في اليوم الدولي لمساندة ضحايا التعذيب.. شهادات عن خفايا معتقلات “التنظيم” في الرقة

159

يحتفل العالم في 26 حزيران من كل عام باليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، وهو يوم لا يزال السوريين يكابدون الأمرّين فيه حتى يومنا هذا بين معتقل وضحية ومفقود في شتى أنواع السجون والمعتقلات، منذ انطلاق الحراك السلمي للشعب السوري 2012، واختيار النظام الحل الأمني والعسكري لقمع الانتفاضة الشعبية التي طالبت بالحرية والمساواة والعدل.

ولعل حقبة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” بين عامي 2014_2017 كانت الأشد وطأة بعد سجون النظام (تدمر- صيدنايا- فرع فلسطين- سجن المزة العسكري).

ينتظر (عبدالعزيز) البالغ من العمر 29عاما وهو معتقل سابق في سجن المرايا أحد سجون “التنظيم” في الرقة، دوره في عيادة طبيب للأمراض العصبية، بعد 8 أعوام من اعتقاله ويقول: “كنت طالبا في كلية الحقوق بجامعة تشرين في مدينة اللاذقية، ومنذ دخولي الجامعة عام 2013 ودخول الفصائل العسكرية إلى الرقة، لم آت إليها، فكان عليّ بعد 3 سنوات أن أعود لأهلي ومدينتي، بعد ضمانات من أحد الأصدقاء المقربين من “التنظيم” بعدم التعرض لي”.

وبالفعل بعد 10 أيام منذ وصولي المدينة، لم أتعرض لأي مساءلة أو مضايقة، لكن وفي ذات مساء وبالتحديد صيف عام 2016 طُرق الباب في ساعة متأخرة حوالي الساعة الثالثة فجراً، وحين فتحت الباب، وإذ بشخصين ملثمين سألوني عن اسمي، فأجبت فقالوا أنهم من المكتب الأمني، وعلي الذهاب معهم لأجل إجراءات روتينية عادية، وبالفعل ذهبت معهم .

يتابع، بعد مايقارب النصف ساعة وأنا معصوب العينين، دخلت إلى قبو مايقارب الطابقين، وتم تكبيل يدي اليسار وقدمي اليمنى وتوثيقهما إلى ساريتين في غرفة سقفها لا يتجاوز المتر ونصف، بقيت على هذا الحال لأكثر من 10 ساعات، دون أي تهمة أو حديث سوى تذكيري بالصلاة.

بعد تحقيق قارب الساعة ونصف من قبل شخص لهجته عراقية، وضعت في منفردة مظلمة، بعد أن تم توجيه تهمة لي بالعمالة لصالح النظام، كونني أدرس في مدينة اللاذقية، وذكر الأشخاص الذين درسوا وجالستهم معي خلال السنوات الـ3 من دراستي في جامعة تشرين.

“أبو شلاش “هو اسم أموت ولا أنساه وهو لقب الجلادين الذين تناوبو على تعذيبي “الشبح” ،الضرب بـ”الأخضر الإبراهيمي”، “التخت البريطاني”، “الشائك الساخن”.

يضيف عبدالعزيز: بقيت على هذا الحال لأكثر من شهر ونصف في مكان لا تعلم الليل من النهار سوى أوقات الصلاة،وهو ما أدخلني وأهلي في أزمة نفسية، مازلت أعانيها بالرغم من العلاج يؤكد نشطاء المرصد السوري في الرقة عن تعدد وسائل التعذيب في سجون تنظيم “الدولة الإسلامية”، وأبرزها كان (جحر الأرنب – الأفعى – البارلنغو – التخت البريطاني – الشبح – الإيهام بالغرق – الإيهام بالقصاص – بدلة الإعدام البرتقالية – الضرب المبرح – عصاة الكهرباء) بحسب شهادات متعددة من معتقلين سابقين في سجون “التنظيم”.

ضربوا إبني وطرحوه أرضاً، وابنتي أرادت أن تلقي بنفسها من النافذة حين اقتحم أمن “التنظيم” منزلنا، تقول السيدة (خ.ن) 57 عاما من الرقة، وهي إحدى المعتقلات في سجون “التنظيم”:” أمسكوا بولدي وطرحوه أرضا بعد أن طوقت أكثر من 10 سيارات للأمنيين منزلنا وصعدوا إلى المنزل ودخلوا عنوة، وطرحوا ولدي أرضا وانهالو عليه ركلاً وأخذوه، وحين سألتهم قالوا ستأتين معنا، وابنتي أرادت أن تلقي بنفسها من النافذة، لكنني استجمعت قواي وقلت “لا بأس ياابنتي سأذهب معهم لست خائفة”.

تتابع في حرقة بدموع شققت خدها وعيونها، وضعت في زنزانة مع معتقلة أخرى (ز.ش) وهي معلمة صف، “تم قتلها لاحقا ” بتهمة العمالة للنظام، وكانت تتحدث لي عن معاناتها بالسجن الانفرادي والتعذيب من قبل نساء “التنظيم”، أما أنا فقد تم تكبيلي يدي وقدمي الاثنتين وجلدي من قبل امرأة لهجتها كانت أقرب للتونسية أو المغربية، والأشد فتكاً كان هو سماعي لصراخ ولدي ذو الـ15عاما وهو يضرب بأشد ما يكون من قبل “أبو شلاش” جلاد النقطة 11 الأشهر.

تختم (خ. ن) قولها: “بقيت في السجن 7 أيام وخرجت بعد أن تبين لهم أن التقرير كيدي ومضلل بتهمة أنني اتواصل مع شخصيات موالية للنظام، طالبين مني “أن أسامحهم وهم بشر خطاؤون”.

شهدت فترة سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” في الرقة اختفاء وفقدان المئات من الناشطين والإعلاميين والسكان المحليين، منهم من تم تأكيد وفاته، ومنهم مازال ذويهم يبحثون عن أمل لقاءهم، أما ضحايا التعذيب فلم يتطرق المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية الوقوف على أوضاعهم وأحوالهم.