“قبـ ـور افتراضية بلا شواهد”.. زيارة المقا بر في العيد بمدينة الرقة
تعتبر زيارة المقابر خلال الأعياد أنها أولى الطقوس والعادات الاجتماعية التي يقوم بها السكان مصطحبين معهم أوراق نبات” الآس وزوهور الزنبق والجوري ودائمات الخضرة، في تراث اعتادته العوائل على مر السنوات.
وتعد مقبرتي ” حطين و تل البيعة ” الأكبر والأقدم للسكان المحليين منذ نشوء حاضرة المدينة مع وجود مقابر محلية في القرى والأرياف بالرقة.
ومع دخول تنظيم “الدولة الإسلامية” إبان سيطرته ما بين العامين “2014-2017” قام بهدم الشواهد في جميع المقابر بدعوى “البدعة والتبجيل ” والتي يعتبرها “أوثان وعرى جاهلية ” وتلك أدبيات التنظيم التي جرفت وهدمت جميع القبور في “تل البيعة وحطين ” وريف الرقة وضريح “عمار بن ياسر وأويس القرني، وابصة بن معبد”.
تقول السيدة “سعاد العبدلله 55 عاما للمرصد السوري :
أزور في كل عيد مقبرة تل البيعة ولا أظن أن شيئاً قد تبقى من جسد ابني وابنتي اللذان قتلا بضربة جوية في منطقة “فن الأندلس ” 2015، لكن ماتبقى من رفات قد تم جمعهما من قبل أهل الخير ودفنها في المقبرة، لكنني أزور تلك البقعة كي أجد مايذكرني بوجود أشياء منهما .
الذكرى وطيف عابر من قد تفي بالغرض “تتابع “سعاد “:
منذ عودتي للرقة بعد النزوح قمت ببناء قبر رمزي في المقبرة وأعرف حقاً أنه فارغ، لكنني أعالج نفسي بالذهاب إليه وأزوره كي لا أفقدهما أحياءً وأموات .
تشرع أم قتيبة 47 عاما بالدموع حين سؤالها عن ذهابها “لمقبرة حطين في الرقة قائلة:
اعتقل المكتب الأمني “أخي قتيبة 36 عاما في العام 2016 وتواترت أخباره تارة بأنه على قيد الحياة وتارة بالعراق “الموصل” وأخبار أخرى عن تصفيته لكن وبعد تحرير الرقة وخروج التنظيم 2017 أيقنت بأنه قد ذهب ولم يعد، توفي ابن أختي بانفجار لغم في مدرسة أبي تمام خلال عمله بالصحافة وهو وأخي قتيبة “المعتقل” من ذات المواليد وهو الأقرب شبها له، وأعود لقبر إسماعيل ودفنت ذكريات قتيبة مع إسماعيل كي أزوره في كل عام وأعايد روحه.
يشير الناشط “أسامة أبوعدي ” إلى واقع المقابر بالرقة ويقول :
المأساة التي مرت على السكان المحليين بالرقة قسمت أوضاعهم إلى فئات : منها “المقابر الجماعية الـ”25” التي اكتشفها “فريق الاستجابة الأولية ” ولم يتم تحديد هوية أغلبها “مايقارب 5000 جثة ” ودفن السكان لذويهم في الحدائق والمنازل ومن ثم جمعها في مقبرة “تل البيعة وحطين ” والتي هدم وجرف التنظيم جميع شواهدها وأضحت بلا معالم، أما الفئة الثالثة والتي “غابت وانقطعت أخبار المعتقلين ” منذ سيطرة التنظيم ومابعد .
ويضيف أبو عدي : السكان المحليون يرتادون المقابر كطقس روحاني معتاد حيث يجدون عزاءً لموتاهم ومفقوديهم وإن غابت الهوية والمعلوم من تلك المقابر والموتى.
\