سباق «درع الفرات» والأكراد بشمال سوريا يتخطى معركة القضاء على «داعش»
تكتسب معارك ريف حلب الشمالي في سوريا، التي تخوضها أطراف عدّة في مواجهة تنظيم داعش، أبعادًا مهمّة تتخطى حرب القضاء على تنظيم داعش واستئصاله، لتصل إلى حرب فرض النفوذ في هذه المنطقة، خصوصًا بين قوات «درع الفرات» المدعومة من تركيا، والفصائل الكردية المنضوية ضمن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من التحالف الدولي بقيادة واشنطن. إذ يسعى الفريقان إلى السيطرة على أوسع مساحة جغرافية، قبل أن تتبلور صورة معركة السيطرة على مدينة الرقّة، وما سيرسو عليه الاتفاق الأميركي – التركي، ومن هي القوى التي ستنخرط في معركة الرقة التي لم تطلق صافرتها بعد.
ففي موازاة التقدم الذي أحرزته ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» في الريف الشمالي لمحافظة الرقة، تحت غطاء جوي توفره لها طائرات التحالف الدولي، سيطرت فصائل «درع الفرات» على عدد من البلدات في ريف محافظة حلب الشمالي. ومن ثم تابعت تقدمها باتجاه مدينة الباب، التي تشكّل السيطرة عليها أهمية استراتيجية لسببين، الأول أنها تجعل المعارضة على تماس مع قوات النظام التي تحاصر شمالي حلب، والثاني أنها تقترب من الرقة من جهة الجنوب، وتفرض وجودها بقوة في معركتها.
تجمّع «فاستقم» المشارك في قوات «درع الفرات» قال: إن المعركة في شمال حلب «منطلقها هدف أساسي وهو تحرير المنطقة من كل الإرهابيين، وكل من لا يمتّ إلى أجندة الثورة بصلة». وأكد رئيس المكتب السياسي للتجمع زكريا ملاحفجي لـ«الشرق الأوسط»، أن فصائل المعارضة «لن تسمح لأي قوة أو حزب له أهداف غير سورية، ويتعامل مع الروس والعدو، أن يسيطر على بلدات أو يقتطع مناطق من البلاد»، مشددًا على أنه «بقدر أهمية المعركة مع (داعش)، بقدر ما هي مهمة في مواجهة الـ(بي واي دي)، الذي يعمل وفق أجندة مختلفة عن أجندة الثورة». وتابع ملاحفجي «حتى لو سيطرت الأحزاب الكردية على منطقة، فإننا نعتبر هذه المنطقة غير محرّرة وسنعمل على طردهم منها».
من ناحية ثانية، خاضت أمس فصائل المعارضة المنضوية في «قوات درع الفرات» اشتباكات عنيفة مع «داعش» في الريف الشمالي الشرقي لمدينة الباب، وسط قصف متبادل من الطرفين، أقدم خلالها التنظيم على تفجير عربتين مفخختين في المنطقة، وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «قوات درع الفرات تمكنت من التقدم والسيطرة على قريتي شدار وشويحة بريف المدينة»، مؤكدًا أن «عدد القرى التي سيطرت عليها الفصائل خلال الـ48 ساعة الماضية، بلغ 11 قرية هي شدار وشويحة وسوسنباط وترحين ويازجي وعرب جودك وعمان وبتاحك ومسيبين والشيخ علوان وزميكة، موسعة بذلك نطاق سيطرتها في مدينة الباب، التي تفصلها 7 كيلومترات عن المدينة».
إلى ذلك، أوضح مصدر عسكري في الجيش السوري الحرّ لـ«الشرق الأوسط»، أن «وجهة المعركة حاليًا هي مدينة الباب، وبعد تحريرها ستتوجه قوات إلى منبج، وأخرى إلى مدينة الرقة». وشدد على أن «الثوار لا ينظرون إلى قوات سوريا الديمقراطية، كقوّة تقاتل الإرهاب، بقدر ما هي قوّة احتلال تسعى لفرض التقسيم والانفصال، وهذا المشروع سنحاربه». وأردف المصدر العسكري «في العام 2013 تمكن الجيش الحرّ من تحرير شمال حلب بالكامل، وكان حزب الـ(بي واي دي) موجودًا على الأرض ولم يتعرّض له أحد بسوء. ولكن بعد التدخل الروسي، أعلن هذا الحزب عن مشروعه (روج آفا)، وبدأ يسعى للسيطرة على شمال سوريا بمعزل عن رأي السوريين، وراح يتقدم ويوسع سيطرته تحت حماية الطيران الروسي»، مشيرًا إلى أن «هذا الحزب والقوى المتحالفة معه، وضعت نفسها في خانة العداء للشعب السوري وعليها أن تتحمّل مسؤولية هذا الخيار».
جدير بالذكر أن قوات «درع الفرات» سيطرت على عشرات القرى خلال الشهرين الماضيين، وتمكنت من إنهاء آخر النوافذ المتبقية لـ«داعش» مع العالم الخارجي، عبر طرد التنظيم من المنطقة الواقعة بين مدينة جرابلس بدءًا من الضفاف الغربية لنهر الفرات، ووصولاً إلى مدينتي الراعي وأعزاز، كما تمكنت من السيطرة على دابق وبلدات قريبة منها، بعد انسحاب التنظيم، الذي استمات في الدفاع عن دابق بالنظر لأهميتها الدينية لديه.
وفي المقابل، تواصلت الاشتباكات العنيفة بين ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية» وتنظيم داعش على محاور عدة في الريف الشمالي لمدينة الرقة، بالتزامن مع تحليق لطائرات التحالف الدولي، وسط قصف متبادل بين الطرفين. وأفادت مصادر ميدانية، أن المقاتلين الأكراد، أحرزوا تقدمًا ملحوظًا، وسيطروا على قريتي الحرية والحايس، محاولين التقدم أكثر باتجاه مدينة الرقة التي تعد معقل التنظيم في سوريا، تمهيدًا لعزله عن ريفي المدينة الشرقي والشمالي.
وحسب «المرصد» فإن ميليشيا «قوات سوريا الديمقراطية سيطرت على 19 بلدة ومزرعة، منذ بدء معركة عزل الرقة، في السادس من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي»، مؤكدًا أن «طائرات التحالف قصفت منطقة خنيز وسط استمرار حركة نزوح المواطنين من المنطقة نتيجة الأعمال العسكرية والقصف الذي تشهده المنطقة».
المصدر : الشرق الاوسط