سكرتير حزب اليسار الديمقراطي: على المعارضة دعم اعتصامات السويداء القادرة على احداث تغيير حقيقي أمام نظام مفلس

1٬063

يرى المهندس سامر كعكرلي، سكرتير المكتب السياسي في حزب اليسار الديمقراطي، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن دور المعارضة الان يتمثل في دعم مظاهرات السويداء القادرة على احداث تغيرات حقيقية في سورية ، لافتا الى أن هذا النظام قد أفلس سياسيا واقتصاديا وحان وقت رحيله.

س-اعتصامات في السويداء طالبت برحيل النظام وحاشيته، هل يمكن أن تؤدي إلى نتيجة خاصة مع التغيرات الحاصلة في المنطقة في علاقة بالنظام والمصالحة؟
ج-مخطئ من يظن بأن محافظة السويداء قد تأخرت عن ركب الثورة السورية التي انطلقت في درعا في منتصف شهر آذار من عام 2011، لأن السويداء كانت من أولى المحافظات التي نددت باستخدام العنف المفرط من قبل أجهزة أمن نظام بشار الأسد في قمعه لأهالي درعا المحافظة الجارة لمحافظة السويداء، وكلنا نذكر اعتصام محاكيي السويداء تنديداً بذلك، ولكن من الأمور التي ربما لا يعرفها الجميع بأن الأجهزة الأمنية التابعة لبشار الأسد قد فرضت حصاراً خانقاً على السويداء وأنا من الأشخاص اللذين شاهد بأم أعينه الحواجز التي انتشرت حول محافظة السويداء في بداية الثورة في الوقت التي كانت المحافظات الأخرى ومنها دمشق لم ينتشر بها أي حاجز أمني، وكان هدف النظام بعزل السويداء عن باقي المحافظات هو بيان بأن الثورة التي اشتعلت في درعا وامتدت إلى باقي المدن السورية هي ثورة سُنية ضد حكم علوي وأن الثوار السنة ما هم سوى إرهابيين متشددين يهدفون إلى القضاء على الأقليات ومنهم “الموحدون الدروز” ليكون هو حامي الأقليات. وبالطبع استفاد من تلك الرواية أيضاً جماعة الأخوان المسلمين الذي امتطوا الثورة السورية وتصدروا المشهد الثوري، وحتى عندما تحولت الثورة للعسكرة أمسك الأخوان المسلمين بمفاصل التمويل العسكري وبدأوا بتوزيعه بالشكل الذي يخدم طموحهم في استلام دفة الحكم عند سقوط نظام بشار الأسد وخير دليل على ذلك كتيبة “سلطان باشا الأطرش” بقيادة الملازم الأول الشهيد “خلدون زين الديم” الذي انشق عن جيش النظام وشكل كتيبة مقاتلة للدفاع عن أهالي درعا ولكن وبسبب سياسة الإسلام السياسي تم منع التمويل عنه وعن كتيبته لغاية ما تمكن النظام من قتله ليدفن معه الأمل المنشود لثورة أهالي السويداء إذا نلاحظ هنا تقاطع مصالح النظام من مصالح الإسلام السياسي. وبالعودة للسؤال حول اعتصامات أهالي السويداء وهل بإمكانها احداث أي تغيير أقول بأن اعتصامات أهالي السويداء وإن كانت لن تؤدي لسقوط نظام بشار الأسد إلى أنها بكل تأكيد ستحدث تغيير هام في معطيات الثورة السورية وأول تغيير سيكون هو إسقاط ورقة حماية الأقليات من يد بشار الأسد وأجهزته الأمنية وهذا عامل مهم في مسار القضاء على نظام بشار الأسد، ومن المتحولات الهامة أيضاً لثورة السويداء هي قطع الطريق على ما يسمى مصالحة والتي جرت في المحافظة الجارة درعا لأن اعتصامات السويداء تدل بشكل قاطع بأن هذا النظام قد أفلس سياسياً كما أفلس اقتصادياً وأصبح عاجزاً تماما عن تقديم أي رؤية سياسية أو اقتصادية لحل الأزمة في سورية، لأن المحافظة التي بدت بأنها وقفت على الحياد (وهذا غير صحيح كما تم شرحه سابقاً ) يعاقبها النظام بالتجويع والفلتان الأمني ليس بسبب سوى أنها منعت أبنائها من الالتحاق بجيش النظام ورفضهم قتل أهلهم من باقي المحافظات، ونحن تعودنا على هذا النظام بأنه نظام حقود لا يمكن أن ينسى من وقف ضده أو على الأقل لم يسانده في وقت محنته فبدأ النظام يعاقب السويداء ولكن بالطرق الناعمة وأهمها الفلتان الأمني ونشر آفة المخدرات وتسليط رجال العصابات على أهالي السويداء، وهذا ما لن يقبله أهالي السويداء، والجديد في انتفاضة السويداء هو الشرخ الكبير الذي حدث في الرئاسة الروحية للمحافظة لأنه وكما هو معروف بان الرئاسة الروحية لطائفة الموحدون الدروز تعود لثلاث شيوخ عقل هم الشيخ حكمت الهجري الذي أيد حرتك السويداء بكل صلابة مما جعله محط أنظار واحترام كل السوريين، وشيخ العقل حمود الحناوي الذي تردد في بداية الأمر باتخاذ موقف مناصر للحراك الشعبي ولكنه في نهاية الأمر حسم أمره ووقف مع الحراك، وشيخ العقل يوسف جربوع الذي تعتبر مواقفه ما بين تأييد الحراك من ناحية المكالب المعيشية ورفض أي صبغة سياسية لهذا الحراك والمتمثلة برفع شعار إسقاط الأسد، ولكن لم يعد لذلك أي تأثير لأن الشارع في السويداء قد قال كلمته وأنه لن يعود للوراء.

