ظروف معيشية صعبة وبنية تحتية مدمرة وعدم توافر لأدنى مقومات الحياة.. عودة خجولة لنازحي سهل الغاب منذ اتفاق “وقف إطلاق النار”
المرصد السوري لحقوق الإنسان – حماة: بعد بدء عمليات التصعيد الأخيرة والأعنف من نوعها نهاية شهر نيسان الفائت من العام الجاري، نزح غالبية سكان قرى سهل الغاب في ريف حماة الشمالي الغربي، وباتت القرى فارغة بشكل شبه كامل من سكانها، فقد توجهت العائلات باتجاه الشمال السوري، حيث مخيمات النزوح المنتشرة على طول الحدود السورية التركية. وتعتبر منطقة سهل الغاب من بين أكثر المناطق التي طالها القصف الجوي والبري خلال الحملة الأخيرة التي شنتها قوات النظام وحليفتها روسيا، وتمكنت قوات النظام والقوات المساندة لها من التوغل لمساحة كبيرة من منطقة سهل الغاب والسيطرة على عدد من البلدات والقرى، مثل بلدة قلعة المضيق وقرى باب الطاقة والحمرا والشريعة والحويز، بعد معارك خاضتها ضد فصائل المعارضة المسلحة والجماعات الجهادية. وبعد الهدوء النسبي الذي جاء نتيجة إعلان روسيا لوقف إطلاق النار نهاية شهر آب الفائت، عادت العديد من العائلات النازحة من منطقة سهل الغاب إلى منازلها بشكل تدريجي، حيث تعاني هذه العائلات في الوقت الراهن من ظروف معيشية صعبة، بسبب عدم توفر مقومات الحياة من مياه للشرب وكهرباء ومراكز صحية ومنشآت تعليمية وخدمية، إضافة إلى نسبة الدمار الكبيرة التي لحقت بالبنى التحتية ومنازل المدنيين، ما زاد من صعوبة عودتهم.
وفي شهادة لأحد الناشطين الإعلاميين من منطقة سهل الغاب، لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان”، يقول الشاهد: “تسبب القصف الجوي والبري المكثفين في نزوح عشرات الآلاف من منطقة سهل الغاب، وفرغت قرى كاملة من سكانها، مثل الشريعة والحويز والتوينة والحويجة والحمرا وباب الطاقة. 1% فقط من سكان سهل الغاب لم يتمكنوا من النزوح بسبب ضعف إمكانياتهم المعيشية، وهم من قرى الغاب الشمالي، أي القرى التي تقع شمال قرية العنكاوي، في حين توجه غالبية سكان سهل الغاب إلى الشمال السوري، حيث مخيمات النزوح على الحدود السورية التركية، والقرى والبلدات الحدودية في ريف إدلب الشمالي. ومنذ إعلان روسيا عن بدء وقف إطلاق النار في نهاية شهر آب/أغسطس الماضي، ومع غياب الطيران الحربي وانخفاض نسبي في وتيرة القصف، بدأت تعود بعض العائلات إلى منازلها في عدة قرى من منطقة سهل الغاب، في ظل ظروف إنسانية صعبة للغاية”.
وأضاف المصدر، في شهادته لـ”المرصد السوري”، إن “غالبية العائلات العائدة هي من قرى الغاب الشمالي، مثل قرى الزقوم وقليدين والدقماق، بالإضافة للقرى الشرقية مثل قسطون وزيزون والعنكاوي. وتتفاوت نسبة العائلات العائدة في كل قرية، ولكن بشكل عام فإن قرية العنكاوي من بين أكثر القرى التي عاد إليها نازحين في الأيام القليلة الماضية، وتقدر نسبة العائدين إلى كل قرية ما بين 1 و7% من سكان كل قرية، تعيش هذه العائلات في الوقت الراهن ظروف معيشية صعبة جداً، حيث لا وجود لكهرباء ولا مراكز صحية ولا منشئات خدمية ولا مدارس، وسط غياب شبه كامل لدور المنظمات الإنسانية، ويحاول بعض المتطوعين بشكل فردي العمل على تحسين الواقع المعيشي في المنطقة، عبر إصلاح شبكات المياه والكهرباء وإزالة الركام، وتنظيف المدارس، وقد تم افتتاح 3 مدارس في كل من قريتي العنكاوي وقليدين، ويواجه المدنيين صعوبة كبيرة في الحصول على المواد الغذائية بسبب إغلاق الأسواق، في حين يقتصر ذلك على بيعها عبر سيارة جوالة أو دكان صغير، ويجبر الكثير على قطع مسافات طويلة للشراء، أو حتى للعلاج، ونحن بدورنا نطالب بشكل فوري المنظمات الإنسانية، بتفعيل دورها في منطقة سهل الغاب، ووضع تسهيلات امام المدنيين لتشجيعهم على العودة لقراهم ومنازبهم”.
وفي شهادة حصل عليها “المرصد السوري”، يقول أحد سكان قرية الزقوم بسهل الغاب: “منذ بداية التصعيد على المنطقة، نزحت وجميع أفراد عائلتي المكونة من 5 أفراد إلى مخيمات دير حسان، ثم إلى بلدة كفرتخاريم. عشت ظروف إنسانية صعبة بسبب غلاء إيجار المنازل وغلاء المعيشة في المخيم وسوء الأوضاع الخدمية وغلاء الأسعار، وعانيت من الفقر الشديد بسبب تركي لمصدر دخلي الأساسي وهي الزراعة. وبعد الإعلان الروسي عن وقف إطلاق النار، بدأت افكر بالعودة لقريتي الزقوم بسهل الغاب، فعدت إليها بعد عدة أيام من بدء سريان الهدنة. وبسبب الدمار الكبير الذي لحق في منزلي، انتقلنا للسكن في منزل ابني، ولكن لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فلا وجود هنا لأدنى مقومات الحياة، وتعيش العائلات العائدة حديثاً للقرية ظروف صعبة، فلا وجود لأفران الخبز ولا مراكز صحية ولا مدارس ولا أسواق، أقطع مسافة طويلة للوصول إلى ريف إدلب الغربي لشراء مستلزمات المنزل. الدمار الحاصل في منازل المدنيين هو عائق كبير سيقف أمام عودتهم، فلا بد من تضافر جهود المنظمات الإنسانية، من أجل تحسين واقع المنطقة، وتوفير سبل الحياة حتى تتمكن العائلات النازحة من العودة في حال توقف القصف بشكل كامل، حيث إن استمراره يمنع غالبية النازحين من التفكير في العودة في الوقت الراهن، بينما تعود بعض العائلات لتستطيع الوصول إلى أرضها وزراعتها وقطاف مواسمها، وبسبب صعوبة المعيشة في الشمال السوري”.