«غارات روسية» عنيفة على حلب… وفشل هجوم للمعارضة في اللاذقية
قال ناشطون ومعارضون أن الطائرات الروسية شنّت أمس غارات عنيفة على شرق مدينة حلب، دعماً لهجوم تنفّذه القوات الحكومية ضد الأحياء المحاصرة التي يقطنها أكثر من 250 ألف شخص. واستكمل الجيش النظامي تقدمه في ريف حماة الشمالي بوسط البلاد مسيطراً على قرى عدة كان خسرها في هجوم شنته الفصائل قبل أسابيع، فيما بدا أن «معركة عاشوراء» التي أطلقتها فصائل عدة بينها «جبهة فتح الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) لم تتمكن من تحقيق نتائج مهمة على الأرض في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، من دون أن يعني ذلك بالضرورة أن فصائل المعارضة تنوي وقف هجومها.
وقال مسؤول في المعارضة و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن طائرات روسية استأنفت القصف العنيف على المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة في شرق حلب أمس بعد هدوء نسبي استمر أياماً. وقال زكريا ملاحفجي من جماعة «فاستقم» في حلب لـ «رويترز» أن الغارات الجوية استهدفت في غالبيتها حي بستان القصر، مشيراً إلى أن القصف استؤنف «في شكل عنيف». أما «المرصد» فقال أن ما لا يقل عن 10 أشخاص قتلوا في حيي بستان القصر والفردوس. وذكرت شبكة «الدرر الشامية»، أن فصائل المعارضة تصدّت صباح أمس لمحاولة القوات النظامية وميليشيات حليفة «التقدم على جبهتي الشيخ سعيد وسليمان الحلبي في حلب، وكبَّدتهم (المهاجمين) خسائر في العتاد والأرواح»، مشيرة إلى مقتل 15 من المهاجمين بينهم عراقيون إثر هجوم معاكس شنته الفصائل على جبهة الشيخ سعيد (جنوب المدينة). كذلك نقلت «الدرر» عن فصيل «لواء التوحيد» أنه «استدرج» مجموعة من القوات النظامية إلى مبنى تم تفخيخه في وقت سابق في منطقة سليمان الحلبي، «حيث تم تفجيره وقتل جميع العناصر» التي تقدمت إليه.
وقلّصت موسكو ودمشق الغارات الجوية على حلب الأسبوع الماضي. وقال الجيش السوري أن تقليص ضرباته يهدف إلى السماح للمدنيين بمغادرة الأحياء الشرقية التي تسيطر عليها قوات المعارضة. وقالت الحكومة السورية إن بإمكان مسلحي المعارضة المتحصنين في حلب المغادرة مع أسرهم إذا ألقوا أسلحتهم. لكن المعارضة نددت بهذا العرض بوصفه خدعة.
وفي محافظة حماة بوسط البلاد، أفاد «المرصد» السوري بأن اشتباكات عنيفة تدور على محاور عدة في ريف حماة الشمالي الشرقي، موضحاً أنها «تتركز في محاور معان والكبارية وكوكب» حيث تمكنت القوات النظامية من استعادة السيطرة على كوكب والكبارية، «فيما لا تزال الاشتباكات مستمرة في محور بالأطراف الغربية لكوكب في محاولة لفتح طريق لمقاتلين من الفصائل للخروج من النقطة التي حوصروا فيها».
وفي محافظة حمص (وسط)، قال «المرصد» أن اشتباكات عنيفة دارت بين «داعش» من جهة، والفصائل المقاتلة والإسلامية من جهة أخرى، إثر هجوم عنيف شنّته الفصائل على تمركزات التنظيم في منطقة العليانية الواقعة في البادية الجنوبية الغربية لمدينة تدمر بريف حمص الشرقي. وأشار إلى أن الفصائل سيطرت، بغطاء وفرته طائرات تابعة للتحالف الدولي، على مواقع كان «داعش» يتمركز فيها، لكنها اضطرت لاحقاً إلى الانسحاب منها لعدم قدرتها على تثبيت مواقعها. وأشار «المرصد» إلى مقتل ما لا يقل عن 6 من «داعش» و5 من الفصائل. وأكدت وكالة «أعماق» التابعة لـ «داعش» هجوم الفصائل على العليانية، مشيرة إلى مشاركة واسعة لطيران التحالف في المعارك.
وفي محافظة اللاذقية (غرب)، تحدث «المرصد» عن شن طائرات حربية غارات صباحاً على محور كبانة ومحاور أخرى في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، وسط قصف صاروخي من القوات النظامية على المنطقة. وأوضح أن الغارات جاءت بعد «فشل الجولة الأولى من هجوم الفصائل الإسلامية والمقاتلة من المعركة التي أطلقت عليها اسم معركة عاشوراء، في محاولة لاستعادة السيطرة على جبل الأكراد». وأكدت مواقع موالية للحكومة السورية أن هجوم الفصائل فشل في تحقيق أي تقدم مهم على جبهات جبل الأكراد، فيما أقرت «الدرر الشامية» المعارضة بأن القوات النظامية عاودت السيطرة على المواقع التي تقدمت إليها الفصائل وتحديداً «تلة الملك وجبل نحشبا وقرية نحشبا».
