في اليوم العالمي للاختفاء القسري: مقيدون إلى حين معرفة مصير المختفيين والمغيبين

806

عجيب أن نولد أحرارا ويأتي من يقيدنا ويأبى أن نعيش بكرامة!. لم يسلم أحد في سورية من هول الاختفاء القسري والاعتقال والمعاناة في ظلّ وضع لا تُحترم فيه حقوق الإنسان ولا حريته ولا يتم الاكتراث بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.. ففي وطن مثقل بالهموم والآلام، تستمر المعاناة لأناس يتعايشون في واقع حالك مظلم ولا يحملون غير جعبة مليئة بالأمل، أمل الاستقرار والحياة، فالأخيرة باتت حلما في مناطق تُقصف وتُنهب بشكل يومي.

بعد أن تحولت الهبة الشعبية السلمية إلى أكبر حروب القرن الحالي بعد أن تمّت عسكرتها وتسليحها لتأتي على الأخضر واليابس ويستشهد فيها عشرات الآلاف ويُسجن آخرون ويختفي الآلاف دون معرفة مصيرهم إلى اليوم، لا تزال قضية المختفيين قسريا غامضة ولم تشهد أي تطورات من شأنها أن تطفئ لهيب الأهالي المكتوين بنار الحُرقة على أبنائهم في مصيرهم المجهول.

ومع الاحتفاء باليوم العالمي للمختفين يذكّر المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن ملف المغيّبين قسريا هو أكثر الملفات تأثيرا في مسار حلحلة النزاع السوري، وبرغم ذلك قوبل بنوع من الإهمال من قبل أغلب المنظمات الحقوقية محليا ودوليا، حيث تسعى بعض الأطراف إلى مزيد ردمه بين الرفوف حتى لا تكشف حقائق صادمة دفنت مع الضحايا وظلت كابوسا يلاحق كل من عايش مشاهد القتل والتعذيب والتنكيل..

وتقول إحصائياتنا إنّ أكثر من 105 آلاف معتقل قضوا تحت التعذيب داخل سجون النظام منذ 2011، ويقدر وجود نحو 200 ألف مفقود في سورية، نصفهم تقريبا في سجون النظام.

وتبقى الأعداد تقريبية ويرجح أنها أكثر بكثير من ذلك.

ولطالما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّ حلحلة ملف المختفيين قسريا قد يكون باب الحل السياسي، إذ لا يمكن الحديث عن استقرارٍ وعشرات آلاف العائلات لا تعرف مصير أبنائها.

ويذكّر المرصد السوري بأنّ البحث عن آليات دولية وأممية لكشف حقيقة الملف يعتبر بطيئا ولا يتماشى وتطلع السوريين لمعرفة الحقيقة، حيث إنّ أغلب المبادرات المطروحة من قبل منظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني لم تلاقِ الاهتمام الجدي لتمضي قدما في التنفيذ على أرض الواقع.

ويؤكد المرصد السوري أن تبني الأمم المتحدة مؤخرا قرارا لإنشاء مؤسسة مستقلة تحت رعايتها تُعنى بالمفقودين والمخفيين قسريا في سورية، أمر مهم إذا وجد طريقه نحو التنفيذ الحقيقي بمعية المنظمات التي تعمل في إطار هذا الملف وتوثّق ولديها داتا عملية قد تساعد الجهات الأممية في الوصول إلى الهدف.

ويشدد المرصد على أنّ معالجة ملف المختفيين في كامل الجغرافيا السورية وجب أن تؤخذ على محمل الجدّ تجسيدا للمواقف الإنسانية التي تناضل من أجلها الشعوب وفق مبادئ الأمم المتحدة، انطلاقا من كون العمل المنظم ضمن إطار وآلية واضحة قد يسهّل الوصول إلى حلول بعيدا عن سياسة المطالبات الجوفاء التي لا تؤدي إلى نتائج فعلية.

ويعزّ على المرصد وعلى كل صاحب ضمير حي، أن يظل ألاف السوريين في أقبية وسراديب مظلمة لا يعرف أحد مصيرهم.. يعز علينا أن نرى اللوعة تلف حياة السوريين بخصوص مصير فلذات أكبادهم وآبائهم وأمهاتهم الذين طالتهم أيدي الاعتقال والخطف والاختفاء في ظروف غامضة.. لقد خضنا حربا تعهدنا أن نتمسك فيها بأمل ولو ضئيل في أنهم على قيد الحياة ولم تبتلعهم المقابر الجماعية السرّية.. أمل أن يعودوا يوما ما إلى الديار.

ويعتبر المرصد أن حلحة الملف يتطلب إرادة سياسية دولية لمعرف حقيقة ماعاشه هؤلاء والمبادرة بإنشاء محاكم خاصة لمحاسبة الجناة.

ويؤكد المرصد أن قضية المختفين مركزية وهامة في المسار السياسي وتعتبر من المسائل فوق التفاوضية لأنها مسألة إنسانية بامتياز.

قال الزعيم الافريقي نيلسون مانديلا، إن العبيد فقط هم من يطلبون الحرّية، أما الأحرار فيصنعونها .. ونحن صنّاعها.