خلال الشهر 74 من “خلافة الدولة الإسلامية”: خلايا التنظيم تقتل أكثر من 85 عنصراً من قوات النظام والمليشيات الموالية لها.. وسط تصاعد في عمليات القتل داخل “دويلة الهول”
شهر بعد الآخر يثبت تنظيم “الدولة الإسلامية” تواجده بقوة على مساحات شاسعة من الأراضي السورية، خلافا لإعلان قيادة التحالف الدولي لمواجهة تنظيم “الدولة الإسلامية” هزيمته في شهر مارس/آذار من العام الماضي، وهو ما يتجلى في العمليات والهجمات المتصاعدة من قبل خلايا التنظيم، والتي يقابلها حملات أمنية تشنها قوات التحالف الدولي بالتعاون مع قوات سوريا الديمقراطية في مختلف مناطق سيطرة “قسد”، ناهيك عن العمليات الأمنية التي تشنها قوات النظام والقوات الروسية لمواجهة خلايا التنظيم في مناطق سيطرتهما. وعلى الرغم من أن التنظيم تعرض لضربات هائلة، على رأسها القضاء على أغلب مناطق سيطرته باستثناء منطقة البادية السورية، ومقتل زعيمه أبو بكر البغدادي في غارة أمريكية واعتقال عدد كبير من قادة التنظيم، فإن خلايا التنظيم تستغل كل فرصة سانحة لإثارة الفوضى وتنفيذ عمليات الاغتيال والاستهداف التي تعمل من خلالها على إرسال رسالة مفادها أن التنظيم سيظل باقيا.
مناطق النظام السوري وحلفائه.. عمليات متواصلة على قدم وساق
تشهد عموم البادية السورية استمراراً للعمليات العسكرية، بين قوات النظام والميليشيات الموالية لها مدعمة بالطيران الروسي من جانب، وعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” المنتشرين على مساحات شاسعة من جانب آخر، وشهد الشهر الفائت تصاعداً كبيراً في المعارك والقصف والاستهدافات، ولاسيما ضمن مثلث حلب – حماة – الرقة، إذ تشهد تلك المنطقة عمليات عسكرية بشكل يومي، في إطار محاولات النظام السوري والروس للحد من نشاط التنظيم.
ووفقاً لإحصائيات المرصد السوري، فإن تنظيم “الدولة الإسلامية” تمكن خلال الشهر الفائت من قتل 86 عنصر من قوات النظام والمليشيات الموالية لها عبر كمائن واستهدافات وقصف واشتباكات ضمن البادية السورية.
وبذلك، بلغت حصيلة الخسائر البشرية خلال الفترة الممتدة من 24 مارس/آذار الفائت من العام 2019، وحتى يومنا هذا، 781 قتيلا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جنسيات سورية وغير سورية، من بينهم اثنين من الروس على الأقل، بالإضافة لـ140 من المليشيات الموالية لإيران من جنسيات غير سورية، قتلوا جميعاً خلال هجمات وتفجيرات وكمائن لتنظيم “الدولة الإسلامية” في غرب الفرات وبادية دير الزور والرقة وحمص والسويداء. كما وثق المرصد السوري استشهاد 4 مدنيين عاملين في حقول الغاز و11 من الرعاة بالإضافة لمواطنة في هجمات التنظيم، فيما وثق “المرصد” كذلك مقتل 390 من تنظيم “الدولة الإسلامية”، خلال الفترة ذاتها خلال الهجمات والقصف والاستهدافات.
مناطق “قسد والتحالف”.. حملات أمنية خجولة لا تعيق النشاط الكبير لخلايا التنظيم
تواصل خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” عملياتها ضمن عموم مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية، بدورها قسد تواصل حملاتها الأمنية بدعم من التحالف للحد من تلك العمليات، وكان آخر تلك العمليات، عملية إنزال جوي للتحالف الدولي وبمشاركة قوات سوريا الديمقراطية في الـ28 من الشهر الجاري، في محيط قرية أم غربة ضمن بادية مركدة جنوبي الحسكة، حيث جرى اعتقال “أمير” ضمن تنظيم “الدولة الإسلامية”.
كما عمدت قسد في الـ 25 من أيلول الجاري، إلى شن حملة تمشيط للبادية الشمالية الشرقية لمحافظة دير الزور عند الحدود السورية – العراقية، بحثاً عن خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، في محاولة لقطع نقاط التهريب التي تستخدمها خلايا التنظيم للتنقل بين سورية والعراق بشكل مستمر.
ولم تعيق تلك الحملات الأمنية نشاط خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، مقتل واستشهاد 19 شخص، هم 9 مدنيين و10 من قسد، ممن قتلوا جميعاً في استهدافات لتنظيم “الدولة الإسلامية” عبر تفجيرات وإطلاق نار.