وفي محافظة إدلب المجاروة، قصفت القوات النظامية بلدة بداما في ريف مدينة جسر الشغور بريف إدلب الغربي، وسط قصف طائرات حربية على قرية الكندة وأماكن أخرى في ريف جسر الشغور، على ما أورد «المرصد».
وفي محافظة درعا (جنوب)، ذكر «المرصد» أن القوات النظامية قصفت صباحاً بلدة إبطع في ريف درعا الشمالي الغربي، فيما قصفت فصائل المعارضة مدرسة في الجزء الواقع تحت سيطرة الحكومة في مدينة درعا، ما أسفر عن سقوط ما لا يقل عن خمسة قتلى بينهم أطفال، إضافة إلى حوالى 20 جريحاً. ومدينة درعا مقسمة بين مناطق واقعة تحت سيطرة الحكومة ومناطق واقعة تحت سيطرة المعارضة. وفي هجوم منفصل، نقلت «رويترز» عن أحد سكان درعا أن قذائف مورتر أصابت مجمّعاً حكومياً في قلب المدينة حيث أفيد بوقوع إصابات، مشيراً إلى أن المساجد تدعو إلى التبرع بالدم.
وفي ريف دمشق، قال «المرصد» أن القوات الحكومية السورية قصفت منطقة جسرين في الغوطة الشرقية، ما أدى إلى مقتل عنصر من «فيلق الرحمن» وجرح 3 آخرين من هذا الفصيل. وتابع أن طائرات حربية شنّت صباحاً 8 غارات على بلدة الريحان وأطرافها في الغوطة الشرقية، «بالتزامن مع اشتباكات في محور البلدة بين جيش الإسلام من جانب، وقوات النظام والمسلحين الموالين لها من جانب آخر».
وفي ريف حلب الشمالي الشرقي، قال «المرصد» أن انفجاراً عنيفاً وقع ليلة الإثنين – الثلثاء في مضافة بقرية الماشي في ريف مدينة منبج، حيث تبيّن أن عنصراً من «داعش» فجّر حزاماً ناسفاً موقعاً ما لا يقل عن 10 قتلى و20 جريحاً «من ضمنهم مواطنتان وجميعهم من عائلة ذياب الماشي أحد أقدم البرلمانيين العرب، والذي بقي عضواً في مجلس الشعب السوري لنحو 55 سنة». وأشار إلى أن الانفجار حصل خلال وجود عضو حالي في مجلس الشعب في قرية الماشي التي يتحدّر منها، والتي تسيطر عليها قوات «مجلس منبج العسكري» و «قوات سورية الديموقراطية».
وفي إطار متصل، ذكر «المرصد» أن اشتباكات عنيفة دارت بين «قوات سورية الديموقراطية» و «مجلس منبج العسكري» من جانب، وتنظيم «داعش» من جانب آخر، إثر هجوم عنيف شنّه الأخير على منطقة الدندنية قرب منبج ترافق مع تفجيره 3 آليات مفخخة استهدفت تمركزات «سورية الديموقراطية». وكان «داعش» أعلن مساء الإثنين مقتل مسؤوله الإعلامي «أبو محمد الفرقان» الذي قالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنه قتل بضربة جوية قادتها الولايات المتحدة في محافظة الرقة السورية الشهر الماضي. ونعى التنظيم في بيان نشر على الإنترنت وائل عادل حسن سلمان الفياض المعروف باسم «أبو محمد الفرقان» ووصفه بأنه «أمير ديوان الإعلام المركزي». وأشار البيان إليه بلقبه فقط، من دون أن يذكر متى أو أين أو كيف قتل.
وكانت وزارة الدفاع الأميركية قالت الشهر الماضي أن ضربة جوية للتحالف في 7 أيلول (سبتمبر) قتلت الفياض بينما كان يستقل دراجة نارية أمام منزله في الرقة، مشيرة إلى أنه كان «وزير الإعلام» الذي يشرف على الدعاية للتنظيم وعضواً بارزاً في مجلس الشورى.
وفي عمّان (أ ف ب)، رحبت منظمة العفو الدولية في بيان الثلثاء بقرار المملكة السماح بإدخال مساعدات لحوالى 75 ألف لاجئ سوري عالقين على الحدود الأردنية – السورية، مؤكدة ضرورة اتخاذ حل «طويل الأمد» من خلال السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول إلى هؤلاء اللاجئين.
