عبر التشيُّع وفي الميادين عند حوض الفرات… إيران تنتقم من التاريخ بالجغرافية

193

يرجع أصل أهالي الميادين (الرحبيين أو القلعيين) إلى قبائل بني ربيعة التي هاجرت من الجزيرة العربية، بعد حرب البسوس إلى الجزيرة الفراتية، والتي سميت لاحقاً بديار ربيعة نسبة لها، حيث اشتهر منها سيد تغلب عمرو بن كلثوم، وبعد وفاة الأخير، برز منهم مالك بن طوق، في عهد خلافة هارون الرشيد – الخليفة العباسي، الذي عيَّن ابن طوق، أميراً على قلعة الرحبة، والتي شيدها في أوائل القرن التاسع الميلادي، ومنها يشتق اسم الرحبيين الذين هم سلالة أمير الرحبة، إذ كانوا أوائل من سكن الخابور والفرات، والمرصد السوري لحقوق الإنسان رصد تصاعد نشاط القوات الإيرانية في منطقة الميادين من مدينة وبادية محيطة بها، في محاولة من الإيرانيين الاستيلاء على المنطقة من خلال نشر قواتهم وميليشياتهم فيها، ومن خلال التأثير فكرياً على السكان، حيث شهدت مدينة الميادين في الأسابيع الاخيرة تصاعد نشطاء عمليات التشيع جنباً إلى جنب مع تصاعد نشاط عمليات التطويع التي وصلت قرابة 1000 متطوع من المواطنين السوريين في صفوف الميليشيات الإيرانية التي رصدت رواتب تبدأ من 150 دولاراً للمتطوع الواحد، بالإضافة لعمليات توزيع المساعدات الإنسانية والغذائية ومستلزمات المدارس على السكان، والتقرب منهم بوسائل سلمية وحيل تمكن الإيرانيين من إجراء غسيل أدمغة للسكان ودفعهم للانضمام لهم وتغيير مذهبهم، إلى المذهب الذي تسير عليه إيران وهو “المذهب الشيعي”، وأكدت المصادر المطلعة على المدينة والباحثة في تاريخها، أن إيران اختارت مدينة الميادين، كمقر لها، لأسباب تتعلق أولها بأسباب راهنة تخص منع السكان من العودة إليها، وثانيها تتعلق بأسباب تاريخية، إذ أن إيران تدرك متانة البنيان السكاني والديني والعرقي والثقافي لمدينة الميادين، التي خاض سكانها معاركهم التاريخية مع الفرس.

المرصد السوري علم من المصادر المطلعة على تاريخ مدينة الميادين والمنطقة، أن منطقة الرحبة المجاورة لمنطقة الميادين، بقيت حاضرة الرحبيين، حتى نهاية حقبة العباسيين، وبداية حقبة العثمانيين، حيث كان الرحبيون يديرون وادي الفرات، وما يؤكد ذلك هو الوثائق التاريخية، الظاهرة من أختام وتواقيع، أكدت حصر سلطة المنطقة بالأخوة الرحبيين الأربعة ( خليل، ناصر، ويس وسنان)، حيث تنحدر من الأخوة الأربعة، عشائر الميادين الحالية (البو خليل والبوناصر والويسات والسنانيين). في حين ظلت الميادين مركزاً سياسياً وعسكرياً واجتماعياً، قبل أن تتشكل مدينة دير الزور في سنة 1867، وفي هذه الفترة جرت تحولات لحوض نهر الفرات، أدت إلى هجرات متعاقبة من الرحبة إلى منطقة العلوة، بالقرب من القلعة، والتي أصبحت لاحقاً مدينة الميادين، فأصبحت الميادين لاحقاً هي مركزهم وتوافدت إلى الميادين عوائل من الراويين والعانيين، وذلك قبل مجيء الزبيديين، الذين نزلوا بجوار الرحبيين ليشكلوا فيما بعد قبيلة العقيدات، التي استوطنت في المنطقة كما هاجرت العشائر الرحبية إلى المناطق الأخرى كالعشارة والبصيرة والبوكمال، كتجمعات كبيرة نسبياً فضلاً عن هجرات العوائل المتفرقة إلى دير الزور وتكريت والسفيرة والرمادي والفلوجة.

المصادر ذاتها أكدت للمرصد السوري أن الشيخ الأمير أحمد الرحبي يعد جد العشائر الرحبية ( القلعية)، و هو ابن الأمير عمر بن ويس الكبير بن صالح بن غانم الرحبي، من ذرية الأمير مالك بن طوق بن عبد الله بن زافر بن شريح بن مرة بن عبد الله بن عمرو بن كلثوم بن ربيعة، الذي انبثقت من سلالته العشائر الرحبية الحالية، كما أن الرحبيين (القلعيين)، الذين تتركز قبيلتهم في الميادين، تشكلوا من رابط دموي وليس من تحالفات، إذ تمتد عشائرهم من الرقة مروراً بالميادين فالرمادي وتكريت، وهو ما جعلهم قوة كبيرة في وجه الغزو الفارسي خلال القرون السالفة، فالأدوار التي قام بها الأمراء الرحبيون في صد الهجمات الصفوية، لا تزال المراجع التاريخية الإيرانية تذكرها وتسمي الأمراء الرحبيين بـ “بالبلطجية”، لشدة فتكهم خلال تصديهم لهجمات الفرس على المنطقة، بالإضافة للبعد الثقافي لحادثة جد الرحبيين الشاعر الفارس عمرو بن كلثوم، الذي قوض سلطة عمرو بن هند، الذي كان يتولى إمارة المناذرة، والذين بدورهم كانوا يأتمرون بأوامر الفرس، قبل أن تصبح الرحبة عاصمة عربية خالصة تحت إمرة التغالبة وخارج التبعية الفارسية، كذلك علم المرصد السوري لحقوق الإنسان أن منطقة عين علي القريبة من الميادين، أقام الإيرانيون حسينية ومزاراً فيها، حيث رصد المرصد السوري مجيء حافلات تقل إيرانيين من “الزوار الشيعة” من إيرانيين وسوريين وعراقيين، وإقامتهم لشعائر مذهبية شيعية في المنطقة التي تشهد تواجداً عسكرياً كبيراً للقوات الإيرانية، وحاولت إيران من حقبة سلطة حافظ الأسد ترميم المزار، إلا أن السكان كانوا يرفضون ذلك بشدة، لحين تهجير السكان من المنطقة وبدئها بنشر المذهب الشيعي وحث الناس على اعتناق المذهب، وتقديم الإغراءات لهم

