رغم الضبابية: حلم توحيد سوريا لتجاوز مخططات التقسيم وإعادة الاستقرار والسلام لازال حياً

380

برغم تراجع القتال في سوريا إلا أن الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لم تتحسن بل تأزمت، حيث أن ماكينة اقتصاد الحرب لن تعود إلى عملها الروتيني في ظل جغرافيا مقسمة يحكمها أمراء وتجار حرب استغلوا الفوضى لتحقيق مآرب وأرباح على حساب الثورة والأصوات الحرة التي خرجت مطالبة بالحرية والكرامة الإنسانية.

ويقول سياسيون إن سوريا لن يتعدّلَ وضعها الاقتصادي إلا بعد تغيير المنظومة الحالية كاملة لاعتبارها من أسباب الأزمة وهي المحتكرة لثروات البلد والناهبة لخيراته، علاوة على العقوبات الاقتصادية الغربية التي تعتبر جزءً من المشاكل، ولم تزول الأخيرة إلا إثر النجاح في تنفيذ القرارات الدولية والمرور إلى مرحلة جديدة قوامها سلطات تشريعية وتنفيذية ورئاسية لم تشارك في تقتيل وتهجير السوريين وتتحقق عبر انتخابات نزيهة وشفافة.

وتخشى المعارضة التي يُلقى عليها بدورها اللوم في تعكير الوضع والمساهمة في توسع الصراع لسنوات أكثر بسبب عدم تمكنها من وضع خطة واستراتيجية واقعية تتلاءم مع الواقع السوري لحلحلة النزاع، من عدم تقبلها في مرحلة ما من الشعب السوري الذي عاش الأمرين وجُوع وهُجر بشكل دراماتيكي.

وبرغم انفتاح الوضع السوري المنهار على جميع الأصعدة على فرضيات كثيرة إلا أن التخوفات كبيرة من عدم الوصول إلى تسوية سياسية تقطع مع كل الانهيار ات وتؤسس لسوريا الجديدة القائمة على ديمقراطية حقيقية تتعايش فيها جميع الاختلافات دون دم وإقصاء وعنف وتشدد وتحريض.

وبرغم الخراب والتحريض المستمر سواءً من النظام او الفصائل المسلحة والموالية كل لدولة ومحتل ما يحلم السوريون بإعادة توحيد البلاد لتجاوز الصوملة أو التقسيم واعادة الاستقرار والسلام، ولا يرغب أي طرف في رؤية سوريا مقسمة لأجزاء.

وأكد مهندس باسل كويفي رئيس الكتلة الوطنية المعارضة في سوريا، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الانسان، أن سوريا ( بلاد الشام ) حضارة ممتدة منذ ما يزيد عن 7000 عام ، وخلال تلك الحقب التاريخية تعرضت فيها إلى احتلالات وغزوات مختلفة ومتعددة من الشمال والغرب والشرق والجنوب ، ومع ذلك ودون الخوض في التفاصيل فقد تمكنت ومجتمعها المختلف من دحر الاحتلالات رغم التقسيمات والإقطاع وأمراء المناطق والعودة للنهوض من جديد كطائر الفينيق .

ولفت إلى أنه في الموضوع المطروح ضمن الأوضاع الصعبة التي تعاني منها سوريا ، يبرز لدى البعض تساؤل حول جدوى الحديث عن الدولة الحديثة، ويرى البعض أن الواقع المزري يجعل التطلع لمثل هذه الدولة ضربًا من الخيال لكن في الحقيقة، إن دلالة سوء هذه الأوضاع تكمن فيها ضرورة الحديث والتطلع لهذه الدولة الحضارية الحديثة، لأنها تمثل السبيل الأمثل للخروج من هذا المأزق ، ولا شك أن الأوضاع السيئة التي شهدتها سوريا ناتجة عن تراكمات متعددة من الفساد، وسوء الإدارة، والنقص في البنية التحتية، والتحديات الأمنية والتدخلات الإقليمية والدولية ، وبالتالي فهذه المشاكل لا يمكن حلها بالنظريات والتوجهات القديمة التي لم تنتج حلولاً وتعثرت فيه جميع مسارات الإصلاح والحل السياسي الذي من شأنه إعادة توحيد البلاد لتجاوز الصوملة أو التقسيم وإعادة الاستقرار والسلام، وفق قوله.

وأضاف” وعليه لتجاوز جميع هذه المعوقات والحفاظ على سوريا الجغرافية والشعب ، علينا العمل جميعاً على تعزيز مفهوم الدولة الحضارية الحديثة ، التي تسعى لتطوير جميع مؤسساتها وفق معايير حديثة وعصرية تضمن رفاهية مواطنيها ، هي دولة تعتمد على التكنولوجيا والابتكار في تحسين جودة الحياة، وتكفل حقوق الإنسان، وتعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية، وتعزيز التعليم والبحث العلمي في إطار منظومة القيم للدولة والمجتمع والتي تضمن تحقيق هدفين في آن واحد هما: الوفرة في الإنتاج والعدالة في التوزيع”.

ودعا إلى أهمية ربط المناطق السورية على مشاريع تكامل الأطراف، بما يعزز توحيد البلاد وتخفيف الحصار وعمليات التهريب واستغلال الناس من قبل أمراء الحرب وفتح المعابر التجارية والطرقات بين جميع المناطق السورية بما يحقق المصلحة السورية لجميع أبناؤها، من هنا يصبح العفو العام.. عفوا يراد منه بناء المجتمع وإعادة الروابط الاجتماعية والسياسية الى ثقافة التسامح والمحبة وانطلاق دورة الإنتاج الاقتصادي التي تعزز التماسك والسلام والأمان بالإضافة الى التنمية المستدامة والديمقراطية وسيادة القانون التي من شأنها جميعاً إعادة توحيد سورية وانحسار الظواهر السلبية بما فيها أمراء الحرب.