روسيا تستعرض قوتها البحرية في طرطوس
كانت سوريا حاضرة بقوة، أمس، في استعراض روسيا قوتها العسكرية البحرية، ضمن عروض عسكرية شهدتها معظم الموانئ الحربية الروسية بمناسبة «يوم الأسطول»، بما في ذلك عرض عسكري قدمته القطع البحرية في قاعدة طرطوس في سوريا.
وفي التعليق المرافق لتلك العروض تكررت أكثر من مرة عبارة «هذه السفينة شاركت في العملية العسكرية في سوريا»، مع عرض لما قامت به من عمليات. هذا وجرت على متن الفرقاطة «الأميرال غريغوروفيتش»، بمناسبة يوم الأسطول الروسي، مراسم منح الجوائز لبحارة السفن الحربية لنجاحاتهم في تنفيذ المهام العسكرية في البحر المتوسط. وانتهى الاستعراض بعرض قدرات السفن الروسية الحديثة ومهارة طواقمها.
وشهدت مدينة بطرسبورغ، التي تُعد مهد الأسطول الروسي، احتفالات، أمس، بمناسبة «يوم الأسطول»، وعبرت أكثر من 40 قطعة بحرية، لم تكن حاملة الطائرات الروسية اليتيمة بينها، نهر النيفا، أمام حشد من الحضور، بينهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وشاركت في العرض العسكري مجموعة كبيرة من السفن التي نفذت عمليات في سوريا؛ بينها على سبيل المثال، لا الحصر، السفينة الصاروخية «سيربوخوف»، التي شاركت في قصف صاروخي لمواقع على الأراضي السورية، ضمن دعم موسكو للنظام السوري، وقال المعلق على الحفل إنها شاركت في القصف الصاروخي على مواقع الإرهابيين في سوريا. وتكرر الأمر ذاته لدى عبور سفن أخرى، اختبرت روسيا قدراتها القتالية في حرب حقيقية، لأول مرة، خلال العمليات في سوريا.
كما استعرضت روسيا قوتها البحرية في قاعدة طرطوس، التي حصلت عليها موسكو بموجب اتفاقية مع النظام السوري نهاية عام 2017، أتاحت استخدامها لأغراض عسكرية لمدة 49 عاماً دون أي مقابل. وقالت وزارة الدفاع الروسية إن قطعاً بحرية تابعة لمجموعة سفن المتوسط شاركت في ذلك العرض، بينها الغواصة «ستاري أوسكول»، والفرقاطة «الأميرال غريغوروفيتش»، وسفينة الحراسة «بيتليفي»، والسفينتان الصاروخيتان «فيليكي أوستيوغ» و«أوغليتش». كما شاركت في العرض مجموعة من المقاتلات الروسية المنتشرة في قاعدة حميميم. وتجاوز العرض البحري التأكيد على استعراض القوة العسكرية الروسية في سوريا، إذ تم في نهايته تقليد أوسمة لبعض البحارة «لقاء مهامهم في البحر الأبيض المتوسط».
سياسياً، تواصل روسيا التركيز على ملف إعادة الإعمار في سوريا، وتعمل بصورة خاصة على دفع القوى الحليفة للتحرك في هذا الملف، في الوقت الذي تؤكد فيه الأمم المتحدة، ومعها الدول الغربية، على ضرورة المضي بداية في الحل السياسي، ومن ثم يمكن الحديث عن إعادة الإعمار. وفي كلمته أمام اجتماع وزراء خارجية دول مجموعة «بريكس»، في ريو دي جانيرو، نهاية الأسبوع الماضي، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن «إطلاق اللجنة الدستورية يمثل المرحلة الأهم حالياً على درب التسوية السورية». ولخص الأهداف الرئيسية للتسوية في سوريا، وفق الرؤية الروسية، «هي استعادة سيادة ووحدة أراضي هذا البلد، والقضاء على فلول الإرهابيين، وتسهيل عودة اللاجئين مع تقدم العملية السياسية». وشدد لافروف على «الأهمية الحيوية لدعم عمليات إعادة إعمار سوريا ما بعد الحرب»، وأشار إلى «جهود تبذلها الصين والهند في مجال إعادة الإعمار»، دون أن يوضح طبيعة تلك الجهود. ولم يتضح رد فعل دول «بريكس» على تلك الدعوة، إلا أن نتائج اللقاء الوزاري، كما عرضها لافروف، لم تتضمن أي إشارة مباشرة إلى هذا الملف.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تحاول روسيا فيها الحصول على دعم لعملياتها في سوريا ومواقفها من الأزمة السورية، من دول أعضاء معها في منظمات إقليمية ودولية، إذ دعا قائد أركان القوات الروسية فاليري غيراسيموف، دول منظمة شنغهاي، في اجتماع قادة أركان جيوش دول المنظمة في أغسطس (آب) 2018، للمشاركة في «العمليات الإنسانية في سوريا»، عندما قال: «هناك طيف واسع لتعاوننا العملي في سوريا، مثل نزع الألغام وتسيير دوريات، وتقديم مساعدات إنسانية».
إلا أن أياً من دول المنظمة لم تستجب لتلك الدعوة. وقبل ذلك حاولت روسيا إقناع دول أعضاء في منظمة «معاهدة الأمن الجماعي»، وبصورة خاصة كازاخستان وقرغيزيا، إرسال قوات إلى سوريا، إلا أنهما رفضتا العرض، وربطتا إرسال قوات حفظ سلام بتوفر تفويض دولي وموافقة برلمانية.
المصدر: الشرق الأوسط
الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.