ونشر المرصد السوري قبل أيام أنه لا يكاد الإيرانيون يتوقفون عن التمدد في الداخل السوري، فسنوات القتال السابقة، مكنتهم من معرفة الأرض، ليتحولوا في الأشهر الأخيرة، إلى متخيرين ومنتقين، للأماكن التي يمكنهم التمدد فيها، كما أن المرصد السوري لحقوق الإنسان تابع عملية التمدد هذه، حيث رصد المرصد السوري تصاعد أعداد المنضمين من الجنسية السورية، إلى صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها من الأفغان والآسيويين واللبنانيين والعراقيين، وعلم المرصد السوري أن تعداد المنضمين بلغ نحو 3200 شخصاً من الشبان والرجال السوريين، حيث تجري عملية التطوع مقابل مبالغ مالية ترصد لهم كرواتب كشهرية، وتتفاوت الرواتب من غرب الفرات إلى الجنوب السوري، حيث تبدأ الرواتب من 150 دولار أمريكي إلى مبلغ نحو 300 دولار أمريكي، تبعاً لقربها من الحدود السورية مع الجولان السوري المحتل، فكلما باتت المسافة أقرب ازداد الراتب للعناصر المتطوعين.

كما أن المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد محاولات مستمرة من الإيرانيين استمالة المدنيين في مناطق ريف دير الزور الشرقي، على طريق طهران – بيروت، في محاولة لتأسيس حاضنة شعبية في المنطقة، تحول دون خسارتها للطريق الاستراتيجي بين العاصمة الإيرانية طهران والعاصمة اللبنانية بيروت، والذي تستخدمه القوات الإيرانية بشكل رئيسي، وتأتي محاولات الاستمالة هذه من خلال محاولة رد حقوق السكان إليهم، ممن جرى الاستيلاء على ممتلكاتهم من قبل متطوعين ومجندين في الميليشيات الإيرانية، لكسب ود السكان وإرضائهم ودفعهم للانضمام إلى صفوفها، كما تجري عمليات توزيع مواد غذائية وألبسة وأغطية ومستلزمات للمعيشة ومسلتزمات للدراسة، تحمل كتابات باللغة الفارسية، كما تعمد القوات الإيرانية في عملية تمددها إلى منع قوات النظام من التجاوز على السكان ورد مستحقات السكان إليهم، حيث بات الأهالي يلجأون للقوات الإيرانية لتحصيل ممتلكاتهم وحقوقهم المسلوبة من عناصر قوات النظام والمسلحين الموالين لها

أيضاً رصد المرصد السوري ارتفاع عدد المتطوعين في صفوف القوات الإيرانية والميليشيات التابعة لها مؤخراً، إلى نحو 3200 متطوع سوري، حيث ارتفع إلى نحو 950 شخصاً من الشبان والرجال السوريين من أعمار مختلفة، وذلك ضمن منطقة غرب نهر الفرات في ريف دير الزور، فيما وصل عدد المتطوعين في الجنوب السوري إلى أكثر من 2250 متطوعاً، كذلك رصد المرصد السوري ضم عملية التطوع لكل من، المنشقين السابقين عن قوات النظام والراغبين بـ “تسوية أوضاعهم، بالإضافة لمقاتلين سابقين في صفوف خصوم النظام، ومواطنين آخرين من محافظة دير الزور قالت مصادر أن القسم الأكبر منهم من منطقة القورية بريف مدينة الميادين، كما أن عملية إغراء المواطنين، والمتطوعين تأتي عبر راتب شهري، وتخيير في عملية انتقاء مكان الخدمة بين الذهاب للجبهات أو البقاء في مركز التدريب بغرب نهر الفرات، بالإضافة للحصانة من قوات النظام ومن الاعتقال، في حين تتحكم القوات الإيرانية بصيرورة الحياة داخل البوكمال وفي الجانبين الأمني والاقتصادي داخل المدينة، فضلاً عن تحكمها في الجانب العسكري وتسلمها قيادة القوات المتواجدة في المكان هذا، كما أن المرصد السوري تمركز الإيرانيين، في نقاط رئيسية بمنطقة الميادين الواقعة إلى الغرب من البوكمال، إذ تمثل هذا الانتشار بمطبخ أفغاني خيري يقوم على تحضير الميليشيات الأفغانية المدعومة إيرانياً بتحضير وتوزيع وجبات غذائية وتوزيعها على السكان والنازحين، كما جرى تحويل الثانوية الشرعية بمدينة الميادين، إلى مركز انتساب للميليشيات الإيرانية والشيعية، وتضم في بعض الأحيان ندوات ومؤتمرات متعلقة بالمذهب الشيعي