غربلة دموية بين فصائل إدلب تحت أنظار تركيا
دمشق – تراقب القوات التركية بدم بارد المواجهات التي تجري بين الفصائل الإسلامية المتشددة في إدلب في موقف يوحي بأن أنقرة تسمح لهذه الفصائل بغربلة دموية ذاتية بهدف الحصول على جهة قوية تكون ورقتها في مواجهة التغييرات التي يعرفها الملف السوري وخاصة ما تعلق بانتشار قوات النظام في الأماكن الواقعة حاليا تحت نفوذ الأكراد.
يأتي هذا في وقت يلوّح فيه الأكراد بأن لا خيار لهم سوى العودة إلى النظام لحمايتهم من التهديدات التركية.
ورغم ما توحي به المواقف المعلنة لأنقرة بشأن التوافق مع موسكو بشأن تحجيم دور هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا)، فإن التحولات على الأرض تحمل رسائل واضحة على أن تركيا تراهن على قوة الهيئة وقدراتها العسكرية في المرحلة القادمة كونها الطرف الأقوى.
وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأنّ هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) سيطرت على مناطق كانت خاضعة لحركة نورالدين الزنكي في شمال سوريا بعد معارك استمّرت أربعة أيّام وأدّت إلى مقتل أكثر من مئة مقاتل.
وبحسب المرصد، سيطرت هيئة تحرير الشام على أكثر من 20 بلدة وقرية كانت خاضعة لسيطرة فصائل أخرى.
ومن الواضح أن أنقرة، التي تيقنت من اقتراب لحظات الحسم في الملف السوري بعد إعلان أميركا الانسحاب وتحرك الأكراد للاقتراب من الأسد، تريد جبهة موحدة وقوية بين الفصائل الموالية لها. وطالما أن تلك الفصائل لا يمكن أن تتوحد، فقد أعطت أنقرة الضوء الأخضر للفصيل القوي لإجبار الخصوم على الخضوع له، ومن يعارض تتم تصفيته مثل ما يحصل الآن مع حركة نورالدين الزنكي، ومن يتجاوب يكافأ.
وتقول تقارير ميدانية إن النصرة خصصت مكافأة بـ5 آلاف دولار لمن يلتحق بها من مقاتلي المجموعات الأخرى، خاصة مقاتلي حركة نورالدين الزنكي، التي هزمت وفقدت قياداتها في المواجهة.
والجمعة، أعلن المرصد في بيان أنّ هيئة تحرير الشام تمكّنت من “فرض سيطرتها على مناطق سيطرة حركة نورالدين الزنكي في القطاع الغربي من ريف حلب”.
وتقع المناطق في محافظة إدلب، آخر معقل لمسلّحي المعارضة والجهاديّين الذين يُقاتلون النظام السوري، وفي محافظتي حماة وحلب المجاورتين، في شمال شرق سوريا.
وكانت المعارك اندلعت، الثلاثاء، بعد أن اتّهمت هيئة تحرير الشام حركة نورالدين الزنكي بقتل خمسة من عناصرها.
وتوسعت المعارك، التي كانت محصورة في بادئ الأمر في مناطق فصائل المعارضة في محافظة حلب، إلى محافظتي حماة وإدلب.
ويقول مراقبون إن الترتيبات العسكرية التي تجري بإيعاز تركي وقد تنتهي لفائدة هيئة تحرير الشام، ستضع التفاهمات بين أنقرة وموسكو محل تساؤلات، خاصة أن الأتراك سبق أن تعهدوا بتفكيك التنظيمات المصنفة إرهابية، وسحب الأسلحة الثقيلة منها، وعلى رأس هذه التنظيمات مقاتلو الهيئة.
وقد يساعد الموقف التركي المناور روسيا على تدعيم التقارب بين الأسد والأكراد وتسهيل انتشار قوات النظام في الأماكن التي يسيطرون عليها ومن ثمة إفشال خطط أنقرة.
المصدر: العرب