فيروس كورونا ضمن الأراضي السورية: أكثر من 150 ألف إصابة ونحو 8000 حالة وفاة.. والمرصد السوري يطالب منظمة الصحة العالمية بالتدخل الفوري

39

ظهر في مدينة واهان الصينية فيروس مستجد أواخر عام 2019 الفائت، وبدأ بالانتشار بشكل سريع وكبير حتى اجتاح دول العالم جميعها، وشل الحياة بمختلف مجالاتها وفتك بأرواح البشر، حيث أصاب أكثر من 74 مليون شخص حول العالم تعافى منهم 42 مليون بينما توفي مليون و650 ألف شخص، وذلك وفقاً للإحصائيات الرسمية، إلا أن العدد قد تكون مضاعفة من حيث الإصابات، ولأن سورية ليست بمنأى عن العالم الخارجي، شهدت مختلف المناطق السورية انتشار للفيروس بشكل كبير جداً، ويستعرض المرصد السوري في التقرير الآتي تفشي الوباء وتداعياته ضمن مختلف مناطق السيطرة على الأراضي السورية.

مناطق نفوذ النظام.. نحو 100 ألف إصابة و6500 وفاة وسط تكتم وكذب اعتيادي من قبل السلطات

منذ دخول الفيروس وانتشاره ضمن مناطق نفوذ النظام السوري في آذار/مارس الفائت من العام 2020، عمدت سلطات النظام إلى إتباع سياسة التستر والكذب كما جرت العادة، واتخذت إجراءات وقائية خجولة في بداية الأمر، ومع تفشي الوباء وانتشاره بشكل واسع في مختلف المحافظات السورية، حيث باتت المناطق تسجل مئات وآلاف الإصابات اليومية وعشرات ومئات الوفيات، كان من المفترض تطبيق إجراءات صارمة للحد من انتشار الفيروس، إلا أن ما حدث عكس ذلك كلياً، فشاهدنا عودة الجماهير إلى مدرجات ملاعب كرة القدم بحادثة غير مسبوقة منذ انطلاق الثورة السورية، حين امتلأ ملعب الحمدانية في مدينة حلب عن بكرة أبيه بحضور جماهيري يقدر بنحو 20 ألف شخص، وتغنت وسائل إعلام النظام بالموضوع على أنه “عرس جماهيري وانتصار على الإرهاب”.

ولم يقتصر الأمر فقط على كرة القدم، بل أن طوابير الأفران ومحطات الوقود أدت إلى تفشي الوباء بشكل كبير جداً أيضاً، فضلاً عن الأسواق الشعبية، يأتي هذا كله في ظل واقع طبي كارثي تعيشه مناطق نفوذ النظام الطبي.

ووفقا لآخر إحصائيات المرصد السوري المستمدة من مصادر طبية موثوقة ضمن مناطق سيطرة قوات النظام، فإن أعداد المصابين بفيروس “كوفيد-19” بلغت نحو 98 ألف إصابة مؤكدة، تعافى منها أكثر من 38 ألف بينما توفي 6500 شخص، وتتركز غالبية الإصابات والوفيات في كل من السويداء واللاذقية وطرطوس وحلب ودمشق وريفها بشكل رئيسي.

يذكر أن الأعداد الرسمية لوزارة الصحة التابعة للنظام السوري، سجلت حتى اللحظة 9603 إصابة، توفي منها 554، بينما بلغت حالات الشفاء 4548.

مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية”.. نحو 34 ألف إصابة و1200 حالة وفاة

واكب المرصد السوري تفشي الوباء ضمن مناطق نفوذ “قسد والإدارة الذاتية”، حيث تعيش المنطقة وضع مأساوي وكارثي بما يتعلق بالقطاع الصحي، في ظل عدم قدرة الهيئة الصحية من إجراء فحوصات ومسحات لجميع حاملي أعراض الفيروس، إذ شهدت المنطقة وفاة العشرات بالفيروس لعدم توفر الرعاية الطبية اللازمة، وقالت مصادر المرصد أن مناطق نفوذ قسد شهدت سرقة لمعدات طبية جرى استقدامها لمواجهة الفيروس مؤخراً، وعمدت الإدارة الذاتية منذ دخول الوباء إلى مناطقها إلى اتخاذ تدابير عدة وفرض حظر تجول جزئي وكلي.