وأعلنت الحكومة الأردنية الإثنين أنها ستسمح «خلال الأسابيع المقبلة» بإدخال مساعدات لحوالى 75 ألف لاجئ عالقين على الحدود الأردنية – السورية، للمرة الثانية منذ إعلانها منطقة عسكرية مغلقة إثر هجوم إرهابي في حزيران (يونيو).
وسمح الأردن للأمم المتحدة ومنظمة الهجرة الدولية في 4 آب (أغسطس) بإدخال مساعدات للعالقين على الحدود الأردنية – السورية، للمرة الأولى منذ إعلانها منطقة عسكرية مغلقة. وقالت الحكومة الأردنية حينذاك أنها «لمرة واحدة فقط وتكفي لمدة شهر واحد».
وتدهورت أوضاع العالقين في منطقة الركبان بعد إعلانها منطقة عسكرية مغلقة، إثر هجوم بسيارة مفخخة على موقع عسكري أردني فيها يقدم خدمات للاجئين أوقع سبعة قتلى و13 جريحاً في 21 حزيران. وأعلن الجيش مباشرة عقب الهجوم الذي تبناه «داعش»، حدود المملكة الأردنية مع سورية ومع العراق منطقة عسكرية مغلقة، ما أعاق إدخال المساعدات عبر المنظمات الإنسانية.
استمرار التوتر في ريف إدلب على رغم اتفاق على «حل جند الأقصى»
تدور اشتباكات بين فصائل إسلامية معارضة للنظام السوري وجماعة «جهادية» في شمال غربي سورية على رغم اتفاق تم التوصل إليه لوقف الاقتتال الداخلي، وفق ما أفاد مراسل لوكالة «فرانس برس» و «المرصد السوري لحقوق الإنسان» الثلثاء.
ونشر «المرصد السوري لحقوق الإنسان» نسخة من اتفاق بين «حركة أحرار الشام الإسلامية» و «جبهة فتح الشام» بخصوص تنظيم «جند الأقصى» الذي أعلن أول من أمس «البيعة» لـ «جبهة فتح الشام» بعد 4 أيام من الاشتباكات ضد «أحرار الشام» في قرى وبلدات بريف إدلب. ونص الاتفاق على وقف فوري لإطلاق النار وفتح الطرق المغلقة والإفراج خلال 24 ساعة عن المحتجزين باستثناء من كانت عليه دعوى «ارتباط بجماعة الدولة (الخوارج)» فإنه يحال على لجنة مؤلفة من 4 قضاة، منهم اثنان من طرف «أحرار الشام» والفصائل المساندة لها واثنان من «جبهة فتح الشام» للنظر في دعاوى القتل والارتباط بتنظيم «داعش». ونص الاتفاق أيضاً على أن تُعتبر «بيعة جند الأقصى جبهةَ فتح الشام» حلاً لـ «كيان جند الأقصى» واندماجاً له في «فتح الشام»، وهذا ما يفضي إلى منع تشكيل «جند الأقصى» مجدداً في المستقبل.
واندلعت في السادس من تشرين الأول (أكتوبر) اشتباكات بين «جند الأقصى» من جهة و «حركة أحرار الشام» وفصائل متحالفة معها من جهة ثانية في ريف إدلب الجنوبي على خلفية اعتقالات متبادلة، علماً أن المجموعتين كانتا متحالفتين سابقاً وشاركتا في معارك واحدة ضد قوات النظام.
وتتهم «حركة أحرار الشام» والفصائل المتحالفة معها عدداً من قادة تنظيم «جند الأقصى» وعناصره بالارتباط بتنظيم «داعش».
لكن على رغم هذه الاتفاقات التي رعتها «جبهة فتح الشام»، تتواصل الاشتباكات بين «أحرار الشام» وعناصر من «جند الأقصى». وقال مراسل لـ «فرانس برس» في إدلب أن عناصر من «جند الأقصى» شنوا عند منتصف الليل هجوماً على أحد مقار «أحرار الشام» بالقرب من مدينة خان شيخون. وأكد «المرصد» السوري تجدد الاشتباكات العنيفة بين الطرفين، مشيراً إلى استخدام الأسلحة الثقيلة فيها في ريف إدلب الجنوبي.
وشاركت المجموعات الثلاث ضمن «جيش الفتح» المؤلف من مجموعات مقاتلة عدة بينها إسلامية وجهادية في معركة إخراج قوات النظام من كامل إدلب في 2015. وينشط فصيل «جند الأقصى» في شكل خاص في محافظتي إدلب وحماة (وسط). وصنفته الولايات المتحدة في 20 أيلول (سبتمبر) منظمة «إرهابية»، مشيرة إلى أنه كان في الأساس جزءاً من «جبهة النصرة».
المصدر : الحياة