س-استعمل حزب البعث الرصاص لتفريق المحتجين في محاولة لترهيب المحتجين السلميين، هل يمكن لهذه الحلول الأمنية التي طالما استعملها النظام منذ2011 أن توقف الاحتجاجات؟
ج-من خلال معرفتنا لهذا النظام وطريقة إدارته للملف الأمني في سورية منذ عام 1970 ومعرفتنا بالمركزية الشديدة في إدارة الملف الأمني، ندرك دون أدنى شك بأن قرار إطلاق النار على المتظاهرين في السويداء قراراً صدر إما من بشار الأسد شخصياً أو من أخيه ماهر الأسد قائد الفرقة الرابعة أو من أحد أفراد الدائرة الضيقة لبشار الأسد، ولكن السؤال هنا لماذا فرع حزب البعث هو الذي أطلق النار وليس أحد الأفرع الأمنية مثل فرع الأمن العسكري سيئ الصيت أو غيره من الأفرع الأمنية كما حدث في باقي المحافظات السورية. وللجواب على هذا السؤال لا بد لنا أن ندرك بأن أغلب عناصر الأجهزة الأمنية هم من الطائفة العلوية وأنه في حال تم إطلاق النار من تلك الأفرع فإن أهالي السويداء ربما يعتبرون ذلك بداية لصراع طائفي بين الدروز والعلويين وهذا ما لا يريده النظام على الأقل في هذه المرحلة وهو ما زال يصدر نفسه حامي للأقليات، ولذلك لجأ النظام لهذه الحيلة الخبيثة بالإيعاز لبعض عناصر فرع حزب البعث بإطلاق النار على المحتجين، لأن هؤلاء العناصر ولو أنهم من حثالة البشر لأن هذه سياسة النظام منذ عام 1970 والتي كانت وما زالت ترمي لاستقطاب الساقطين أخلاقيا واجتماعيا لحزب البعث ولكنهم في النهاية من أبناء محافظة السويداء وأبناء عائلاتها، وكان يهدف النظام بتلك الحيلة الخبيثة بأن يوقع الخلافات بين عائلات السويداء فيما بينهم وربما لو وقع الأمر منا كان يخطط النظام ربما لوجد ذلك ذريعة للتدخل الأمني بحجة وأد الفتنة العائلية بين عائلات السويداء، ولكن رجاحة عقل أهالي السويداء والموقف المشرف للشيخ حكمت الهجري وأدت الفتنة وامتصت الحيلة ويضاف إلى ذلك الموقف الرائع من عائلات السويداء التي نددت بهذا الأمر ودعت للوحدة في وجه ألاعيب النظام. وبالعودة للسؤال هل يمكن للحلول الأمنية أن تقف موجة الاحتجاجات أقول كرأي شخصي بكل أسف ممكن ذلك لأن الحلول الأمنية لنظام عائلة الأسد تتصف بأنها غاية بالوحشية ولكن السؤال هل يستطيع بشار الأسد استعمال تلك الحلول لمواجهة الاحتجاج أقول بأنه لن يجرأ على ذلك وأنه في حال تجرأ على ذلك فإنه يخاطر بإشعار حرب تمتد من لبنان للجولان للسويداء وهذا ما لا يريده.

