في مضايا بريف دمشق الناس يموتون جوعا بانتظار المساعدات
في مضايا المحاصرة في ريف دمشق، نسي الاف السكان المحاصرين منذ ستة أشهر طعم الخبز والأرز والحليب… وهم يشاهدون أحباءهم يموتون جوعا، بينما المساعدات الموعودة بموجب اتفاق الزبداني بين قوات النظام وفصائل المعارضة لم تصل.
وقالت مؤمنة ( 32 عاما) في اتصال هاتفي مع وكالة “فرانس برس”: “لم يعد هناك ما نأكله، لم يدخل فمي منذ يومين سوى الماء (…) حتى أننا بتنا نأكل الثلج الذي يتساقط علينا، أكلنا كل أوراق الشجر وقطعنا الجذوع للتدفئة، ونفد كل ما لدينا”.
وقال محمد (27 عاما) في اتصال آخر “نسينا طعم الخبز منذ أشهر”. ويضيف “الوضع مأساوي جدا، يجري تهريب عدد قليل جدا من المواد الغذائية بأسعار مرتفعة جدا، حتى أن سعر كيس الحليب بلغ أكثر من مئة دولار، وكيلو الأرز اكثر من 150 دولارا”.
وتحاصر قوات النظام والمسلحون الموالون لها قرى عدة في ريف دمشق منذ أكثر من سنتين، لكن تم تشديد الحصار على مضايا قبل حوالى ستة أشهر. وهي واحدة من اربع بلدات سورية تم التوصل الى اتفاق بشأنها بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة ينص على وقف لاطلاق النار وايصال المساعدات ويتم تنفيذه على مراحل عدة.
وبموجب الاتفاق، تم الأسبوع الماضي اجلاء أكثر من 450 مسلحا ومدنيا من الزبداني ومضايا المحاصرتين في ريف دمشق ومن الفوعة وكفريا الخاضعتين لحصار فصائل معارضة في محافظة ادلب في شمال غرب البلاد.
وشمل الاتفاق الذي تم برعاية الأمم المتحدة إدخال مساعدات الى من بقي في هذه البلدات، لكن المساعدات لم تأت.
وقالت مؤمنة “لم تدخل مساعدات (…) ولا أحد يجيبنا. نحنا جائعون، نموت من الجوع، وهم أيضا (في الفوعة وكفريا) يموتون جوعا. ليجد أحد حلا”.
وأضافت بلهجة يائسة “ليقل أحد لنا ما اذا كانت المساعدات ستدخل”.
ولا يعلم بالتحديد أسباب تأخر دخول المساعدات.
وذكر المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر الدولي في سوريا بافيو كشيسيك لوكالة “فرانس برس”: “نخطط لايصال مساعدات طبية وإغاثة إلى مضايا خلال الأيام المقبلة”، مضيفا “نأمل أن تتاح لنا إمكانية الوصول في أقرب وقت ممكن، ونحن ننسق حاليا مع الأطراف كافة”.
وتأوي مدينة مضايا، وفق الأمم المتحدة، الآلاف من السكان والنازحين. ويقول المرصد السوري لحقوق الانسان إن عدد السكان الحالي أربعون الفا، بينهم عشرون ألف نازح من مدينة الزبداني القريبة. وكلهم مدنيون، باستثناء 125 مقاتلا، بحسب المرصد.
وشن حزب الله اللبناني الذي يقاتل الى جانب قوات النظام، هجوما على الزبداني في تموز/يوليو، وحاصر المقاتلين المعارضين في وسطها، قبل أن يخرج قسم منهم أخيرا بموجب اتفاق الهدنة.
وذكر المرصد السوري أن قوات النظام السوري والمسلحين الموالين لهم زرعوا منذ أيلول/سبتمبر “الغاما في محيط مضايا، وفصلوها عن المناطق القريبة منها بالأسلاك الشائكة لمنع أي عملية تسلل منها وإليها”.
وأسفر الحصار المفروض على مضايا، بحسب المرصد، عن وفاة “23 شخصاً بينهم أطفال ونساء، قضى عشرة بينهم بسبب النقص في المواد الغذائية، وآخرون جراء الألغام أو إصابتهم برصاص قناصة أثناء محاولاتهم تأمين الغذاء أو جمع اعشاب عند أطراف المدينة”.
– نقص في كل شيء –
ووصف معاذ القلموني (25 عاما)، وهو صحافي من سكان مضايا، عبر الانترنت لـ”فرانس برس” الوضع بالقول “تحول الشباب والأطفال والنساء الى هياكل عظمية من الجوع… المدينة بحاجة لكل شيء”.
وقال “الناس يأكلون العشب والماء بملح أو بالنشاء.. لا يوجد شيء غير هذا”.
وتتناقل مواقع التواصل الاجتماعي صورا لاشخاص من مضايا بدا عليهم الوهن الشديد حتى أن عظامهم برزت بسبب نقص الغذاء.
وأوضح كشيسيك أنه تم إدخال مساعدات الى مضايا قبل ثلاثة أشهر، لكنها كانت الأولى منذ عامين.
وقال أنه رأى يومها “الجوع في أعين السكان (…) كانوا حقا جياعا”.
وأضاف “هناك نقص في كل شيء. منذ مدة طويلة، يعيش السكان في ظل غياب المواد الأساسية من طعام ودواء ولا يوجد حتى كهرباء أو مياه”.
وتابع “يستجدينا السكان من أجل حليب للأطفال (…) لأن الامهات غير قادرات على الرضاعة”.
وروى عبد الرحمن بدوره أن “الكثيرين من سكان البلدة المحاصرة لجأوا الى الاعشاب البرية، وآخرون يدفعون مبالغ طائلة لحواجز قوات النظام التي تحاصرهم مقابل بعض المواد الغذائية”.
وعرض البعض ممتلكاتهم للبيع مقابل مواد غذائية. وقال عبد الرحمن “عرض أحدهم سيارته للبيع مقابل عشرة كيلوغرامات من الأرز، لكنه لم ينجح في بيعها. في اليوم ذاته، توفي قريب له نتيجة سوء التغذية”.
– البرد الى جانب الجوع –
ويفاقم الشتاء الاوضاع سوءا.
وقال كشيسيك “بات على السكان اللجوء الى حلول صعبة جدا من اجل التدفئة بينها حرق المواد البلاستيكية أو النفايات، أي شيء يمتلكونه”.
وقالت مؤمنة “نشعل اليوم الأبواب والشبابيك وأكياس النيلون”.
وأضافت “نحن مدنيون لا علاقة لنا بالحسابات السياسية، (…) لتدخل المساعدات للأطفال والعجزة على الأقل”.
المصدر: فلسطين اون لاين