في الذكرى الثانية عشرة للثورة: مراجعة وتقييم ونظرة للمستقبل

كان من البديهي أن تنطلق الثورة السورية، في سياق الربيع العربي، لذات العوامل والأسباب التي فجرتها في تونس وليبيا ومصر واليمن، والمتعلقة بالفساد والاستبداد، وزاد عليها في حالتنا أن نظام الأسد الابن، كما الأب، ذو صبغة طائفية ووريث سلطة تحولت من جمهورية إلى ملكية عائلية.

مع انطلاقة الثورة السلمية، وخروج الملايين إلى الشوارع والساحات تهتف بإسقاط النظام، تحركت آلة قمع النظام ذات الخبرات الطويلة والكفاءة منقطعة النظير لقمع المحتجين، كما تحركت أجندات بعض القوى التي استطاعت بمساعدة اقليمية “أسلمة” الثورة وتطييفها، ماحرفها عن أهدافها الرئيسة في الحرية، والكرامة الانسانية، والديمقراطية، ودولة القانون، والمواطنة المتساوية، وجعل سورية ساحة صراع إقليمي ودولي، بمرور الوقت وزيادة التدخلات تحولت معها سورية إلى دولة محتلة لم يعد صاحب القرار فيها لا النظام ولا المعارضة.

في هذا السياق أصبح من نافل القول أن “قوى المعارضة والثورة”، التي رهنت نفسها لهذه الدولة أو تلك تتحمل القسط الأكبر من المسؤولية عما آلت إليه أوضاع السوريين وسورية، ذلك لضعفها وعدم خبرتها، بل وسذاجتها، أمام خبراء السياسة ومحترفيها بما هي عليه من علم يقوم على أسس ومرتكزات وله ضوابط ويتبع مناهج وقراءات.

اليوم مع ذكرى الثورة لا يستطيع النظام أن يدعي أنه انتصر على شعبه، ولا قوى الثورة من المجاميع الشعبية، وليس التجمعات السياسية الفاشلة، أن تعلن استسلامها، والتسليم للأسد حاكماً مطلقاً، فكلاهما لم يحقق أهدافه، مايشير الى استمرارية صراع الارادات حتى تتم التسوية الدولية بصيغة ما.

اليوم، تدخل الثورة في طور جديد، لم تعد تنفع معه المعايير القديمة والتقييمات السابقة، ولا حتى طرق التفكير والتعاطي التي تم تجريبها، وهذا يتطلب مبادرات من نوع مختلف تعيد النهوض بالحالة السورية وصولا الى الخلاص الوطني الشامل،

وهذا يتطلب أيضًا قراءة واقعية للتطورات على الساحة الدولية والاقليمية من حرب أوكرانيا الى التقارب العربي التركي – و الاتفاق السعودي الايراني ببعده الخليجي والعربي وما سيتبع ذلك من انعكاسات على الحل السياسي في سورية و اليمن ولبنان والعراق ….

بقلم: المعارض السوري قاسم الخطيب