س-أين المجتمع الدولي ازاء هذه التصرفات التي يقوم بها النظام؟
ج-لقد ثَبُتَ لدى السوريين بعد د أكثر من /12/ عاماً أن الرهان على المجتمع الدولي هو رهان خاسر، لأن المجتمع الدولي لو أراد أن يخلع هذا النظام لكان خلعه على أثر استخدامه للسلاح الكيماوي لأكثر من مرة ضد السوريين، ولا أريد في هذا المجال بأن أنجر لنظرية المؤامرة من قبل المجتمع الدولي كما يروج لذلك تيار الإسلام السياسي وبمقدمتهم الأخوان المسلمين، ولكنني أؤمن بأنه في السياسة فإن المصالح هي التي تتحكم والدول الفعالة في الملف السوري ليست جمعيات خيرية بل تبني مواقفها على مصالحها ومصالح شعوبها، والمعرضة السورية المتمثلة بتيار الإسلام السياسي فشلت فشلاً ذريعا باللعب بلعبة المصالح لا بالعكس تماما فهم المسؤولين عن عدم ثقة المجتمع الدولي لأي نظام قادم في سوريا بعد سقوط الأسد فلذلك لم يكن المجتمع الدولي جاداً بإسقاط بشار الأسد وهذا طبعاً قبل التدخل الروسي لأن التدخل الروسي قد عقد الأمر وأصبحت سوريا وشعبها وقوداً لصراعات دولية على تقاسم مناطق النفوذ ولذلك فأنني أرى كسكرتير لحزب اليسار الديمقراطي السوري بأن الرهان على الشعب السوري وعلى ثورته هو الرهان الرابح وقد أثبت الشعب السوري بأنه كلما فتر وهيج الثورة اشتعلت بمناطق جديدة وهذا ما يحدث في السويداء ولذلك وحتى يصبح الرهان على الشعب السوري رهاناً رابحاً لا بد من القوى الوطنية الديمقراطية التي تؤمن بدولة سوريا القادمة ستكون دولة مواطنة وعدالة أن توحد صفوفها وتنسق أعمالها، ولا سيما وأننا كشعب سوري نمتلك من الخامات الوطنية التي ترتبط بعلاقات دولية كبيرة تمكنها من قلب الطاولة على نظام الأسد وخلق بيئة دولية مقتنعة تماماً بأن الوقت قد أصبح جاهزا لسحب الغطاء أياً من على نظام الأسد، وهذا ما يفعله حزبنا حزب اليسار الديمقراطي السوري سواء في جمع القوى الوطنية الديمقراطية تحت مظلة لقاء القوى الوطنية الديمقراطية، أو من خلال تأطير التكنوقراط الوطني السوري كل حسب محافظته تحت غطاء المؤتمر السوري الديمقراطي المعروف بإعلان بروكسل.

