سورية: الجيش يستعيد بلدات حوران وحلب تباعا
يستعيد الجيش السوري باسناد على مدار الساعة من الطيران الحربي الروسي، مدن حوران تباعا، وتلك الخارجة عن سيطرته في ريفي اللاذقية وحلب، حتى بات وحلفاؤه على بعد كيلومترات عدة من حدود تركيا التي تشعر بانتكاسة لخططها في البلد الجار الذي يدفع اليها بمزيد من موجات اللجوء هربا من الحرب التي تغذيها انقرة.
ففي حوران جنوبا، ما تزال بلدتا داعل وابطع في ريف درعا الشمالي، تحت اختبار المصالحة، فيما يواصل الجيش إنهاء الوجود المسلح في ريف اللاذقية بتقدّمه أمس على محور كنسبا، على ما تؤكد مصادر عسكرية وشهود عيان.
وتوشك على الانتهاء، المصالحة في داعل وابطع التي تقضي بدخول الجيش السوري إليهما، لتجنيبهما العملية العسكرية، بعد تطويقهما من 3 جهات، نتيجة سيطرة الجيش على بلدة عتمان الاستراتيجية على طريق درعا ــ دمشق القديم.
ففي ابطع، رفع الأهالي، علم البلاد فوق مبنى “الارشادية الزراعية”، وذلك استعدادا لاستكمال بنود المصالحة التي تقضي بتسليم مسلحي البلدتين أسلحتهم وتسوية أوضاعهم، بعد أن يتم إخراج المسلحين الغرباء منهما، وبعدها يدخل الجيش السوري. وقام بعدها عدد من المسلحين المعارضين للمصالحة بانزاله واحراقه، ما أحدث موجة غضب في صفوف الأهالي الذين طالبوهم بإعادة رفع العلم وتجنيبهم عواقب حرب جديدة تدمر حياتهم، وهذا ما حدث، بحسب مصدر مطلع على اتفاق المصالحة. من جهته، قال مصدر عسكري سوري، إنّ بلدتي أبطع وداعل مطوّقتان، ومعظم الطرق مرصودة من قبل قوات الجيش، مشيراً إلى أن لجنة أهلية من وجهاء البلدتين توجهت إلى اللجنة الأمنية في درعا بعد يوم من سيطرة الجيش السوري على بلدة عتمان، واقترحوا دخول الجيش إلى البلدتين وتجنيبهما المعارك، مقابل إخراج المسلحين، حيث وافقت القيادة على طلب الأهالي.
وتنص بنود الاتفاق، وفق المصدر العسكري، على بادرة حسن نية من قبل مسلحي البلدتين يقومون في بدايتها برفع العلم السوري فوق المؤسسات الحكومية، وإخراج المسلحين الغرباء، وبعدها يدخل الجيش البلدتين ويقوم بتسوية أوضاع المسلحين الذين يقومون بتسليم أنفسهم مع أسلحتهم، وادخال المساعدات، والافراج عن موقوفين لدى الجهات الأمنية من أبناء البلدتين، وإعادة عمل المؤسسات الحكومية.
وأما في اللاذقية، فقد سيطر الجيش السوري على قرى وتلال الحور والرويسات والسويدية والوادي الأزرق جنوب شرق بلدة كنسبا، التي تعتبر آخر معقل رئيسي للمسلحين في الريف الشمالي. وقال مصدر ميداني، إنّ الجيش بات على مشارف كنسبا، ومعظم الطرق إليها مرصودة من النقاط التي سيطر عليها، مشيراً إلى أن المعارك على محور كنسبا هي الأعنف نتيجة المقاومة التي يبديها المسلحون لحماية آخر معاقلهم الذي يهدد وجودهم في ريف إدلب الغربي في حال سقوطه. وأشار المصدر إلى أنّ الامدادات التي تصل إلى المسلحين من ريف إدلب كبيرة ومستمرة، وكان واضحاً كثافة الصواريخ الحرارية التي يستخدمها المسلحون لعرقلة تقدم الجيش، إلا أن الضربات الجوية لسلاح الطيران الروسي لعبت دوراً مهماً في استهداف بعض من تلك الامدادات وتقليصها. كذلك دارت اشتباكات عنيفة بين الجيش السوري والفصائل المسلحة في محيط تلال كباني، غرب جب الأحمر، والتي ما تزال تحت سيطرة المسلحين. ومن جهة أخرى، استشهد 3 مدنيين وأصيب 7 آخرون جراء سقوط عدة صواريخ على منطقة القرداحة ومحيطها.
وفي إدلب، أصيب عدد من المدنيين جراء استهداف بلدتي الفوعة وكفريا المحاصرتين شمالا بعدة قذائف هاون أطلقها المسلحون من جهتي مزارع بروما وبنش. إلى ذلك، قتل 7 مسلحين في انفجار عبوتين ناسفتين استهدفتا رتل سيارات على طريق عين لاروز في جبل الزاوية، جنوبي إدلب.
وفي سياق متصل، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أن واشنطن رحبت بإمكانية إرسال قوات خاصة سعودية إلى سورية في إطار التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد تنظيم داعش. وقال الجبير: “ثمة مناقشات تتعلق بإرسال فرقة من القوات البرية أو فرقة قوات خاصة للعمل في سورية إلى جانب التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ضد داعش، والسعودية تبدي استعدادها لتوفير قوات خاصة لمثل هذه العمليات إذا تمت”.
وقال الجبير للصحفيين إن “الحكومة الأميركية كانت مؤيدة جدا وإيجابية جدا بشأن استعداد المملكة لإرسال قوات خاصة للعملية في سورية في حال قرر التحالف الدولي القيام بذلك”.
