صحافيون سوريون… وإن سعوا لإفشالها الثورة مستمرة
برغم أنّ المهنة تفرض عليهم قوة التحمّل برغم كل المعاناة التي غطوها وعاشوها وشاهدوها، فهم من نقلوا الصورة كما هي للسوريين والرأي العام الدولي إلاّ أنه لا يتم ذكرهم في أي مسار تأخذه الثورة السورية، فلا أحد يستذكر صحفيا واحدا واكب الثورة منذ ولادتها الأولى، فبعد 12 عاما من المقاومة السورية لا يمكن أن يُنسى من أوصل أصوات السوريين وصرخاتهم إلى العالم، الصحافيون الذين واكبوا كل المسارات والأحداث باتوا اليوم وثيقة مهمة لتدوين مآلات الثورة فهم من ملكوا الميدان وقاوموا كل أشكال العنف من أجل إيصال الحقيقة دون روتوش.
وبعد 12 عاما من المواكبة، يرى الصحفي أحمد رام عزيز، في حديث مع المرصد السوري أنّ الثورة لم تنتصر كما أنها لم تنجح، حيث تستمر المحاولات لإفشالها لكنها تبوء بالفشل نتيجة ردة الفعل الشعبي في شمال غرب سورية، مستذكرا الرد الشعبي عندما أعلنت تركيا أنها تنوي إعادة العلاقات مع رئيس النظام السوري بشار الأسد، رغم أن الشارع السوري يدرك أن تركيا تناور ولا تصالح الأسد.
وتابع: “وعلى الرغم من ضعف المؤسسات الرسمية التي تتصدّر المشهد للثورة السورية، إلا أن هذه الثورة واضحة الهدف شعبياً، من خلال تحقيق أهدافها والوصول إلى التغيير السياسي المنشود في سورية”.
يرى الإعلامي السوري والسياسي أيهم صقر، في حديث مع المرصد السوري، أنّ المعارضة السياسية السورية قد فشلت في إنشاء خطاب موحّد، أو العمل على بناء مؤسسات سياسية فاعلة، وبالتالي ظهر بشكل جلي فشل التنسيق بين القوى المعارضة رغم وجود ظروف تسمح بذلك، هذا الفشل أيضاً له أسبابه لعدم وجود شخصيات معارضة تستطيع تحريك رأي الشارع ورمي الكرة دائماً بملعب النظام دون السعي لبناء خطاب سياسي مؤسساتي وازن، كذلك تكرّس الفشل بعدم الاستفادة من الفرص التي سنحت بشكل متكرر بلقاء أهم القيادات العالمية والاكتفاء بدور المصغي والمنفذ، وفق قوله.
وأردف: من نافل القول التحدث عن أن الثورات هي البديل الذي يلبي حاجات أي بلد ليس فقط على الصعيد السياسي بل على جميع الأصعدة وهو ما فشلت به الثورة السورية ، فإلى أي مدى كسبت ثقة الاقليات على سبيل المثال !! حيث جاء تكريس مفهوم الأقليات الموالية بكامل مواطنيها للنظام تهرباً من المسؤولية، وتأكيدا لعدم القدرة على ضبط صياغة لرؤية واضحة لسورية المستقبل بجميع مكوناتها وإن تمت صياغتها فليس هناك أي خطوات ملموسة للتنفيذ، تفشل الثورات بالتأكيد مع فقدان ثقة جمهورها بها وهو ماحصل في المناطق المحررة التي تحولت أجواء الحياة بها إلى مايشبه المناطق التي تحت سيطرة النظام بقمع الحريات والصراع بقوة السلاح للتفرد بالسلطة بواسطة ميليشيات مسلحة بمسميات دينية وتوجهات عقائدية أفرغت الثورة منذ بداياتها -وليس فقط في هذه المناطق- من مضمونها بصوغ الحريات العامة وتشكيل قوانين يعيش تحت ظلها أي مواطن مهما كان توجهه الديني، أو الفكري، أو الجندري”..
وختم بالقول: “رغم ذلك هناك بعض الأجسام السياسية القليلة جداً والتي تقع على عاتقها مسؤوليات كبيرة بتصحيح المسار ومعالجة الأخطاء والعمل على خطط واضحة بتنظيم العقد الاجتماعي وحوكمة الدولة والتحلي بالجدية، ربما تتمكن من خطو بعض المسافات في العمل السياسي السوري الذي خسر ثورته ومابقي أفكار حقيقية وصادقة من الواجب العمل عليها وبها …”.
ومن جانبها، قال الصحفي زكي دروبي، في حديث مع المرصد السوري، إنّ دور الصحفي كان واضحا وقد نجح الصحافيون في سورية في تبليغ معاناة الشعب للعالم وتكبدوا مآسي التنكيل والاعتقال للانتصار إلى الشعب المهمش الذي قار كلمته علنا.
واعتبر دروبي أّنّ الثورة حالة طبيعية انطلقت نتيجة ظروف موضوعية تمثّلت في الاستبداد وقمع الحريات والتفقير الناجم عن استيلاء عائلة الرئيس الحاكم على مقدرات البلد وثرواتها، ما أدّى إلى الانفجار الشعبي والخروج ضدّ المستبدين.
وعن نجاح الثورة من عدمه، أفاد : بالتأكيد لم تفشل الثورة السورية ولا بقية الثورات، لأن الظروف الموضوعية لازالت كما هي وإن اختلفت الأسماء، برغم وجود محاولات لإفشال المسار الديمقراطي الذي ترغب به الشعوب، ومنه الشعب السوري، وقد نجح جزئيا في إطالة مسار المخاض لولادة نظام سياسي جديد في سورية بديلا عن النظام الاستبدادي القمعي القاتل لشعبه الناهب لثروات بلاده ، لكن حركة التاريخ مستمرة للأمام ولا يمكن إيقافها، فالشعب الذي خرج من أجل تغيير النظام الذي يحكمه منذ سنوات لن يستكين حتى تتحقق مطالبه المرفوعة”.
وقال الصحفي السوري إنّه برغم المخاض العسير لازالت الثورة مستمرة من أجل تحقيق الشعارات التي رُفعت للعيش ضمن نظام ديمقراطي يؤمن بالحريات والعدالة الاجتماعية والتوزيع العادل للثروات بين مختلف المناطق، : “فالثورة لم تنته، وسنرى موجات ثورية أخرى في سورية ، ولن يستكين الناس حتى يبلغون أهدافهم، هذه هي حركة التاريخ ولن يستطيع أحد إيقافها مهما فعل”.