عام على “غصن الزيتون” التركي.. هذا ما حلّ بعفرين وأهلها

74

في مثل هذا اليوم من العام الماضي، شنّ الجيش التركي ومعه مسلّحون موالون له من المعارضة السورية المسلّحة هجوماً على مدينة عفرين شمال غربي البلاد، حيث تمكنوا بعدها من السيطرة على المدينة السورية في 18 آذار/مارس من العام نفسه.

وأدت العملية العسكرية التي أطلقت عليها أنقرة، اسم “غصن الزيتون” إلى تهجير أكثر من نصف السكان من عفرين، وفق أرقام الأمم المتحدة، بالإضافة لفقدان العشرات منهم لحياتهم إلى جانب مئات الجرحى.

ومنذ ذلك الحين، تستمر الانتهاكات ضد السكان من قبل فصائل عسكرية تدعمها تركيا، وتعد أكبر تلك الانتهاكات الخطف مقابل فدية، والسطو على ممتلكات المدنيين، كالبيوت والسيارات وأشجار الزيتون، بحسب ما أفادت تقارير لمنظمة “هيومن رايتس وتش” الدولية وكذلك شهادات من الأهالي والمرصد السوري لحقوق الإنسان.

وأكد عدّة أشخاص من مدينة عفرين “حصول انتهاكات كبيرة ضدهم” من قبل الجيش التركي والفصائل التي تسانده، بالإضافة لأضرار مادية طالت بيوتهم نتيجة العمليات العسكرية.

وقال الصحافي محمّد بلّو، الّذي ينحدر من المدينة لـ “العربية.نت” “كان لدي بيت يسكنه بعض أقربائي بعد خروجي من عفرين، لكنهم تركوه، وفي ما بعد استولى عليه أحد مهجّري الغوطة”، مضيفاً “لقد كسروا باب بيتي ودخلوا إليه، ومازالوا يقيمون فيه إلى الآن”. وأشار إلى أن “السكان لا يستطيعون التنقل بحرّية، نتيجة خوفهم من حالات الخطف”.

وقصة الاستيلاء على بيتِ بلّو، هي واحدة من عشرات، وتتقاطع مع معظم قصص سكان عفرين الّذين يقول بعضهم إنهم “يقيمون تحت الإقامة الجبرية”، في إشارة منهم إلى القبضة الأمنية التي تفرضها الفصائل المسيطرة عليها بدعمٍ تركي.

وبحسب بلّو فإن “المدينة وقراها تعرضت لسرقات لا تحصى، وتضمنت ملكيات عامة وخاصة”.

وتشّن هذه الفصائل حملة اعتقالات بين الحين والآخر بحجة البحث عن السلاح ومقاتلين أكراد في المدينة، ويرافق ذلك أحيانا حالات سطو على الأموال.

اعتقال معظم الشبان الأكراد

ووفق الأهالي فإن غالبية شبان عفرين الأكراد تعرّضوا للاعتقال، ومنهم من دام اعتقاله لأيام، في حين أن بعضهم لا يزال مصيره مجهولاً ويقدر عددهم بالآلاف. ويتوزعون في عشرات السجون السرّية والعلنية في المدينة وريفها.

والأسبوع الماضي، قُتلَ شابٍ كردي يدعى “عكيد محمد شيخ حسن” (25عاماً) واتهمت الفصائل المسيطرة بالتورط في ذلك. وكان قد اعتقل نحو 6 أشهر قبل مقتله.

ويعيش عشرات الآلاف من نازحي مدينة عفرين في الوقت الحالي بمخيمات تقع بريف حلب وسط ظروفٍ إنسانية صعبة. ويؤكد بعض هؤلاء النازحين أنهم “لم يتمكنوا من العودة لبيوتهم بعد السطو عليها”.

إلى ذلك، قال صحافي آخر من أهالي عفرين، فضّل عدم الكشف عن اسمه خوفاً على حياته، “مسلحون من الشرطة العسكرية يقيمون في منزلي، وقد سيطروا عليه بقوة السلاح ومنعوا والدي من العودة إليه بحجة أن ولدهم صحافي خطير”.

وأضاف “بالرغم من أن عملي كان مع جهات مستقلة ولم أنتمِ لأي جهة حزبية أو عسكرية منذ العام 2011”.

الجيش الوطني ينفي.. ويكشف صحة الهويات التركية

وبالرغم من كثرة الصور والفيديوهات التي تؤكد صحة الاتهامات التي تورّط بها الجيش التركي ومعه فصائل المعارضة المسلحة التي تسيطر على عفرين، نفى متحدّث رسمي باسمها حصول مثل تلك الانتهاكات.

وقال الرائد يوسف حمّود، الناطق الرسمي باسم الجيش الوطني الّذي تدعمه أنقرة في اتصال هاتفي مع “العربية.نت” إن “هذه الأخبار غير صحيحة”، مضيفاً أنه “على الأمم المتحدة أن تدرس هذا الملف بشكلٍ جيد”، داعياً لدخولها إلى المدينة.

وعلّق حمّود على ظاهرة استبدال هويات السكان بأخرى كُتب عليها أيضاً باللغة التركية في مناطق سيطرة الجيش الوطني بأنها “آلية لتنظيم المنطقة بطرح من المجالس المحلّية”، نافياً أن تكون في إطار “التغيير الديمغرافي” الّذي تشهده عفرين.

وربط حمّود وجود اللغة التركية إلى جانب العربية على هذه الهويات بـ “تسهيل تلقي السوريين الذين أصيبوا في الصراع الذي تشهده البلاد، للعلاج في المشافي التركية”.

ولا يخفي حمود، انحيازه لأنقرة التي يصفها بـ “الوحيدة الّتي تعمل على إرساء الاستقرار في المنطقة”.