طائرات روسيّة وسوريّة تمطر شرق حلب… وتقدُّم في ريفها
قُتل وجُرح أكثر من ١٦٠٠ شخص خلال خمسة أيام من القصف العنيف من الطيران الروسي والسوري على شرق حلب، في وقت سيطرت القوات النظامية السورية، بدعم من موسكو وطهران، على مناطق مهمة في ريف حلب.
وقال «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أمس: «تمكنت قوات النظام والمسلّحون الموالون لها ولواء القدس الفلسطيني، من التقدم في شمال مدينة حلب والسيطرة في شكل كامل على مخيم حندرات الواقع إلى الشمال من مدينة حلب، عقب اشتباكات عنيفة مع الفصائل المقاتلة والإسلامية، حيث حققت قوات النظام بذلك ثاني تقدّم استراتيجي بعد استعادتها منطقة الكليات العسكرية في جنوب مدينة حلب قبل نحو أسبوعين».
ويأتي هذا التقدم نتيجة للقصف المكثف لقوات النظام والقصف العنيف والمستمر للطائرات الروسية وطائرات النظام على المنطقة، ومعلومات مؤكدة عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين، وفق «المرصد» الذي لفت الى أن قوات النظام «تحاول بهذا التقدم توسيع نطاق سيطرتها في شمال حلب، من أجل تضييق الخناق على الأحياء الشرقية لمدينة حلب، والمقاتلين الموجودين فيها، ولتوسيع نطاق تأمين طريق الكاستيلو الذي تسيطر عليه قوات النظام منذ النصف الثاني من تموز (يوليو)».
وكان «المرصد» أشار الى أنه «ارتفع إلى 25 على الأقل، عدد الشهداء الذين تمكّن من توثيق استشهادهم منذ ساعات صباح اليوم الأولى وحتى الآن، من ضمنهم أطفال ومواطنات، إثر غارات مكثفة نفذتها الطائرات الحربية على أحياء الكلاسة وبستان القصر والمرجة وباب النيرب وطريق الباب والميسر وأرض الحمرا، ومناطق أخرى في الأحياء الشرقية لمدينة حلب». وزاد: «لا يزال عدد الشهداء مرشحاً للارتفاع لوجود عشرات الجرحى والمفقودين، حيث لا يزال بعض الجرحى في حالات خطرة، وتحاول فرق الإنقاذ انتشال المدنيين العالقين تحت أنقاض المباني والمساكن التي دمرتها الطائرات الحربية الروسية والتابعة للنظام، كما استشهد رجل ومواطنة نتيجة قصف طائرات حربية لمناطق في بلدة كفرداعل بريف حلب الغربي».
وذكر «المرصد السوري» أن بين القتلى سبعة أشخاص كانوا من القلائل الذين خرجوا لشراء الغذاء، وقتلوا في قصف بينما كانوا ينتظرون دورهم أمام أحد المخازن لشراء اللبن في حي بستان القصر. وتحدّث مراسل لوكالة فرانس برس، عن أشلاء بشرية على الأرض وبركة من الدم، بينما اكتظّت العيادات بأعداد كبيرة من الجرحى.
ولم تتمكن روسيا والولايات المتحدة، على رغم سلسلة اجتماعات عقدها وزيرا خارجيتيهما سيرغي لافروف وجون كيري، على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، من التفاهم حول إحياء هدنة انهارت الاثنين، بعد سبعة أيام على بدء تطبيقها، وتبادلتا الاتهامات حول هذا الفشل الديبلوماسي.
وتشهد حلب، التي كانت قبل الحرب العاصمة الاقتصادية للبلاد، والمنقسمة منذ 2012 الى أحياء شرقية تسيطر عليها الفصائل المعارضة وأحياء غربية يسيطر عليها النظام، قصفاً عنيفاً من قوات النظام السوري وحليفه الروسي منذ الاثنين.
وقبع السكان في حلب الشرقية في منازلهم صباح السبت، فيما كانت الغارات تتواصل متسبّبة بمقتل عشرات المدنيين. وقالت مديرية الدفاع المدني في بيان، أنه منذ ١٩ الشهر الجاري قتل ٣٢٣ شخصاً وجرح ١٣٢٣ بالقصف السوري والروسي.
وأعلن الجيش النظامي السوري الخميس، بدء هجوم على هذه الأحياء التي يطبق عليها حصاراً خانقاً. وقال مدير «المرصد» رامي عبدالرحمن، «أن النظام يقصف بشدة هذه المنطقة لأنه يريد إرغام السكان على المغادرة واستعادة السيطرة على المنطقة». وأوضح مصدر عسكري سوري في دمشق الجمعة لوكالة فرانس برس، أن العمليات البرية في حلب لم تبدأ بعد. وقال: «بدأنا العمليات الاستطلاعية والاستهداف الجوي والمدفعي، وقد تمتد هذه العملية لساعات أو أيام قبل بدء العمليات البرية».
في جنيف، أعلنت الأمم المتحدة أن مليوني شخص تقريباً يعانون من انقطاع المياه في حلب بعدما قصفت قوات النظام إحدى محطات الضخ، وقامت الفصائل المقاتلة بتوقيف العمل في محطة أخرى تضخّ نحو الأحياء الغربية الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، انتقاماً.
وأفاد «المرصد» باشتباكات عنيفة بين القوات النظامية والفصائل المقاتلة في المنطقة المحيطة بأحياء العامرية والشيخ سعيد في جنوب حلب. وقال مراسل لوكالة فرانس برس في الأحياء الشرقية من حلب، أن حجم الدمار كبير، خصوصاً في أحياء الكلاسة وبستان القصر التي اختفى عدد من شوارعها تقريباً بسبب انهيار الأبنية.
وبات متطوعو «الخوذ البيضاء»، الدفاع المدني في حلب الشرقية، مع كثافة الغارات، عاجزين عن التحرك، خصوصاً بعدما استهدفت الغارات صباحاً مركزين تابعين لهم، ولم يتبقّ لهم سوى سيارتين للإسعاف.
وتجد سيارات الإسعاف صعوبة في التحرك بسبب نقص المحروقات والركام المتناثر على الأرض، الذي فصل الأحياء عن بعضها وجعل بعض الطرق غير سالكة. وذكرت منظمة «أطباء بلا حدود» الجمعة، «أن الجرحى والمرضى في عدد من الأحياء ليس لديهم أي مأوى، وهم عرضة للموت».
وتحدث سكان وناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي، عن «صواريخ جديدة» تسقط على حلب وتتسبّب بما يشبه «الهزة الأرضية». وقال مراسل فرانس برس، أن تأثيرها مدمر، إذ تتسبب بتسوية الأبنية بالأرض وبحفرة كبيرة «بعمق خمسة أمتار تقريباً» شاهدها في بعض أماكن سقوط الصواريخ.
وتشكل مدينة حلب الجبهة الأبرز في النزاع السوري، وهي الأكثر تضرراً منذ اندلاعه عام 2011. ومن شأن أي تغيير في ميزان القوى في المدينة أن يقلب مسار الحرب التي تسببت بمقتل 300 ألف شخص وتهجير الملايين وتدمير البنى التحتية.
واتفق كيري ولافروف على مواصلة الحوار على رغم فشل المحادثات الدولية في نيويورك من أجل إيجاد وسيلة لإحياء الهدنة. وكان مقرراً أن يلتقي وزير الخارجية الأميركي في بوسطن في الولايات المتحدة السبت، بنظرائه الإيطالي والبريطاني والفرنسي والألماني، من أجل البحث في الوضع في سورية.
المصدر : الحياة