنهم نتيجة الضغط الأمني ( من المجموعات المسلحة) أو السياسي أو الاقتصادي، وبين اللاجئين الذين تم تشجيعهم ضمن الاجندات السياسية لمغادرة سورية بناءً على التدخلات الإقليمية والدولية، وقد لاقوا ترحيباً في البداية 2011 من معظم الشرائح اللبنانية وسط مساعدات أممية تنظم اقاماتهم وتوزيع المساعدات الإنسانية لهم عبر الحكومة اللبنانية، ولكن مع استمرار الازمة وامتدادها في سورية وظهور بعض الحالات الجرمية الفردية ( وهي حالات متواجدة في جميع المجتمعات ) نتيجة الضغوطات النفسية والمادية، تم إلقاء التهم نحو السوريين مما نتج عنه ازدياد التوترات المجتمعية والتمييزية ضدهم وسط تشجيع بعض وسائل الميديا الإعلامية العنصرية ، وبالتالي أضحى مصيرهم مجهولا في تواجدهم وقد يكون الترحيل القسري إحدى أدواته ضمن توافقات حكومية لبنانية نتيجة الضغوط السياسية والمجتمعية ، تسعى الى اعادتهم لبلادهم ، تخوفاً من التغيير الديموغرافي والإشكالات الأمنية والمدخل الاقتصادي وسوق العمل الذي يشغله السوريين بمعظمه ، هو إشكالية اللاجئين سواء بإقاماتهم أم ترحيلهم .

وواصل،” ولعل التسويات في الملفات الساخنة بالمنطقة يوحي بأن موضوع اللاجئين سيتم حله ليس في لبنان فحسب بل في معظم دول المنطقة والعالم “.

ويرى الدكتور سلامة درويش، الأمين العام لحزب اليسار الديمقراطي السوري، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، سردية أن تحميل اللاجئين السوريين في لبنان الأزمة الاقتصادية وأزمة الخبز أصبحت شمّاعة تتقاذفها النخب السياسية اللبنانية التي تسببت بالأزمة الاقتصادية وبات هناك طبقتين في لبنان الاوليغارشية الحاكمة والمتحكمة بالبنوك، معتبرا أن هناك أكثر من 87٪ من اللبنانيين تحت خط الفقر، وهذا انعكس على اللاجئين السوريين الذين أصبحوا عاجزين على تأمين الإنفاق اللازم للبقاء على قيد الحياة، ويعيش هؤلاء في مناطق هشة تفتقر لأبسط سبل الحياة يتقاسمون تلك المناطق مع الفقراء والمحرومين اللبنانيين مما أدى إلى المنافسة والصراع للبقاء أحياء.

وأكد أن تصدير الأزمة الاقتصادية والاختناق السياسي والفراغ الرئاسي ولجوء سكان الجنوب للشمال والوسط بسبب القصف الصهيوني لمناطقهم جعل النخب السياسية تهرب للأمام بعيدا عن حل الأزمة اللبنانية الخانقة فتحملها على شماعة اللاجئين الذين هربوا من بطش النظام المجرم منذ اندلاع الثورة ،وفروا بعد أن دمرت منازلهم واستوطن الإيراني ومليشيات حزب الله مدنهم ، واغلبهم سجلوا لدى الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ويتلقون المساعدات المالية التي يذهب جزءً منها للدولة اللبنانية، وهم غير قادرون على العودة لمدنهم لمعارضتهم النظام ولاعتبارهم معرضون للاعتقال والموت في سجون النظام.

وأضاف، “من جهة أخرى حذرت المفوضية لشؤون اللاجئين من العودة القسرية للاجئين، لعدم وجود شفافية بين السلطتين اللبنانية ونظام الأسد، ولا يوجد متابعة أو تتبع لحالاتهم أثناء العودة وخاصة هناك حالات اعتقلهم النظام من الحدود ولا يعرف مصيرهم وقسم منهم قتل تحت التعذيب، أما الأكثر ايلاما هو تسليم السجناء السياسيين في سجون الأمن اللبناني للنظام السوري، الذين ينتظرهم الإعدام”.

وناشد المجتمع الدولي والهيئات والمنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان الوقوف بحزم ضد الترحيل القسري وتسليم المعارضين للنظام، وعلى المفوضية العليا للاجئين في الأمم المتحدة أن تتحمل مسؤوليتها، وأن لا يكون وجود اللاجئين ورقة للابتزاز السياسي في لبنان ولابين لبنان والمجتمع الدولي، كما طرح الأمين العام لحزب الله بتأمين القوارب للاجئين بالعبور إلى أوروبا قاصدا بذلك ورقة ضغط على المجتمع الدولي للابتزاز المالي والسياسي.