وتحدث الجبير للصحفيين بعدما التقى لليوم الثاني على التوالي مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وركزت محادثاتهما على الصراع في كل من سورية واليمن.
وكانت الولايات المتحدة أكدت علنا أنها أرسلت عددا صغيرا من جنود قوات العمليات الخاصة الى شرق سورية لمساعدة فصائل محلية على محاربة تنظيم “دعش”. لكن النقاش مستمر في واشنطن حول صوابية وحجم أي عملية برية محتملة ضد التنظيم المتطرف.
ورفض الجبير تحديد عدد القوات التي قد ترسلها بلاده ولا الدول التي ستشارك في أي عملية برية محتملة قادمة في سورية.
لكن العميد الركن أحمد العسيري، المتحدث الرسمى باسم قوات التحالف العربى، أكد أنه سيتم الإعلان في بروكسل عن الدول المشاركة في أي عملية برية بسورية.
وأضاف العسيري أن مشاركة السعودية بقوة برية في سورية سيكون بقدر التهديد الذي تتعرض له من قبل التنظيم الإرهابي “داعش”، وتابع:” السعودية لا تعمل منفردة إنما ضمن تحالفات دولية”.
وكان مصدران سعوديان مطلعان كشفا الجمعة الماضية، عن خطط المملكة للتدريبات العسكرية كجزء من إعدادها للتدخل في سورية لمكافحة تنظيم “داعش”.
وأفادت الشبكة أن عدد المتدربين قد يصل إلى 150 ألف جندي، وأن معظم الأفراد سعوديون مع قوات مصرية وسودانية وأردنية موجودة داخل المملكة حاليا.
وفي المنطقة الحدودية التركية السورية، بلغت مخيمات النازحين، قدرتها القصوى على الاستيعاب مع تدفق عشرات الآلاف من السكان الهاربين من هجوم واسع يشنه الجيش السوري في محافظة حلب وتتخوف انقرة من نزوح اعداد اضافية. وفي دمشق، اسفر تفجير انتحاري بسيارة مفخخة داخل مرآب لنادي الشرطة في مساكن برزة في شمال شرق العاصمة عن مقتل ثمانية اشخاص بينهم عناصر من الشرطة وإصابة عشرين آخرين بجروح، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال أحمد المحمد وهو مسؤول ميداني في منظمة “اطباء بلا حدود” يدخل يوميا من تركيا الى محافظة حلب، شمال سورية، لوكالة فرانس برس عبر الهاتف الثلاثاء “تسببت موجة النزوح الاخيرة بالضغط على أكثر من عشرة مخيمات موجودة في الخط الحدودي الممتد من شمال اعزاز حتى تركيا”.
وأعلن مكتب الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ليل الاثنين أن ثمانية مخيمات عشوائية في الجانب السوري من الحدود مع تركيا بلغت طاقتها “الاستيعابية القصوى”، لافتا إلى نزوح نحو 31 ألف شخص من مدينة حلب ومحيطها في الايام الاخيرة، “80 في المائة منهم من النساء والاطفال”.
ويضطر العديد من النازحين “للنوم في الشوارع والعراء بدون بطانيات أو اغطية” وفق المحمد، الذي يتولى مهمة “مدير الصيدلية والتبرعات” في منظمة اطباء بلا حدود.
واوضح أن منظمات الاغاثة كانت توزع خيما مخصصة لسبعة اشخاص لكن أكثر من عشرين شخصا يضطرون للمبيت فيها في وقت لم تعد منازل سكان القرى الحدودية قادرة على استيعاب عدد اضافي من النازحين.
وبعد اسبوع على بدء هجوم واسع في ريف حلب الشمالي بدعم من الغارات الجوية الروسية، تمكنت قوات النظام من استعادة السيطرة على بلدات عدة في المنطقة وقطع طريق امداد رئيسي للفصائل يربط مدينة حلب بالريف الشمالي نحو تركيا. وباتت للمرة الأولى منذ العام 2012 على بعد نحو عشرين كيلومترا من الحدود التركية.
وتمكنت قوات النظام بفضل هجومها من التقدم باتجاه مدينة تل رفعت، وهي واحدة من المعاقل الثلاثة المتبقية للفصائل المقاتلة في ريف حلب الشمالي، الى جانب مدينتي مارع واعزاز.
وتستهدف الطائرات الحربية الروسية، وفق المرصد، بعشرات الغارات بلدات وقرى ريف حلب الشمالي، وبينها تل رفعت.
ويقول محللون ان الجيش يهدف من خلال تقدمه إلى اغلاق الحدود التركية “لحرمان الفصائل من الدعم اللوجيستي”.
وابدت تركيا التي تستضيف نحو 2,5 مليون سوري مساء الاثنين خشيتها من وقوع “الاسوأ”. وقال نائب رئيس الحكومة التركية نعمان قورتولموش في ختام اجتماع للحكومة ان “السيناريو الاسوأ الذي يمكن ان يحدث في هذه المنطقة على المدى القصير قد يكون عبارة عن تدفق جديد لـ600 ألف لاجئ إلى الحدود التركية”. وتابع المسؤول التركي قائلا “هدفنا في الوقت الحاضر هو ابقاء هذه الموجة من المهاجرين وراء حدود تركيا أطول فترة ممكنة، وتقديم الخدمات اللازمة لهم حيث هم”.
وقال مراسل لوكالة فرانس برس الثلاثاء ان “شاحنات مساعدات اجتازت الحدود” الى سوريا. ونقل عن مسؤول تركي ان “اربعة جرحى عبروا الاثنين الى تركيا” لتلقي العلاج.
المصدر:الغد