ووفقا لآخر إحصائيات المرصد السوري المستمدة من مصادر طبية موثوقة ضمن مناطق سيطرة قسد والإدارة الذاتية، فإن أعداد المصابين بفيروس “كوفيد-19” بلغت نحو 34 ألف إصابة مؤكدة، تعافى منها أكثر من 13 ألف بينما توفي 1200 شخص، وتتركز الإصابات والوفيات في عين العرب (كوباني) والحسكة والقامشلي والمالكية بشكل رئيسي.

يذكر أن الأعداد الرسمية لهيئة الصحة في “الإدارة الذاتية”، سجلت حتى اللحظة 7581 إصابة، توفي منها 241، بينما بلغت حالات الشفاء 1087.

مناطق نفوذ الأتراك والفصائل والجهاديين.. جهود على قدر الإمكانيات ومخاوف على حياة ملايين المدنيين ضمن بقعة جغرافية ضيقة

تُسجل السلطات الصحية في شمال غربي سورية عشرات الإصابات بفيروس “كوفيد 19” الذي أصبح يشكل هاجس خوف لدى المواطنين في ظل الكثافة السكانية ضمن منطقة باتت أشبه بسجن كبير، وتقدم المنظمات الإنسانية والطبية، دعماً إسعافياً ضمن الإمكانيات المتاحة التي لا تناسب حجم الإصابات بعد أن أصبحت بالآلاف.

فيما تعمل الكوادر الطبية على مدار اليوم، تزامناً مع انتشار الوباء في جميع المدن ومعظم البلدات والقرى، حيث سجلت أكثر من 260 وفاة ممن أصيبوا بالفيروس، ونحو 19 ألف إصابة رسمية، تعافى منهم نحو 9500 شخص، وقالت مصادر المرصد السوري أن أعداد الإصابات أكثر من الرقم المعلن وقد يصل إلى ضعفه إلا أن ضعف الإمكانيات وعدم إجراء جميع حاملي أعراض الفيروس لمسحات طبية يحول دون الكشف عن رقم أقرب ما يكون للواقع.

ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن منظمات خيرية افتتحت عدة مراكز عزل صحي ومجتمعي واستخدمت مخيمات مغلقة ومباني مدارس لتقديم الخدمات الطبية في كل من بنش ومعرة مصرين وأريحا وجسر الشغور ودركوش والدانا ودير حسان وكللي وحزانو وكفرتخاريم وحير جاموس بريف إدلب، ودارة عزة وكفركرمين وباتبو والأتارب بريف حلب الغربي، في حين أن هناك مطالبات للسلطات الصحية بضرورة إنشاء المزيد من مراكز العزل في مخيمات الشمال السوري لمكافحة الوباء.

وفي ريف حلب الشمالي ضمن مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها، تنتشر مراكز عزل بإمكانيات أفضل من مثيلاتها في إدلب، وذلك في كل من مدينة الباب وعفرين واعزاز والراعي وجنديرس وراجو، فضلاً عن مشافي مجهزة بمعدات في المناطق آنفة الذكر، حيث تقدم مراكز العزل خدمات مجانية، من طعام وشراب، إضافة إلى أخذ المسحة الخاصة بالفيروس، والعزل حتى صدور نتيجة التحليل، واستقرار الحالة الصحية للمريض، كما تقسم مراكز العزل إلى 3 مناطق وهي البرتقالية مخصصة للكادر الطبي، والخضراء مخصصة للاستقبالات، والحمراء وهي منطقة عزل المصابين.

في حين تشهد تلك المناطق جميعها نقص حاد في التجهيزات الطبية وإجراءات الوقاية من انتشار وباء “كورونا”، من حيث عدد الأسرة في المشافي والنقاط الطبية، إذ تحوي جميع تلك المشافي على ما يقارب 400 سرير مخصص للعناية المشددة، فيما يبلغ عدد سكان شمال غرب سورية نحو 4 مليون إنسان، وسط تطبيق إجراءات احترازية خجولة بعض الشيء، إلا أن غالبية السكان لا يلتزمون بتلك الإجراءات، لأسباب عدة أبرزها، “لقمة العيش” وضرورة الخروج للعمل، بالإضافة لوجود مئات الآلاف من النازحين في المخيمات، الذين يتشاركون العيش بطريقة جماعية، كمشاركتهم في استخدام الحمامات ومياه الشرب وغيرها من الخدمات وغياب دور التوعية الصحية.

وعلى ضوء ما سبق، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته لمنظمة الصحة العالمية والمجتمع الدولي بتقديم يد العون للمدنيين السوريين على اختلاف مناطق السيطرة المتواجدين بها، بما يخص تفشي الوباء على الأراضي السورية ولاسيما في ظل الكذب الكبير من قبل النظام السوري.