سباق الجبهات من سوريا إلى العراق
من الرقة الى منبج في سوريا الى الفلوجة في العراق إختلاط وتشابك غير مسبوقين في خطوط الميدان والجبهات. واشنطن تدفع بـ”قوات سوريا الديموقراطية” التي تتألف في معظمها من “وحدات حماية الشعب” الكردية الى معركة الرقة فتعترض تركيا، بينما تتسامح تركيا مع شن هذا التحالف المدعوم من الولايات المتحدة هجوماً على منبج شمال حلب لاستعادتها من “داعش” وخصوصاً في منطقة بالغة الحساسية بالنسبة الى أنقرة وسبق لها أن وضعت عليها الخطوط الحمر. غض النظر التركي عن عبور مقاتلين أكراد الى غرب الفرات لخوض معركة منبج يعني أن تركيا تقاضت ثمناً ما من واشنطن.
وبما ان المرحلة المقبلة في سوريا هي مرحلة الميدان، تبدو روسيا قاب قوسين أو أدنى من معاودة تشغيل محركات “السوخوي” دفاعاً عن مكتسبات كادت تضيع منذ العمل باتفاق وقف الاعمال العدائية في 27 شباط الماضي. التراجع في الدور العسكري الروسي تلاه تراجع في الدور السياسي وتنشيط للدور العسكري الاميركي عبر “قوات سوريا الديموقراطية” أو عبر فصائل جهادية وسلفية في ريف حلب الجنوبي ومنها “جبهة النصرة” التي تحاول اميركا إقناع موسكو بعدم توجيه مزيد من الضربات إليها كأن فرع “القاعدة” في سوريا لا يشكل مصدر قلق لأميركا على رغم أنه موضوع على اللائحة الاميركية للمنظمات الارهابية. ومما يثير مزيداً من الريبة والتساؤلات حيال الموقف الاميركي هو الرفض الاميركي مشاركة روسيا في قصف “النصرة” في سوريا!
ولكن لا يسع روسيا أن تبقى صامتة مدة أطول عسكرياً وقت عادت الولايات المتحدة لتتلاعب بخطوط الجبهات السورية مع ما يرافق ذلك من احتمال فرض معادلات عسكرية لن تكون نتائجها السياسية في مصلحة موسكو. ألا يصب تحريك الجيش السوري نحو الرقة في هذا الاتجاه؟
ولا تبدو إيران بعيدة من ساحات المعارك المتجددة بقوة في سوريا والعراق. واللافت أن طهران اختارت العودة الى سوريا من الفلوجة العراقية. وأي اختراق على جبهة الفلوجة سيتردد صداه في سوريا حكماً. واذا ما استعادت القوات العراقية الفلوجة تسقط رمزية كبيرة لـ”داعش” ربما توازي الموصل أو الرقة من هذه الناحية لأنه من الفلوجة توسع التنظيم المتطرف وانطلق الى الموصل.
وبحكم هذا التشابك العسكري على الارض السورية وامتداده الى العراق، بات كل كلام في السياسة الآن مؤجلاً. ولن يكون في الامكان معاودة الحديث عن تسويات في سوريا قبل أن ينجلي غبار المعارك الدائرة حالياً من حلب الى الرقة وادلب ودير الزور وصولاً الى الفلوجة.
سليم نصار
النهار