“دويلة” الهول.. محاولات هرب وعمليات قتل متواصلة بالتزامن مع الإفراج عن دفعات جديدة
وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، مقتل 8 أشخاص (4 رجال و4 نساء) داخل “دويلة الهول” على يد متشددين من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية”، وذلك بعمليات متفرقة على مدار الشهر عبر إطلاق رصاص وطعن بالسكاكين وخنقاً، ومن ضمن القتلى 6 من اللاجئين العراقيين.
وفي سياق منفصل، أفشلت قوى الأمن الداخلي خلال الشهر الفائت، أكبر عملية هروب جماعي من مخيم الهول، حيث تمكنت القوى الأمنية من إحباط هروب نحو 200 امرأة من جنسيات سورية وعراقية ومعهم عدد كبير من الأطفال، وذلك بالتعاون مع عناصر “وحدات حماية الشعب”، وتعد عملية الهروب هي الأكبر منذ افتتاح مخيم الهول.
كما نقلت إدارة مخيم الهول 67 امرأة وشاب و47 طفلا ضمن 20 عائلة من عوائل تنظيم “الدولة الإسلامية” من جنسيات غير سورية، إلى مخيم روج في ريف المالكية.
ووفقا لمصادر المرصد السوري، فإن عملية النقل تمت لتخفيف الأعداد في مخيم الهول، وخوفا على حياتهم من القتل على يد النساء المتشددات.
وكانت قوات سوريا الديمقراطية أفرجت خلال الشهر الفائت، عن حوالي 350 شخصا كانوا محتجزين في “مخيم الهول”، غالبيتهم من أهالي بلدات دير الزور الشرقي، وذلك بكفالة وجهاء عشائر المنطقة.
يذكر أن مخيم الهول يضم ما لا يقل عن 68607 شخص، هم: 8450 عائلة عراقية تشمل 30765 شخصا من الجنسية العراقية، و7809 عائلة سورية تشمل 28069 شخصا من الجنسية السورية، فيما البقية –أي 9773 شخص- من جنسيات أوربية وآسيوية وأفريقية وغيرها ضمن 2824 عائلة.
المختطفون لدى التنظيم.. تجاهل تام ومصير مجهول
وعلى الرغم من انقضاء نحو 18 شهرا على الإعلان الرسمي للتحالف الدولي بالقضاء على تنظيم “الدولة الإسلامية” كقوة مسيطرة شرق نهر الفرات، وبرغم التطورات التي جرت على مدار الفترة الماضية، فإن الصمت لا يزال متواصلا من قبل جميع الأطراف حول قضية المختطفين لدى تنظيم “الدولة الإسلامية” دون تقديم أي إجابة عن مصير آلاف المختطفين، حيث تتواصل المخاوف على حياة ومصير المختطفين ومنهم الأب باولو داولوليو والمطرانين يوحنا ابراهيم وبولس يازجي، وعبدالله الخليل وصحفي بريطاني وصحفي سكاي نيوز وصحفيين آخرين، إضافة لمئات المختطفين من أبناء منطقة عين العرب (كوباني) وعفرين، بالإضافة لأبناء دير الزور.
إن المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعلى ضوء التطورات المتلاحقة فيما يتعلق بتنظيم “الدولة الإسلامية”، يجدد مطالبته لمجلس الأمن الدولي بإحالة ملف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سورية إلى محكمة الجنايات الدولية، لينال قتلة الشعب السوري عقابهم مع آمريهم ومحرضيهم. كما يشير “المرصد السوري” إلى أنه سبق وأن حذر قبل إعلان تنظيم “الدولة الإسلامية في العراق والشام” عن “دولة خلافته” في سوريا والعراق، بأن هذا التنظيم لم يهدف إلى العمل من أجل مصلحة الشعب السوري، وإنما زاد من قتل السوريين ومن المواطنين من أبناء هذا الشعب الذي شرد واستشهد وجرح منه الملايين، حيث عمد تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى تجنيد الأطفال فيما يعرف بـ”أشبال الخلافة”، والسيطرة على ثروات الشعب السوري وتسخيرها من أجل العمل على بناء “خلافته”، من خلال البوابات المفتوحة ذهاباً وإياباً مع إحدى دول الجوار السوري.
وبعد أن تحول مخيم الهول إلى “قنبلة موقوتة” قد تعيد الفوضى إلى المنطقة من جديد، يجدد “المرصد السوري” مناشداته المجتمع الدولي بضرورة إيجاد حل لأزمة “دويلة الهول” التي تهدد بالانفجار في أي لحظة في وجه العالم أجمع. كما نجدد في “المرصد السوري” دعوتنا لمجلس الأمن الدولي وكافة المنظمات والدول التي تدعي احترام حقوق الإنسان في العالم، إلى العمل الفوري من أجل وقف الجرائم والانتهاكات المرتكبة بحق أبناء الشعب السوري من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية”، وإنشاء محاكم متخصصة لمحاكمتهم.