«داعش» و«النصرة».. تقييم استخباراتي جديد

41

قدم المدير المسؤول عن شبكة الجواسيس الأميركية تقييًما للوضع يتناقض مع الطرح السائد في بعض الموضوعات المهمة، حذر خلاله من التهويل من التهديد الذي تمثله «جبهة النصرة» السورية الموالية لتنظيم القاعدة، ومحذًرا من خطط إدارة الرئيس أوباما لتبادل المعلومات الاستخباراتية مع روسيا بخصوص الأهداف السورية. شكك التقييم كذلك من الادعاءات التركية التي زعمت أن محاولة الانقلاب الفاشلة التي جرت في تركيا الجمعة الماضي يقف وراءها رجل دين مقيم في الولايات المتحدة. جاءت تصريحات جيمس كلابر، مدير جهاز الاستخبارات الأميركية، خلال مقابلة صحافية أجراها الأربعاء الماضي، تحدث فيها بإسهاب عن تحذير صدر عنه في مقابله سابقة أجراها في مايو (أيار) الماضي من أن الولايات المتحدة لن تستطيع «حل» مشكلات الشرق الأوسط المضطرب وحدها. ويتفق الرئيس أوباما مع الرؤية المتشككة لكلابر، مما دعاه إلى التشديد على إدارته كي تتخذ حذرها قبل التفكير في اللجوء إلى القوة العسكرية في سوريا. استهل كلابر نقاشه الواسع بالسؤال عن القلق «المتزايد» من «جبهة النصرة»، وأفاد بأن التنظيم السوري الموالي لـ«القاعدة» لا يمثل سوى خطر «ضئيل» للأراضي الأميركية، وأن الخطر «لا يرتقي إلى مستوى التهديد الذي يمثله تنظيم داعش»، واصًفا التقديرات الأخيرة عن ازدياد الأدلة على وجود مخططات خارجية يشكلها التنظيم بأنها «عالية» الصوت ليس إلا. تزامنت شكوك كلابر مع قلقه من التعاون مع روسيا في توجيه هجمات للتنظيم، وهو الإجراء الذي اعتمده أوباما بعد تردد. وتساءل كلابر: بالنظر إلى عدم وفاء روسيا بالتزاماتها، ماذا فعلت روسيا لنا حتى نصدق أننا لو تعاونا معها أكثر من ذي قبل، وأمددناهم بمزيد من المعلومات فسوف تحسن من نهجها معنا؟ وأكد أن أوباما يواجه عددا من البدائل الكئيبة في سوريا، قال كلابر: «يواجه جميع القائمين على صناعة القرار السياسي عندنا خيارات مريرة، ولا يوجد خيار واحد جيد بينها». مثل أوباما، يتشكك كلابر في أن التدخل العسكري أو شبه العسكري في سوريا في السابق كان سيسفر عن شيء مفيد. وعند سؤاله عما إذا كان الداعية التركي فتح الله غولن وراء التخطيط لمحاولة الانقلاب قد مر على «اختبار المصداقية»، أجاب كلابر: «لا لا»، مضيفا أن وزير الدفاع جون كيري كان «قريبا من الكرة»، للضغط على الأتراك لدعم مطلبهم الخاص بتسليم فتح الله غولن، ما دام هناك دليل على تورطه في محاولة الانقلاب.. «لم نر هذا حتى الآن، بالتأكيد لم نر هذا».

تسببت محاولة الانقلاب التركية في «تعقيد الوضع في سوريا، لأن كثيرين ممن جردوا من مناصبهم كانوا من المتحدثين الكبار مع الولايات المتحدة» في الحرب ضد «داعش»، ومنهم قائد قاعدة إنجرليك الجوية. وأفاد كلابر بأنه خلال فترة الاضطرابات الحالية «من الضروري لتركيا البقاء داخل منظومة الناتو». وقال كلابر إن على الولايات المتحدة التوقف عن السعي وراء حلول سريعة في الشرق الأوسط، وإنه من الأفضل الانتظار حتى نهاية فترة الاضطرابات والعنف الذي تمارسه «القاعدة» و«داعش» وغيرها من الجماعات التي ظهرت بعد ذلك، مضيفا: «سيستمر هذا الوضع لفترة طويلة، وسوف يكون هذا الأمر المعتاد لنا». قدم كلابر ملاحظة أخيرة تتناقض مع ما قيل في السابق، وهي أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد لا يبدو بالقوة التي يظهر بها «فنحن نشاهد الرأي العام الروسي، ومن غير الواضح ما إذا كان نفوذ روسيا بوصفها قوة عظمى سوف يستمر على الشعب الروسي». وقال كلابر: «يسبب لي الحديث في هذا الأمر صداًعا في رأسي»، مشيًرا إلى «التناقض» الصارخ بين «بساطة» النقاش الدائر عن جدل الحملة العسكرية و«تعقيد» القرارات الحقيقية، مضيًفا أن الناس قد تتخيل أن القوة العسكرية الأميركية بمقدورها أن توجه ضربات قاسمة في أماكن مثل الرقة والموصل وتنجح في ذلك، لكن العالم لا يسير بهذا الشكل. * خدمة «واشنطن بوست»

ديفيد اغناتيوس

الشرق الاوسط