س-ما هو الدور الذي وجب أن تقوم به المعارضة السورية الان؟

ج-إذا كان السؤال ما هي الواجبات التي يفترض على المعارضة السورية القيان بها في هذه المرحلة فالواجبات كثيرة أولها تقديم الدعم لحراك محافظة السويداء ودعم المحافظة بسبل العيش ولا سيما تحت تهديد حصار السويداء من قبل النظام فعلى المعارضة السورية التحرك الفوري والتواصل مع المملكة الأردنية الهاشمية لفتح معبر حدودي يربط ما بين السويداء والأردن ليكون منفذاً للسلع ولا سيما وإن عرفنا بأن نظام الأسد الأب والأبن قد منع السويداء من هذا المعبر الحدودي ومنع عن السويداء أي مجال للمشاريع التي تلبي حاجة أهل السويداء المعيشية والغذائية فكلنا نعلم بأن الطحين والمحروقات والأدوية ومستلزمات العيش الأخرى تأتي عبر طريق دمشق السويداء وهذا مهدد بالإغلاق من قبل النظام في أي وقت. أما إذا كان السؤال يتعلق بإرادة المعارضة السورية الرسمية بتنفيذ ما يترتب عليها من واجبات فأقول وبكل أسف بأنه لا يوجد لدى هذه المعارضة أي نية على ذلك وبكل صراحة فإن الشعب السوري بات يرى في المعارضة الرسمية وعلى رأسها تنظيم الأخوان المسلمين صاحبة مصلحة في بقاء الوضع على ما هو عليه لأنها مستفيدة من ذلك، وما تغيير وتداول المناصب الذي جرى مؤخراً بين شخصيات الائتلاف سوى صورة مثلى عن تلك المصلحة ببقاء الأمر على ما هو عليه، وكما قلت في الجواب السابق الرهان على الشعب وعلى القوى الوطنية الديمقراطية.

 

س-أكدت لجنة التحقيق الدولية بشأن سورية، أن انتهاكات قوات نظام الأسد المستمرة تحول دون عودة اللاجئين السوريين بشكل آمِن إلى بلادهم، وأشارت اللجنة إلى اعتقال قوات النظام لسوريين عادوا من دول الجوار من بينهم أطفال، أين المجتمع الدولي من هذا؟ ولماذا تناسى الجميع الحديث عن شروط العودة الآمنة؟

ج-دعوني أولا أعرف لك معنى العودة الآمنة فالعودة الآمنة تعني أن يعود اللاجئ السوري من دول لجوئه ويكون آمناً عل نفسه وحياته من القتل والاعتقال، السوري لا يطلب العودة الكريمة التي تعني توفر مستلزمات الحياة الكريمة لأنه يعلم تماماً بأن السوريين عندما يأمنون على حياتهم فإنهم يستطيعون إعادة ما خربته الحرب ويعرفون كيف يخلقون لأنفسهم وسائل العيش الكريمة لذلك فإن جُّل ما يطلبونه الأمان لحياتهم وحياة عائلاتهم، وهذا الأمان لا يمكن أن يتوفر بوجود نظام أمني مثل نظام بشار الأسد والمجتمع الدولي أصبح مقتنعاً بذلك ولذلك لم يعد يذكر العودة الآمنة لسورية، وفي المقابل فإن بشار الأسد يعلم تماماً بأن العودة الآمنة تتطلب تخفيف القبضة الأمنية وإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية في سورية وهو يعلم تماماً بأنه في حال قدم أي تنازل بهذا الخصوص فإنه ساقط لا محالة وإن ما يحدث في السويداء أكبر دليل على ذلك، فالسويداء التي انسحبت منها الأفرع الأمنية بهدف خلق فوضى أمنية أو فراغ أمني يسبب بفوضى حدث بها ما يعرف النظام بأنه سيحدث في كل المحافظات السورية بما فيها مناطق ما يسمى حاضنته الشعبية والقصد هنا الساحل السوري حيث يدرك النظام بأن أي تراخي في القبضة الأمنية سيؤدي حتما لاتساع رقعة الاحتجاجات التي ستؤدي بالنهاية لسقوطه.