“صعبة ومعقّدة” يا له من اكتشاف !
ليس المهم ان ينتهي لقاء موسكو بين النظام السوري وشخصيات ومعارضة الداخل، بإعلان سيرغي لافروف انه لا يتوقع التوصل الى حل سريع وان العملية ستكون صعبة ومعقدة، بل المهم ان لافروف إعترف بأن المعارضين الذين استضافهم لا يمثلون شيئاً تقربياً وانه “يجب بذل جهود إضافية للتوصل الى تمثيل حقيقي للتشكيلة التي ستشارك في الحوار”!
يأتي هذا بعدما قال الرئيس بشار الاسد لمجلة “فورين بوليسي” انه ليس هناك معارضة بل هناك تنظيمات ارهابية، متعمداً ان يضع العالم أمام خيار من اثنين: إما هو ونظامه وإما أبو بكر البغدادي و”داعش”.
المضحك ان لافروف حاول الحديث كمضيف حيادي لا كمدير للحوار، فقال ان المتحاورين السوريين ركزوا على العوامل التي يتوافق عليها الجميع مثل الوحدة والسيادة والاستقلال والطابع العلماني للدولة، ومن ثم يأتي التدرج الى العناصر التي من شأنها تحقيق الوحدة الوطنية، لكأن هناك من يختلف على الوحدة والاستقلال والسيادة، بينما الخلاف هو على كيفية تحقيق الوحدة الوطنية بوجود نظام حوّل سوريا مقبرة اسطورية، حيث سقط مئات الآلاف من القتلى وتشرّد ما يقرب من عشرة ملايين!
المضحك أكثر ان لافروف يتحدث عن الحاجة الى مفاوضات صعبة لكي يتمّ الاتفاق على عملية “بناء الثقة بين الحكومة السورية والمعارضة”، بما يعني صراحة انه يسقط جوهر مؤتمر جنيف، أي عملية الانتقال السياسي التي طالما تولّى شخصياً العمل لإسقاطها وكأن على السوريين بعد اربع سنوات من الدم والدمار ان يعودوا الى بيت الطاعة.
مع هذا الكلام لا يبقى أي معنى لقول لافروف، ان الإنتقال من المواجهة الى الحوار ومعالجة القضايا الوطنية العاجلة يتطلب جهوداً كبيرة بما في ذلك الاستعداد لتنازلات متبادلة، اولاً لأن الذين يحاورون النظام في موسكو ليسوا في المواجهة بل في أحضان النظام، وثانياً لأن هؤلاء تنازلوا اساساً عن كل شيء، في حين لم يتنازل الاسد في حديثه الى “فورين بوليسي” ولو ليعترف بوجود معارضة، فقد اصرّ على ان هناك النظام وهناك التنظيمات الإرهابية وان المعارضة لا تمثّل احداً على الأرض !
ما لا يصدّق ان تكون روسيا الأكثر تدخلاً في سوريا بدعمها السياسي والعسكري للنظام كما هو معروف، وان لا يتردد لافروف في القول، ان ربط الصراع في سوريا بوصفات خارجية يعكس مصالح الخارج، وان التدخل الخارجي هو الذي عطّل اتفاقات جنيف، مع انه هو الذي عطّلها بإسقاط النص عن الانتقال السياسي.
واذا كان “التدخل الخارجي يخدم اهدافاً جيوسياسية خارجية” كما يقول، فمن الواضح تماماً ان التدخل الروسي والإيراني في سوريا يخدم أهداف موسكو وطهران، لكنه لم ولن يخدم سوريا وقد باتت اكبر مأساة في العصر!
راجح الخوري
المصدر : النهار