وعلقت عالية منصور وهي صحفية وناشطة لبنانية مدافعة عن اللاجئين، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، عن نوايا ترحيل اللاجئين، لافتة إلى عدم وجود خطة من الحكومة اللبنانية في التعاطي مع الملف، حيث أنه فردي وكل مسؤول وتوجهاته السياسية، ولا قانون يحكم ولا استراتيجية، مؤكدة أن الحكومة اللبنانية تحاول استغلال ملف اللجوء لتُغطي على فشلها في كل الملفات الداخلية، “بعض أعضاء هذه الحكومة يعملون لصالح النظام السوري ويستعملون ملف اللاجئين للضغط على المجتمع الدولي لإعادة التطبيع مع الأسد وتمويله ورفع العقوبات عنه، وهذا ما عبر عنه صراحة وزير المهجرين عصام شرف الدين.

كما يسعى البعض منهم ليكون له مقعد على طاولة التسويات والمفاوضات، وهذا ما رأيناه بعد اجتماع عمان الذي لم يدع له لبنان، حملة شرسة ضد اللاجئين دون أن يكون لدى الحكومة والسلطات اللبنانية أي داتا حول اللجوء”.

وأردفت،” اليوم تستمر الحملة بطريقة أبشع، ورأينا التقارير التي تتحدث عن اعتقالات بين صفوف المرحلين قسرا وبعضهم استشهد في سجون الأسد، الأمن العام اللبناني يصر أنه لا يرحل مطلوبين، ولكن رأينا ترحيل مطلوبين كما رأينا ترحيل من قبل جهات أخرى غير الامن العام، علما أن الترحيل غير قانوني لأنه أولا يتعارض مع اتفاقية مناهضة التعذيب، وثانيا يتعارض مع القانون اللبناني نفسه كون قرار الترحيل بأغلب الأحيان لا يصدر عن القضاء”.

وواصلت،” مع ذلك والعالم منشغل بالحرب على غزة، تستغل السلطات اللبنانية الأمر لتمعن بانتهاكاتها ضد اللاجئين وهو ما يجب الإضاءة عليه وتحميلها المسؤولية لا إعلاميا فقط ولكن أيضا سياسيا وأمام الدول المعنية وخصوصا أن لبنان شريك بقتلهم وتهجيرهم كون حزب الله جزءً من السلطة التشريعية والتنفيذية وكون الدولة اللبنانية لم تعترض رسميا ولم تحاول منع هذه الميليشيات من المشاركة بقتل السوريين وتهجيرهم”.

بجانبه أفاد صالح مسلم، رئيس مشترك بحزب الاتحاد الديمقراطي، في حديث مع المرصد السوري
بأن الإدارة الذاتية الديمقراطية عرضت على الأطراف استقبال اللاجئين السوريين إذا قاموا بمسؤوليتهم وهذا لم يجد اهتماماً من القوى المعنية بالأمر، وطردهم بهذا الشكل يعني القبول بممارسات النظام السابقة واللاحقة.

وعلق الباحث السياسي وائل علوان، في حديث مع المرصد السوري، عن الحملة المخيفة، معتبرا أن خطورة ذلك تكمن في إعادة السوريين إلى الداخل السوري وخاصة مناطق النظام، في وقت يتعامل فيه بعقلية الانتقام من اللاجئين، ” النظام في مناطق سيطرته يمارس كل أنواع وأشكال الانتهاكات بحق الذين يعتبرهم جزءً من الأزمة وشكلوا سمعة سيئة له”.

وأشار إلى أن اغلب اللاجئين مطلوبين لدى دمشق بسبب مواقفهم السياسية تجاهه، وبالتالي يواجهون لو أُجبروا على العودة خطر الاعتقال والتنكيل والاعدام.

ودعا المجتمع الدولي إلى وقف التلاعب بملف اللاجئين في لبنان والنأي بهم عن الحسابات السياسية الواضحة.

واعتبر أن إمكانيات إعادة اللاجئين بشكل قسري سيكون لها عواقب كارثية ومأساوية، مطالبا بإيقاف ذلك وتحمل المسؤولية كاملة تجاه اللاجئين.