في ظل التصعيد الإسرائيلي.. اللاجئون السوريون في لبنان بين فكي كماشة انعدام المأوى ومخاوف العودة إلى مناطق النظام
يعيش اللاجئون السوريون في لبنان معاناة إنسانية كبيرة في ظل التصعيد الإسرائيلي الخطير والقصف المستمر، حيث يواجهون صعوبة في إيجاد ملجأ آمن بسبب الارتفاع الكبير في أسعار الإيجارات، التي تراوحت ما بين 200 إلى 400 دولار أمريكي للمنزل المتوسط في التجهيزات والخدمات، في الوقت الذي تنعدم فيه فرص العمل للسوريين وانخفاض حد الأجور الشهرية للعاملين حيث تبلغ ما بين 200 و300 دولار أمريكي، كما يعانون في ذات الوقت من غياب شبه كامل لدور المنظمات الدولية المعنية باللاجئين، التي كانت سابقاً تقدم لهم الدعم والإغاثة، إلا أن هذا الدور تراجع بشكل ملحوظ، مما أدى إلى تفاقم أوضاعهم المعيشية. ومع عدم توفر أماكن آمنة للهرب إليها، يجد اللاجئون أنفسهم أمام خيارات محدودة في مواجهة الظروف القاسية.
السوريون العالقون في لبنان الذين هربوا من ويلات الحرب المدمرة في سوريا، وجدوا أنفسهم أمام حرب أخرى في لبنان. يعيشون مرارتها بين فكي كماشة؛ فهم لا يستطيعون العودة إلى بلادهم خوفاً من الاعتقال والتعذيب والانتقام من قبل النظام وأجهزته الأمنية، نظراً لأن غالبيتهم من المعارضين للنظام، ويفضلون البقاء في لبنان رغم جميع الويلات التي يعيشونها من قصف مستمر ونزوح وتشريد وأوضاع إنسانية قاسية جداً على العودة إلى سوريا حيث ينتظرهم مصير مجهول وتخوفهم من الوقوع في الاعتقال والتعذيب على يد قوات النظام وأجهزته الأمنية أو أن يعيشوا في ظروف أقسى نتيجة انهيار الواقع الاقتصادي بشكل كامل ضمن مناطق سيطرة قوات النظام وتدهور الواقع المعيشي.
وفي الوقت ذاته، يواجهون صعوبات جمة جراء التصعيد الإسرائيلي المستمر، مما يدفعهم للنزوح الداخلي من بلدة إلى أخرى ومن مدينة إلى أخرى داخل لبنان. هذه الحركة المستمرة تزيد من معاناتهم اليومية، لا سيما بسبب عدم وجود مأوى لهم في ظل قلة عدد المنازل المتوفرة للإيجار وصعوبة الحصول عليها وإن وجدت بعضها، فإن أسعارها مرتفعة جداً إلى درجة لا يستطيع اللاجئون تحملها، ما يجعلهم يعيشون في ظروف مأساوية بلا حلول تلوح في الأفق.
وفي خضم هذا التصعيد، يشعر العديد من اللاجئين السويين في لبنان بأنهم متروكون لمصيرهم، ويخشى الكثيرون منهم أن تزداد الأوضاع سوءً إذا اندلعت الحرب بشكل أكبر بين إسرائيل و”حزب الله” في لبنان على نطاق واسع.
وفي ظل هذا السيناريو، قد تكون التبعات الإنسانية كارثية، حيث سيتعذر على المزيد منهم إيجاد ملجأ أو مأوى بأبسط المقومات، مما يجعلهم عرضة لخطر التشرد في بلد يعاني أصلاً من أزمة اقتصادية خانقة.
ولا تقتصر معاناتهم فقط في النزوح الداخلي بسبب كثافة القصف الإسرائيلي وعدم إيجاد مأوى، بل تستمر في ذات الوقت حملات الترحيل القسرية من قبل قوات الجيش اللبناني بحقهم ولاسيما في الشمال نتيجة سلسلة من التصريحات العنصرية من قبل مسؤولين لبنانيين ضد السوريين في لبنان والدعوة إلى ترحيلهم، حيث شهدت الأشهر الماضية العديد من حالات الترحيل لمئات السوريين من لبنان باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام في حمص وريف دمشق، كما أجبر الكثير على إخلاء منازلهم بدعوى أنها مخالفة وغير قانونية في العديد من المناطق في لبنان إضافة إلى إخلاء المخيمات التي تأوي لاجئين سوريين اختاروا لبنان البلد الجار للهروب إليه في أعقاب تصاعد حدة الأحداث في سورية في بدايات انطلاق الثورة السورية.
ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن، عدد الشهداء السوريين في لبنان ارتفع منذ بداية الحرب الإسرائيلية على غزة، إلى 34 بينهم 3 سيدات و8 أطفال، وإصابة 18 آخرين.