صراع تركيا مع الأكراد لصالح «داعش»
وجه الهجوم التركي ضد «الإرهاب» حتى الآن في المقام الأول ضد مقاتلي حزب العمال الكردستاني في جبال شمالي العراق، وليس ضد «داعش» في سوريا.
وفي اليومين الأولين من الحملة التركية لم تبعث أنقرة إلا بطائرات قليلة لقصف سوريا، بينما كانت هناك 185 طلعة جوية ضد نحو 400 هدف خاصة بحزب العمال الكردستاني، وتقول تركيا، إنها لا تميز بين «داعش» وحزب العمال الكردستاني، الأمر الذي يجعل من الأيسر اكتساب قبول دولي باستئناف الحرب بين الحكومة التركية، وأقليتها الكردية التي تضم 15 مليون نسمة.
وفي حقيقة الأمر، فإن حزب العمال الكردستاني قد لا يكون الهدف الأكثر أهمية بالنسبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي فقد أغلبيته في البرلمان أخيراً عندما فاز حزب الشعب الديمقراطي الكردي في غالبيته بستة ملايين صوت، أي 13% من إجمالي الأصوات، وإذا أمكن الإساءة إلى مصداقية هذا الحزب أو نصيبه من الأصوات، فإن أردوغان سيكتسب من جديد الأغلبية التي يريدها.
وربما يعتزم أردوغان إجراء حملة انتخابية مصغرة في وقت لاحق من هذا العام، حيث ربما يعود حزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه لاكتساح السلطة في موجة وطنية جديدة. وسوف تتم شيطنة حزب الشعب الديمقراطي باعتبار أن المنتمين إليه متواطئون مع حزب العمال الكردستاني، وذلك على الرغم من سجلهم باعتبارهم دعاة إلى اتفاق سلام تدوم طويلا.
ويمكن لصلاح الدين ديمردالش، زعيم حزب الشعب الديمقراطي، أن يدرك كيف أن حرب رجال العصابات مع حزب العمال الكردستاني قد تناسب أردوغان وحزب الحرية والعدالة الذي ينتمي إليه. وقد أبلغ الرئيس التركي بقوله: إننا لن نترك شبابنا يمضون إلى مصارعهم لمجرد التغطية على أنشطتكم القذرة (المقصود الاتهامات بالفساد الموجهة إلى عدد من الوزراء الأتراك).
أياً كان التأثير في سوريا الناجم عن الانضمام إلى الحرب ضد «داعش»، فإن هذه السياسة الجديدة قد أشعلت من جديد نيران الحرب الأهلية التركية- الكردية في تركيا، وربما لا يكترث أعضاء «ناتو» الذين دعموا تحركات تركيا أخيراً كثيراً بهذا، طالما أن تركيا تتعاون بما فيه الكفاية في وضع نهاية لتنظيم «داعش».
ويعتبر تنظيم «داعش» نفسه بمثابة كلب لم ينبح بعد، كما يقول بعض المراقبين، فهو لم يعلن مسؤوليته عن التفجير الانتحاري في بلدة سوروغ الذي أسفر عن مصرع 32 شاباً يسارياً تركيا كانوا في طريقهم لجلب المساعدات إلى بلدة كوباني السورية ذات الأغلبية الكردية، كما أن «داعش» لم يرد على قصف سلاح الجوي التركي لمواقعه، وكان المتحدث باسم التنظيم قد أعلن في وقت سابق أن الضربات الجوية التركية لم تصب إلا مباني مهجورة كانت تستخدم مقاراً للقيادة.
وربما يقدر تنظيم «داعش» أن تحركات الحكومة التركية موجهة في المقام الأول ضد الأكراد، وأن الضربات التي وجهت له استهدفت تحقيق أهداف تتعلق بالعلاقات العامة. وهذا لا يعني أن «داعش» محق في ما ذهب إليه ، ولكن هجوم الحكومة التركية على حزب العمال الكردستاني أصاب الخصم العسكري الأكثر كفاءة لـ«داعش» وقد يكون لصالح هذا التنظيم.
تغيير
يعد زعم المسؤولين الأميركيين أن استخدام القواعد التركية سيكون «عنصر تغيير للعبة» في الحرب ضد «داعش»، بمثابة تفكير بالتمني، ومشكلة الولايات المتحدة هي أنها تعتمد على نجاح حملتها الجوية، فهي لا تجرؤ على حشد قواتها على الأرض، ولكن القصف الجوي وحده لن يلحق الهزيمة ب «داعش» .
باتريك كوكبورن
البيان